طردت حركة طالبان من السلطة قبل عشرين عاما لسماحها للقاعدة بتدبير اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 من أراضي أفغانستان. ومن المتوقع الآن أن تعتمد الحركة بعد استعادتها السيطرة على البلاد نهجا أكثر حذرا، ولو أنها تبقي روابط وثيقة مع التنظيم الجهادي.
في مفاوضاتهم مع الأميركيين، وعد المسؤولون الجدد لافغانستان بعدم حماية مقاتلي تنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن والمسؤول عن أكبر اعتداء يرتكب ضد قوة غربية.
لكن هذا الوعد لم يعد يقنع أحدا الآن.
قال مايكل روبن المسؤول السابق في البنتاغون وهو الآن باحث في معهد أميركان إنتربرايز “لم تكن طالبان أبدا صادقة بشأن قطع العلاقات مع القاعدة وما كان يجب أن نصدقها أبدا”. وأضاف “نحن لا نتحدث عن مجموعتين عسكريتين تقطعان العلاقات انما عن شقيقين، أو نسيبين”.
وأضاف لوكالة فرانس برس أن “وجود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي منع القاعدة من استخدام أفغانستان كملاذ ولم يتمكنوا من القيام بانشطة علنا. الآن باتت الأمور مفتوحة”.
والروابط بين هذين الفرعين من الإسلاميين المتطرفين مصدرها التاريخ القديم، إذ كان والدا سراج الدين حقاني والملا يعقوبي وهما مسؤولان كبيران في طالبان، على صلة ببن لادن. وتلقى زعيم طالبان هيبة الله أخوند زاده الإشادات من جانب آخر ووصفه زعيم القاعدة أيمن الظواهري عند تعيينه في 2016 بأنه “أمير المؤمنين”.
توصل إدموند فيتون براون منسق فريق الأمم المتحدة المكلف مراقبة تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة وطالبان الى النتيجة نفسها في شباط/فبراير الماضي وقال لشبكة “ان بي سي” الأميركية “نعتقد أن القيادة العليا للقاعدة لا تزال تحت حماية طالبان”.
لكن الطبيعة الدقيقة للروابط بينهما في الأشهر المقبلة لا يزال يتعين تحديدها. لا يمكن لطالبان أن تسمح بالخطأ نفسه الذي حصل قبل 20 عاما بحيث تجازف بالتعرض لرد غربي عنيف أو حتى عزل نفسها عن الصين وروسيا اللتين يرتقب أن تعترفا سريعا بالنظام الجديد.
كما أن التنظيم الذي أسسه بن لادن تغير كثيرا في العقدين الماضيين. بسبب لامركزيته الشديدة، انتشر في العديد من دول العالم، من القارة الإفريقية إلى جنوب شرق آسيا مرورا بالشرق الأوسط. وذلك على حساب إضعاف كبير لسلطته المركزية لكن مع اكتساب قدرة أكبر على الحركة والمرونة.
لذلك فإن وجوده في أفغانستان سيكون أكثر سرية وبشكل رسمي أقل، كما توقع أيمن جواد التميمي الباحث في برنامج حول التطرف في جامعة جورج واشنطن. وقال “لا أعتقد أن طالبان ستسمح لهم بفتح معسكرات تدريب يمكن رصدها من الخارج وتعرضها للقصف”.
وأوضح الباحث العراقي لوكالة فرانس برس أن قادة كابول الجدد قد يرغبون في انتهاج سياسة مماثلة لتلك التي تتهم طهران بها “عبر إبقاء قادة القاعدة قيد إقامة جبرية مع ترك هامش مناورة لهم للتواصل مع الفروع في الخارج”.
لكن سرعة طالبان في الإطاحة بالسلطة الأفغانية السابقة تدل في آن واحد على قوتها في مواجهة النظام الأفغاني السابق وكذلك على ثغرات غربية في قراءة الأحداث. بالتالي يمكن توقع صعوبات مستقبلية حين يتعلق الأمر بضرب القاعدة كما يقول مايكل روبن.
يضيف “انظروا إلى ما فات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: لقد بدأت طالبان مفاوضات مع المسؤولين المحليين لتأمين انشقاقهم، وكانوا منتشرين في كل أنحاء البلاد لتحضير هجمات في كل عاصمة ولاية”.
بالتالي فان معطيات جديدة ستفرض نفسها في كل أنحاء البلاد. فالتنظيم الذي دبر اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 والذي يصفه الخبراء بأنه غير قادر حاليا على شن ضربات قوية في الغرب، بات بإمكانه الآن أن يحلم بإعادة تشكيل صفوفه.
يقول كولن كلارك مدير الأبحاث في مركز صوفان الذي مركزه في نيويورك “ما يحصل في أفغانستان هو انتصار واضح ومدو للقاعدة”. وأضاف “إنه حدث يمكن أن يستخدم لجذب مجندين جدد وايجاد دينامية لم يكن يحظى بها (التنظيم) منذ مقتل بن لادن” عام 2011.
المصدر: يورونيوز + أ ف ب