المغرب.. حكومة الكراكيز وحراك الريف

بعد ستة أشهر من التعتيم الإعلام على حراك شباب إقليم الحسيمة، وبعد استفراغ المخزن لجهوده في وضع سكة الأغلبية الحكومية وبرنامجها وتشكيلتها على ما يرتضيه، اجتمع يوم الأحد 14 ماي بشكل عاجل وغير مرتب لقاء للأغلبية صحبة وزير الداخلية الراعي الرسمي للدكاكين السياسية يحاولوا وضع خارطة طريق لإيقاف حمى الريف التي ما تلبث أن تعادي باقي المناطق !

وحتى يتم وضع حد لها كان من الضروري عليهم أن يلفقوا لها ما ليس فيها، ويسوقوها على الشكل الذي يكرهه المواطنون فيسحبوا تعاطفهم معها ومع مطالبها الشعبية، الملخصة في المطالب الاجتماعية البسيطة لإقليم ظل طي العزلة والتهميش ل60 سنة، بعد أن خرج من حرب الاستقلال وتصفيات ما بعد الاستقلال مثخنا بالجراح والآلام.. آلام لازال أبناء الإقليم يذكرونها ويحكونها لأبنائهم جيلا بعد جيل !

هذه الآلام هي التي طبعت الملف المطلبي أبناء إقليم الحسيمة، والتي لخصت في إقامة مستشفى جامعي للأمراض السلطانية، كون المنطقة تعرف انتشارا واسعا لهذا الداء بسبب الغازات السامة التي أباد بها الانتداب الاسبان بتعاون مع الاستعمار الفرنسي ابناء منطقة الريف الذين كانوا يناصرون ثورة الامير محمد بن عبد الكريم الخطابي. بالإضافة إلى المطالبة بانشاء جامعة واستثمارات فضلا عن الوقوف ضد الفساد والريع والظلم المنتشر فيها والمسلط على رقاب الضعاف والمساكين والفقراء، والذي جراءه فقد الريف قبيل الحريك أحد أبناءه (الشهيد محسن فكري)،وفي مقدمتهم مافيا العقار.

كما يطالبون فضلا عن هذا برفع ظهير العسكرة الذي يجعل المنطقة غير مرغوب فيها من طرف المستثمرين الاجانب، واعلان منطقة الحسيمة منطقة منكوبة، حتى تستفيد من رعاية خاصة تروم النهوض بها اقتصاديا واجتماعيا !

كل هذه المطالب ولاتزال الجهات الرسمية وفي واجهتهم احزاب الاغلبية أن تجعل من حراك الحسيمة حراك سياسيا، يستبطن دعوى الانفصال. بل لم يقفوا عند هذا الحد واتهموا نشطاء الحراك بتلقيهم دعما خارجيا، وذلك من خلال بث بعض (الكتبة) من الجرائد المحسوبة على المخزن ليتهموا بشكل مباشر الذمة المالية لقادة الحراك، والساهرين على تنظيم أشكاله النضالية. بل وتجاوزا هذا لتخرج إحدى المواقع فتتحدث وقوف الجزائر وراء ما يقع، وتتحدث أخرى عن رفض الحسميين لهذا الحراك ووقوفهم ضده، والادهى منه ما كتبته إحدى المنابر المغمورة وهي تتهم ان الساهرين على الحراك يخرجون الناس بالقوة ويهددونهم ويعبثون بأمتعتهم وأموالهم ويخربونها في حالة الرفض.

كل هذا ولم تنتهي الجرائد عند هذا الحد بل خرج منبر الشرعي ليتحدث عن وجود خلاف حاد بين ناصر الزفزافي ومرتضى اعمراش، وكل هذا من أجل بث ما يمكن أن يقتل الحراك من الداخل. وتطعيم ذلك من الخارج من خلال التضييق على النشطاء، وهو ما رأه الكثير من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي في بث مباشر بث من خلال صفحة الناشط ناصر الزفزافي، حيث رأينا جميعا كيف أن السلطة كانت تحاول منع وعرقلة قافلة يقودها ناصر بنفسه إلى ضواحي إقليم الحسيمة.

عند هذا الحد نكتفي من إيراد الاحداث التي تؤكد عقلية البوليس المتعششة في عقل سلطتنا، ونطرح السؤال التالي:

إلى أين تتجه الدولة بحراك الريف؟ وما الذي تريده منه؟ هل تريد الدولة أن تصنع من الريف بوليزاريو آخر في شمال الدولة بعدما أتعب كاهلنا وكاهل الدولة بوليزاريو الجنوب؟

يجب أن تعمل الدولة العقل وأن تستوعب الدرس جيدا ! لا سبيل إلى توقف المطالب دون الاستجابة العقلانية لها، استجابة تروم إشراك المواطنين بدل الاستئثار بالقرار في حدود زمرة قليلة من النافذين، وهذا الاشراك لن يكون إلا بمؤسسات تمثيلية حقيقة وديمقراطية غير شكلية !

وأخيرا التهميش لا ينتج إلا السخط والنقم..

حمزة الوهابي / موقع لكم

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

الدين والدولة في المغارب

يخيّل إليّ أن النقاش الفكري والسياسي، الذي خيض في الدول المغاربية منذ فترات الاستقلالات الوطنية الأولى، عن علاقة الدولة الوطنية بالدين الإسلامي، لم ينبن على أي أساس ديمقراطي، بل هو بالأساس تحكّمي تمنطق بالشرعية التي فازت بها القوى السياسية والمسلحة التي كافحت من أجل الاستقلال ومن إملائها، في بعض الحالات، بالقوة التحكّمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
28 − 27 =