سارة مارديني و23 متطوعا آخرين قيد المحاكمة في اليونان بتهم تتراوح بين تهريب البشر والتجسس

مازالت السلطات اليونانية على موقفها من محاكمة نشطاء ومتطوعون في مجال إنقاذ المهاجرين، بقضايا تتراوح بين مساعدة شبكات تهريب البشر والتجسس على خفر السواحل اليوناني. القضية لاقت الكثير من الانتقادات من منظمات حقوقية عدة، خاصة وأنها تسعى لمعاقبة مهاجرين اضطروا لقيادة الزوارق أو متطوعين سعوا لإنقاذ الأشخاص في بحر إيجه.

ثلاثة شبان من أفغانستان والصومال يقبعون حاليا في سجون جزيرة كيوس اليونانية، حيث يقضون عقوبات بالحبس تتراوح بين 50 و142 عاما.

هؤلاء لم تتم إدانتهم بجرائم جنائية أو عنيفة، بل كانت تهمتهم التي يقضون العقوبة حاليا بسببها هي توجيه زوارق مطاطية إلى البر اليوناني تحمل مهاجرين، بعد أن قالوا إن المهربين تخلوا عنهم في وسط بحر إيجه، الفاصل بين تركيا واليونان.

بالنسبة للمتهم الصومالي، صاحب أطول فترة سجن بين الثلاثة والتي تبلغ 142 عاما، وأثناء حديثه مع صحفيين ومشرعين أوروبيين زاروه والمتهمين الآخرين في السجن، قال “لم أكن أعتقد أن إنقاذ الناس جريمة”.

أحد المتهمين الأفغان قال للزوار الأوروبيين إنه لم يكن أمامه خيار سوى قيادة القارب. أجبره المهرب على استلام الدفة بعد أن ضربه وهدده بمسدس قبل أن يترك الزورق وسط الأمواج الهائجة.

وأوضح المهاجر أنه خوفا على حياتهم بعد فرار المهرب، تخلى ما يقرب من 36 راكبا مذعورين عن سعيهم للوصول إلى اليونان. يقول إنه اتصل بخفر السواحل التركي مرارا من أجل إنقاذهم. لكن عند وصول زورق الدورية التركي، حام حول قارب المهاجرين بحدة، ما أدخل الماء إلى الزورق ودفعه تدريجيا باتجاه اليونان. وسط الفوضى، سقطت امرأتان في البحر وغرقتا.

أنقذ خفر السواحل اليوناني الناجين، وساعد الشاب الأفغاني المهاجرين الآخرين على الصعود لقارب الإنقاذ. اعترف بقيادته للقارب بعد مغادرة المهرب دون أن يخطر بباله أن يؤدي ذلك به إلى محاكمته كمهرب.

ألكسندروس جورجوليس، أحد المحامين الذين يمثلون السجناء الثلاثة، قال “من غير الممكن أن يكون شخص ما أتى لطلب اللجوء في اليونان مهددا بمثل هذه الأحكام القاسية لمجرد أنه أُجبر، بسبب الظروف أو الضغط، على تولي قيادة قارب”.

المتطوعون وعمال الإغاثة في مرمى النيران

ولم يسلم المتطوعون وعمال الإغاثة من الملاحقات القضائية أو التهديدات بإجراءات جنائية، في إطار خطة السلطات اليونانية، ودول أخرى، لردع المهاجرين وطالب اللجوء.

واعتبارا من غد الخميس 18 تشرين الثاني/نوفمبر، ستبدأ محاكمة لاجئة سورية و23 متطوعا على جزيرة ليسبوس، شاركوا في عمليات إنقاذ مهاجرين في اليونان أثناء أزمة الهجرة عام 2015، بتهمة المساعدة على “الهجرة غير القانونية”.

ومن المدعى عليهم شابة تدعى سارة مارديني، لاجئة سورية تعيش حاليا في ألمانيا، اشتهرت بإنقاذها مهاجرين في بحر إيجه مع شقيقتها يسرى، السباحة الأولمبية، وشاب إيرلندي يدعى شون بايندر.

وأوقف بايندر ومارديني ووضعا قيد السجن الاحتياطي لحوالي 100 يوم عام 2018 قبل أن يتمّ الإفراج عنهما بكفالة ويغادرا فورا اليونان. وقال محاميهما هاريس بيتسيكوس لوكالة الأنباء الفرنسية إنهما يواجهان عقوبة السجن خمس سنوات.

وكان الناشطان عضوين في منظمة “المركز الدولي للاستجابة للطوارئ” (International Emergency Response Center)، التي كانت تنشط في بحر ايجه حتى 2018. وتمّت ملاحقتهما مع متطوعين آخرين بتهمة “المشاركة في منظمة إجرامية” للمساعدة على “الهجرة غير القانونية”.

وبحسب القرار الاتهامي، فإن أعضاء هذه المنظمة كانوا يقدّمون “مساعدة مباشرة لشبكات تنظم تهريب مهاجرين” بين 2016 و2018، وبعضهم ملاحق بتهمة “التجسس” لتنصّتهم على أجهزة اللاسلكي التابعة لخفر السواحل اليونانيين والوكالة الأوروبية لحرس الحدود (فرونتكس)، بحسب ما جاء في بيان لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، التي أشارت إلى أن هذه الأجهزة لم تكن مشفرة.

وفي تقرير مؤلف من 86 صفحة، تتهم الشرطة اليونانية المتطوعين أيضا بأنهم أعضاء في منظمة إجرامية قدمت نفسها كمنظمة غير حكومية بهدف التربح من خلال جلب أشخاص بشكل غير قانوني إلى اليونان. جاءت الاتهامات عقب تحقيق للشرطة استمر ستة أشهر، وصفته جماعات حقوقية بأنه “هزلي”.

“بيادق يتلاعبون بنا”

أشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أن سارة مارديني لن تكون موجودة الخميس في جزيرة ليسبوس، إذ إن السلطات اليونانية رفضت رفع منع دخولها إلى البلاد.

وقالت الشابة السورية في مقطع فيديو نشرته منظمة العفو الدولية “على الأقلّ لم نعد قيد الاعتقال”، لكننا “نريد أن ينتهي ذلك. نحن مرهقون جدا” بعد هذه السنوات الثلاث “القاتمة”. وأضافت مارديني خلال وصفها عملية توقيفها عام 2018، “اعتقدت أنني في لعبة شطرنج ونحن كنا فيها بيادق وكانوا يتلاعبون بنا”.

وكانت مارديني قد اشتهرت قبل ثلاث سنوات بإنقاذ مهاجرين على متن القارب الذي كانت تستقله، بعد أن قفزت وشقيقتها يسرى في الماء ودفعتا القارب إلى شاطئ جزيرة ليسبوس. وكانت شركة “نتفليكس” لإنتاج الأفلام والمسلسلات أعلنت أنها ستطلق عملا على قناتها من إخراج البريطاني ستيفن دالدري، يخلد تلك الحادثة.

في المقابل، سيكون شون بايندر متواجدا في ليسبوس. وتحدث في فيديو العفو الدولية عن توقيفه موضحا إلى أي مدى كان “فظيعا” أن يكون مسجونا “فقط لمحاولة مساعدة الناس”.

وقال لصحيفة “الأوبزرفر” البريطانية “لا يوجد شيء إجرامي أو بطولي في مساعدة الأشخاص المنكوبين في البحر. من الناحية القانونية والأخلاقية، هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.”

وأضاف “أعتقد أنه من المهم الطعن في هذه المحاكمات وعدم قبول اعتبارنا مهربين أو جواسيس لأنني قدمت الإنعاش القلبي الرئوي، (أو) في كثير من الأحيان مجرد ابتسامة لشخص في محنة… من غير المعقول أن يتم تصويرنا كمجرمين. أنا لا أقبل ذلك… لا يهم من أنت، فأنت لا تستحق أن تغرق في البحر “.

تهم لا أساس لها”

يقول زكرياس كيسيس، المحامي الذي يرأس الفريق القانوني للنشطاء في أثينا “التحقيق في الجنايات التي تحمل فترات سجن أطول لا يزال مستمرا. هذا الأسبوع ستتم محاكمتهم بتهمة لا أساس لها، استخدام تطبيق واتساب لنشر معلومات حول تدفقات المهاجرين”.

ونظرا لخطورة التهم، قام الفريق القانوني بالاتصال بنقابات المحامين في أمريكا وبريطانيا للحصول على المشورة. “لقد درسوا ملف القضية وخلصوا إلى أنه لا يوجد أساس قانوني للاتهامات، وأن هدفها هو ردع المتطوعين…”.

ويصر كيسيس على أن عمال الإغاثة “أهداف سهلة” في جزر المواجهة، حيث كان هناك ضغط محلي واسع النطاق ضد المنظمات غير الحكومية. وقال المحامي “تعود بعض التهم إلى عام 2016، عندما لم يكن شون ولا سارة في اليونان. هذا سخيف.”

ووفقا للعفو الدولية، فإن “التحقيق ضد سارة وشون ليس حالة معزولة، فهو يرمز في اليونان وأوروبا للاستخدام المفرط للقوانين لملاحقة أشخاص يقدمون المساعدة أو يتضامنون مع اللاجئين والمهاجرين”.

ووفقا لوكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية، بدأت كل من ألمانيا وإيطاليا ومالطا وهولندا وإسبانيا واليونان 58 تحقيقا وإجراء قانونيا منذ عام 2016، ضد كيانات وأشخاص شاركوا في عمليات البحث والإنقاذ.

فضاء الآراء – مهاجر نيوز

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

مجلس الأمن يفجّر الخلافات الأميركية – الإسرائيلية.. كيف قرأت “إسرائيل” الامتناع عن استخدام الفيتو؟

في اليوم الـ172 للحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة واليوم الـ16 من رمضان، رحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقرار مجلس الأمن الدولي بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وطالبت المجلس بالضغط على الاحتلال للالتزام بتطبيقه "ووقف حرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
20 − 19 =