آراء مغاربية – ليبيا | اتفاق “تاريخي” لوقف دائم لإطلاق النار في ليبيا

ستيفاني ويليامز: “سيتم ترحيل كافة المقاتلين والمرتزقة خلال 90 يوماً بعد تشكيل حكومة موحدة”.

وقّع طرفا النزاع الليبي على “اتفاق دائم لوقف إطلاق النار” في جميع أنحاء البلاد، الجمعة، بعد محادثات استمرت خمسة أيام في جنيف.
ولاقى الاتفاق ترحيبا دوليا كبيرا، اذ قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه “خطوة أساسية نحو السلام والاستقرار” في الدولة لكن هناك الكثير من العمل الشاق في الانتظار، وناشد كل الأطراف المعنية والقوى الإقليمية احترام بنود الاتفاق وضمان تنفيذه دون تأخير”.

ورحّب المتحدث باسم شؤون سياسات الاتحاد الأوروبي الخارجية بيتر ستانو بالإعلان داعيا إلى تطبيقه واستئناف محادثات السلام.
وقال إن “اتفاق وقف إطلاق النار بشكل دائم أساسي لاستئناف الحوار السياسي”، مؤكدا أنه “من المهم جدا كذلك بأن يطبّق هذا الاتفاق”.
ونقلت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا عبر صفحتها الرسمية بفيسبوك مراسيم توقيع الاتفاق بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في مقر الأمم المتحدة بجنيف، بحضور رئيسة البعثة الأممية للدعم في ليبيا، ستيفاني وليامز.
واعتبرت أنّ هذا الإنجاز يمثل نقطة تحول هامة نحو تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.
ورحبت الخارجية المصرية بالاتفاق الليبي، حيث اعتبر المتحدث الرسمي باسم الوزارة أحمد حافظ أنّ “النجاح الذي تحقق اليوم جاء استكمالا لأول اجتماع مباشر استضافته مصر في الغردقة نهاية سبتمبر الماضي.
وثمّن اتفاق العسكريين الليبيين على الحفاظ على الهدوء في الخطوط الأمامية، وتجنب التصعيد، ودعا الدول المنخرطة في الشأن الليبي إلى الاسهام في الجهد الحالي، وضمان عدم التصعيد.
وعبر حافظ عن تطلع مصر إلى مواصلة الجهود ذات الصلة بالمسار السياسي ودعم جهود المبعوثة الأممية إلى ليبيا لتحقيق الهدف الرئيسي، وهو ضمان استقرار ليبيا والحفاظ على سيادتها وسلامة ووحدة أراضيها مع ضرورة خروج القوات الأجنبية من البلاد.
من جانبها، وصفت ألمانيا التي تعمل كوسيط في البحث عن تسوية سياسية للنزاع في ليبيا، اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بأنه “أول نجاح حاسم” في ذلك الاتجاه.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان إن المفاوضات الجارية “أساس جيد لإيجاد حل سياسي مقبل”.
واعتبر رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية فائز السراج، الجمعة، أنّ الاتفاق “يمهد الطريق لنجاح بقية مسارات الحوار”.
وقال إن “اتفاق وقف إطلاق النار الدائم يحقن الدماء ويرفع المعاناة عن المواطنين ويمهد الطريق لنجاح مسارات الحوار الأخرى الاقتصادية والسياسية”.
وسارع الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، الذي يصر على التدخّل في الشأن الليبي بدعم حكومة الوفاق بالأسلحة والمرتزقة، إلى التشكيك في مصداقية الاتفاق الليبي معتبرا أنه “ليس اتفاقا على أعلى مستوى وستُظهر الأيام مدى صموده”.
وأردف: “أتمنى أن يتم الالتزام بهذا القرار لوقف إطلاق النار”.
وقالت ستيفاني ويليامز في كلمة إثر توقيع الاتفاق إنّ هذه “اللحظة سيسجلها التاريخ” محيية الفرقاء الليبيين على “شجاعتهم للمشاركة في المحادثات لاتخاذ خطوات ملموسة والتزامهم بالاجتماع للتوصل لاتفاق يوفر مستقبلا أفضل وأكثر أمانا وسلما للشعب الليبي”.
وأشارت ويليامز إلى أنّ “الطريق للاتفاق كان طريقا صعبا، لكنّ الليبيين نجحوا في التوصل إليه، فلا أحد غيرهم يحب الوطن أكثر منهم ويعرف مصلحة الليبيين مثلهم”.
وشدّدت المبعوثة الأممية على تسوية شاملة للأزمة الليبية التي طال أمدها، وأضافت ” أمامنا أسابيع لتنفيذ مخرجات هذا الاتفاق وتخفيف المشاق التي تسبب فيها هذا النزاع للشعب الليبي”.
وتعاني ليبيا منذ 2011، صراعا على الشرعية والسلطة بين حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج بالعاصمة طرابلس (غرب)، والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، المدعوم من مجلس نواب طبرق (شرق).
من جانبه، قال رئيس وفد الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق أحمد أبو شحمة، إنّ هذا الاتفاق “سيكون السبب الرئيسي لوقف نزيف الدم والنزاع المسلح والسبب في الأمن والاستقرار داخل التراب اللبيي”.
ودعا الجيش الليبي والمؤسسة العسكرية إلى بذل قصارى جهدهم لإعادة بناء المؤسسة العسكرية لتكون “اليد التي تضرب بقوة كل من يريد زعزعة الأمن والاستقرار في ليبيا”.
وتابع: ” أدعو السياسيين إلى أن يكونوا يدا واحدة ولا تجذبهم تيارات أخرى حتى يتحقق الاستقرار السياسي والعسكري، لأنّه الضامن لبناء الوطن ويصل به إلى الاستقرار”.
وأضاف “لا مانع لدينا من أن يتم التعاون مع الدول الأخرى لبناء البلاد سواء عسكريا أو سياسيا”.
وكانت ويليامز أعربت الأربعاء الماضي، عن تفاؤلها بالمفاوضات واللقاءات التي تجري بين أطراف الصراع على عدة أصعدة، مرجحة أن يستمر المناخ الإيجابي، وهو ما أسفر بالفعل عن التوصل إلى اتفاق في النهاية.
وأعلنت أن المجتمعين في جنيف توصلوا إلى توافق حول العديد من القرارات الهامة، منها ضرورة الاستمرار في خفض التصعيد العسكري، فضلاً عن فتح المسارات الجوية والبرية، مشدّدة على أن التدخل الخارجي في ليبيا كبير جدا وغير مقبول.
وأوضحت أن الفرقاء اتفقوا خلال الجولتين الأوليين من مفاوضات اللجنة الأمنية 5+5 على ضرورة رحيل كافة المقاتلين والمرتزقة لأي جهة انتموا من البلاد، خلال 90 يوماً، بعد تشكيل حكومة موحدة.
وكشفت أن الأطراف الليبية توصلوا بالفعل إلى إجراءات لبناء الثقة بينهم، مضيفة أن هناك تفاؤلا كبيرا في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، و هو ما حدث لاحقا بالفعل.
وتم بحث العديد من التفاصيل المهمة في اجتماعات اللجنة العسكرية المشكلة من قبل 5 مسؤولين عسكريين من طرفي النزاع في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية،
وكان الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أكد الأحد التزامه بوقف إطلاق النار من أجل إنجاح العملية السياسية وقطع الطريق على الأطراف المستفيدة من بث الفوضى في البلاد.
ورحب الجيش الليبي في بيان بـ”أي تقارب بين الليبيين من أجل إنهاء الأزمة على كافة الأصعدة”.
وأضاف “نضع إمكانيات القيادة العامة تحت تصرف الشعب الليبي لإنجاح الحل الليبي – الليبي من أجل الاتفاق والتوافق على الحلول الناجحة المبنية على الثوابت الوطنية والنوايا الطيبة”.
وجدد الجيش الليبي دعمه لكل تقارب بين الليبيين من أجل إنهاء الأزمة، مؤكدا التزامه بوقف إطلاق النار من أجل إنجاح العملية السياسية، مقابل استعداده للرد في حال وقوع أي استفزاز.
وشهدت الأزمة الليبية مؤخرا عددا من اللقاءات التي عقدت في المغرب والقاهرة بهدف إنجاح الحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين.
وتتولى “اللجنة العسكرية المشتركة 5+5” التي تضم ضباطا يمثلون طرفي النزاع “مراقبة وقف إطلاق النار بإشراف الأمم المتحدة”.
وهذه اللجنة هي إحدى ثمار مؤتمر برلين الدولي الذي عقد في 19 يناير الماضي للبحث في سبل إنهاء النزاع في ليبيا.
ومن مهام اللجنة المشتركة الاتّفاق على شروط وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب قوات الطرفين من بعض المواقع، وتوصلت اللجنة في أغسطس الماضي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفرقاء الليبيين إلا أنّ حكومة الوفاق خرقت الاتفاق بتعلّة هجوم الجيش الوطني الليبي على مراكز تابعة لها.

فضاء الآراء – الأمم المتحدة جنيف

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

الدين والدولة في المغارب

يخيّل إليّ أن النقاش الفكري والسياسي، الذي خيض في الدول المغاربية منذ فترات الاستقلالات الوطنية الأولى، عن علاقة الدولة الوطنية بالدين الإسلامي، لم ينبن على أي أساس ديمقراطي، بل هو بالأساس تحكّمي تمنطق بالشرعية التي فازت بها القوى السياسية والمسلحة التي كافحت من أجل الاستقلال ومن إملائها، في بعض الحالات، بالقوة التحكّمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
8 × 27 =