رمضان في المخيلة الشعبية العربية.. أصوات وبرامج ارتبطت بالشهر الفضيل

اجتمعت دول العالم الإسلامي على استقبال شهر رمضان بتلاوة القرآن وأصوات وبرامج مميزة جعلت للشهر نكهته الخاصة في كل دولة.

يعدّ شهر رمضان الفضيل أحد المناسبات الدينية العظيمة إذ يجتمع العرب والمسلمون على الاحتفاء به وإحياء شعائره مهما تبدلت الأوضاع واختلفت الأزمنة، وتدهورت أو تحسنت الأوضاع السياسية والاقتصادية، حتى إن هناك أصواتا وبرامج ومسلسلات تلفزيونية بعينها ارتبطت في المخيلة الشعبية العربية والإسلامية بهذا الشهر المبارك.

ويكفي أن تدور الموسيقى التصويرية لهذه الأعمال في خلفية أي عمل فنّي حديث حتى يكتسب سحر الذكريات الدافئة التي عاشها المسلمون في تلك الأوقات. بل إن كثيرًا من الأصوات التي ميزت تلك الأزمنة تُستحضر اليوم لمحاكاة الأجواء القديمة بسحرها ورونقها الديني بمشاعر حنين عتيقة.

المقامات العراقية

ففي بلاد الرافدين هناك أعمال اندثرت وأخرى لا تزال مرتبطة بالشهر المعظم حتى يومنا هذا. وعلى الرغم من أن العراق عانى الكثير منذ الغزو الأميركي في 2003، فإن ذكريات الشهر الفضيل المترسخة في ثقافة البلد منذ القرن المنصرم لا تزال قادرة على بعث روح الكرم والتسامح في هذه الأيام المباركة.

وقد وظف العراقيون المقامات العراقية المميزة في تجويد القرآن وترتيله. وهناك قُرّاء ارتبطوا في المخيلة المحلية العراقية بروح رمضان ولا تزال أصواتهم تبعث في النفس حالة من الحنين الشديد إلى تقاليد وعادات الشهر المبارك أمثال الشيخ الحافظ خليل إسماعيل المجود، والمرتل المقامي الذي يعدّ شيخ القراء العراقيين.

مائدة إفطار بلاد الحرمين

وبالتوجه نحو الجزيرة العربية نجد أن بلاد الحرمين كانت ولا تزال القبلة التي يتوجه إليها المسلمون كافة في هذا الشهر المبارك بحكم وجود الحرمين الشريفين. وقد ارتبط رمضان في التراث الشعبي لأهل الحجاز بأصوات وبرامج معينة، مثل برنامج “على مائدة الإفطار” للشيخ الفقيه علي الطنطاوي الذي يعدّ أطول برنامج عربي ديني إذ استمر عرضه 25 عاما على التوالي.

وارتبط الشهر المعظم في خيال الناس بأصوات قُرّاء الحرمين الشريفين أمثال الشيخ علي جابر والشيخ عبد الله الخليفي وغيرهم، كما لا يزال برنامج “حروف” -الذي كان يُقدم بانتظام في تلفاز المملكة- أحد البرامج التي ارتبطت برمضان. هذا كله فضلا عن مسلسل “طاش ما طاش” الذي يعد اليوم من العلامات الفنية الفارقة في تاريخ الكوميديا في بلاد الحجاز.

ذكريات الشام

وبالتحول نحو الشام، فإن برنامج “سؤال عالماشي” الذي كان يعرض على التلفاز العربي السوري لا يزال شاخصًا في أذهان الكثيرين بوصفه أحد ذكريات رمضان الجميلة، كما أن “أهلا وسهلا رمضان” البرنامج الغنائي اليومي لم يُغادر المخيلة الشعبية السورية قط. وهناك أيضًا برنامج المسابقات الشهير “ما هو المسلسل؟”، وبرنامج “مساء الخير” -الذي كان يعرض قديمًا وقت الإفطار- اللذان يتمتعان بقبول شعبي راسخ في نفوس أهل الشام حتى يومنا هذا.

وفي ما يتعلق بترتيب مائدة الإفطار كان برنامج “طبق رمضان” يحظى بأعلى المشاهدات مع أنه يعدّ بسيطًا مقارنة بالبرامج المعاصرة التي تعرض حاليًا.

والأمر نفسه في الأردن الذي يُعيد فيه وسط عمان ذكريات رمضان التي طُبعت في أذهان أهل البلد على مرّ العصور، ففي باحة المسجد الحُسيني تختلط أصوات المنشدين والمرتلين بنفحات رمضان وشعائره.

وبالعروج على مصر، نجد أصواتا بعينها وبرامج وأغاني لا يتوقف صداها مهما مرّ عليها الزمان. وتأتي في المقدمة أغنية “رمضان جانا”، لعبد المطلب، التي لا تفارق الاحتفالات بهذا الشهر الفضيل في مصر أبدا، كما أن أصوات منشدين بعينهم ارتبطت ارتباطًا وثيقا بهذا الشهر المعظم ومنها تواشيح النقشبندي وتلاوات مصطفى إسماعيل والمنشاوي والحصري ومحمد عمران وبرنامج الشيخ محمد متولي الشعراوي لتفسير القرآن.

وكذلك برامج مثل “فوازير شيريهان” و”فطوطة لسمير غانم”، و”ليالي ألف ليلة” لا تزال إلى اليوم تبعث حالة من الشجن والحنين إلى ليالي الشهر المبارك التي عاشها المصريون في الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم. وبالطبع لا يمكن العروج على ذكريات مصر الرمضانية دون الوقوف على مسلسل بكار الذي كان يُعرض على مدى سنوات عدة بعد أذان المغرب وبرنامج المسحراتي لسيد مكاوي.

الخيال على موائد رمضان

وفي المغرب العربي وشمال أفريقيا لا يختلف الوضع عن بقية الدول العربية، فقد احتفظت برامج لنفسها بمركز الصدارة في قلوب شعوب تلك المنطقة.

ففي ليبيا، كان للشهر طعمه الخاص في التسعينيات من القرن الماضي على الرغم من العقوبات التي كانت مفروضة على البلد في ذلك الوقت. وقد حفر برنامجا “حديث الريشة على المائدة”، و”لمة سمر” لنفسيهما مكانة خاصة في وجدان الليبيين، كما ارتبط برنامج “معزوفات ضوئية” و”حكايات البسباسي” بالشهر الفضيل في الخيال الشعبي الليبي.

ومن ليبيا إلى الجزائر حيث برنامج المسابقات “خاتم سليمان”، مرورًا بتونس حيث تعيش الكاف أجواءها الرمضانية على لحن “سبحان يا رمضان من أنزل القرآن”.

وحتى في السودان وموريتانيا والمغرب ودول الخليج واليمن وعمان وقطر والبحرين وفلسطين، كل تلك الدول مجتمعة استقبلت الشهر الفضيل واحتفلت به بتلاوت وأصوات وبرامج جعلت للشهر نكهته الخاصة في كل دولة.

المصدر : مواقع إلكترونية + الجزيرة

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

“إشراقات”: أدونيس يراهن على الأصوات الشعرية الجديدة

يدهشنا أدونيس في رهانه على الشعر العربي الجديد، في وقت يتراجع حضور الشعر إلى أقصى درجات العزلة، فهذا الشاعر التسعيني الذي أسهم في إطلاق موجة الحداثة الشعرية العربية في ستينيات القرن المنصرم بما يشبه العاصفة ما زالت شهيته مفتوحة على المغامرة والاكتشاف، وذلك بإشرافه على سلسلة شعرية بعنوان "إشراقات"..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
28 − 21 =