“ياهلا ياعيد!” أقول له.
أُهديهِ زهرةَ ياسمين واحدة من شجيرتي الصغيرة المتّكئةِ على جدار الغربة..
أُهلِّلُ لمجيئه وأنا أغادرُ عتبةَ البيت لأتمشّى.
أرى طفلاً يتركُ كسرةَ خبزٍ على رصيفِ تمّوزَ المسافرِ بالعابرين.
فيقتنصُها سنجابٌ جائع..
يَتركُ بِدَورِهِ شيئاً من الفتافيتِ على الرّصيف.
يَتركُها لجائعٍ آخر..
ربّما يكون عصفوراً..
ربّما يكون نملةً..
ربّما يكون.. ويكون..
فكثيرةٌ هي الاحتمالاتُ العابرةُ لهذا الرصيف!
وهذا الرصيف هو الشّاهدُِ المُحايد..
كما هاتفي الجوّال..
على فصلٍ من فصولِ وَقعِ الحياةِ اليَوميّة..
حتّى في العيد!
تُباغِتُ سلّةَ أفكاري امرأةٌ عجوز منكسرةُ النّظرات!
أَراها تنحني.. تلملمُ فتافيتَ الخبز..
وتدسُّها خلسةً في فمها!
تنظرُ إليَّ بخجل فأُطمئنُها بلباقةٍ بأنني لم أرَ شيئاً.
أَوَدُّ لو أستطيعُ أن أضمَّها..
وأخبرَها بأنني أحترمُها أكثر من ملايين المنافقين..
النّاهبين..
الفاسدين..
أَوَدُّ أن أقولَ لها: “أنتِ امرأةٌ شريفةٌ.. نبيلةٌ.. سامية.. امرأةٌ جميلة!”
أوّاهِ ياعيد!
الجوعُ لا يرحم.. والدنيا تكتظّ بالجائعين!
ومِنْ يدِكَ البيضاءِ ها هيَ ذي تَهويْ.. ياعيدُ.. زهرةُ الياسمين!
أُسدِلُ الستارةَ على مسرحيةِ الرصيفِ الساخرةِ.. العبثيّة..
وأنسحبُ بخطواتٍ بطيئة..
ثمّ أركلُ بحذائي..
حصاةً صغيرةً.. صغيرة..
فتَطمُرُها كَومةٌ من أوراق الشّجرِ المتناثرةِ على الرّصيف!