ليبيا: طالبو اللجوء واللاجئون بحاجة إلى مساعدة طارئة

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن أكثر من ألفي طالب لجوء، ولاجئ، ومهاجر أفريقي يخيّمون في ظروف خطرة أمام مركز مغلق تابع لـ “الأمم المتحدة” منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2021 وهم في حاجة ماسة إلى المأوى، والغذاء، والعلاج الطبي. ينبغي للسلطات الليبية الاستجابة لهذه الحالة الإنسانية الطارئة، وعلى الدول الأوروبية، التي يمكّن دعمها السلطات الليبية من منع الناس من الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، زيادة عمليات الإجلاء الإنسانية.

تجمع آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء حول “المركز المجتمعي النهاري” بعد أن شنت جماعات مسلحة مرتبطة بوزارة الداخلية مداهمات واسعة النطاق وهدمت بُنى مؤقتة تأويهم في بلدية حي الأندلس بطرابلس. تذرّعت المجموعات باستهداف شبكات إجرامية، فشرّدت الآلاف. يطالب أولئك الذين ما زالوا خارج المركز المجتمعي، حيث كانت “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (المفوضية) سابقا تقدم المساعدة الطبية وخدمات أخرى، سلميا بالإجلاء من ليبيا إلى مكان آمن وسط تدهور الأوضاع الإنسانية وهجمات الجماعات المسلحة.

قالت حنان صلاح، مديرة شؤون ليبيا في هيومن رايتس ووتش: “صنعت السلطات الليبية أزمة إنسانية بهدمها البُنى المؤقتة التي تأوي المهاجرين وطالبي اللجوء، إذ شرّدت الآلاف في الشوارع. ينبغي لليبيا والدول الأوروبية الاستجابة العاجلة لهذا الوضع المتدهور حيث يتعرض الناس للعنف ويفتقرون إلى أي مساعدة أساسية لتلبية احتياجاتهم الرئيسية”.

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع لاجئين وطالبي لجوء من بين أولئك الصامدين قرب المركز المجتمعي ومع مجموعات مدنية. كما راجع الباحثون الصور ومقاطع الفيديو التي أرسلها طالبو اللجوء واللاجئون وتلك المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.

داهمت الجماعات المسلحة ووحدات الشرطة المرتبطة بوزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية أحياء طرابلس حول منطقة قرقارش، مكان إقامة العديد من المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة، في 1 أكتوبر/تشرين الأول والأيام التالية، بزعم تعطيل شبكات المخدرات غير المشروعة. اعتقلت المجموعات 5 آلاف شخص على الأقل، بينهم نساء، وأطفال، وطالبو لجوء، ولاجئون مسجلون لدى المفوضية، ونقلتهم إلى مراكز احتجاز المهاجرين.

خلال المداهمات، قتلت الجماعات المسلحة شخصا واحدا وأصابت 15 آخرين على الأقل، بحسب المفوضية. اعتقلت الجماعات المسلحة الأشخاص تعسفيا واحتجزتهم دون التحقق من وضع كل فرد كمهاجر أو طالب لجوء.

كما هدمت الجماعات المسلحة والوحدات التابعة لوزارة الداخلية مساكن مؤقتة دون تقديم أي بدائل مجدية، وهو ما تسبب فعليا في تشريد الآلاف.

قال طالب لجوء مسجل من جنوب السودان كان في مسكنه خلال مداهمات الصباح الباكر في 1 أكتوبر/تشرين الأول، إن عدة جماعات مسلحة ووحدات من وزارة الداخلية طوقت الحي بالعربات المدرعة والأسلحة الخفيفة والثقيلة، حيث استمر إطلاق النار من الساعة 1 فجرا تقريبا حتى 8 صباحا. أضاف: “كنت أسمع نساء وأطفالا كثيرين يبكون. رأيت دمارا مريعا. تمكنت من التسلل هاربا مع آخرين وقضيت ليلي ونهاري في خوف دائم وأنا جائع وعشطان. كنا خائفين للغاية من طلب المساعدة من أي شخص، فوصل الأمر ببعضنا إلى الشرب من البحر”.

من بين المعتقلين في 1 أكتوبر/تشرين الأول، نقلت السلطات أكثر من 4 آلاف شخص، بينهم نساء وأطفال، إلى سجن للمهاجرين يُعرف باسم “المباني” في غوط الشعال، بينما نُقل الباقون إلى سجون أخرى للمهاجرين في طرابلس. قال محتجزون عديدون في المبنى إن الظروف غير الإنسانية هناك، مثل الاكتظاظ الشديد، ونقص الغذاء والرعاية الطبية الكافية، وسوء المعاملة، أدت إلى أعمال شغب وهروب جماعي من السجن في 8 أكتوبر/تشرين الأول.

أفاد محتجزون سابقون عن تعرضهم لضرب مبرح بعصي خشبية وزعموا وفاة أحدهم في 5 أكتوبر/تشرين الأول بعد أن ضربه حارس على رأسه بأداة معدنية. أثناء الهروب، أطلق الحراس النار وقتلوا ستة معتقلين على الأقل وجرحوا العشرات، بحسب “المنظمة الدولية للهجرة”.

وصف المتواجدون في الشوارع أمام المركز المجتمعي ظروفا معيشية مروعة. لم يتلقوا أي مساعدة نقدية أو عينية من أي منظمة دولية أو من الحكومة الليبية منذ أن أغلقت المفوضية المركز في 4 أكتوبر/تشرين الأول بسبب مخاوف على أمن الموظفين جرّاء الحشود الكبيرة المخيّمة هناك. قالوا إن بعض المواطنين تبرعوا ببعض الطعام، لكن لا توجد مراحيض ولا مأوى من المطر ولديهم وسائل محدودة لشراء الطعام.

قالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين لـ هيومن رايتس ووتش في 3 نوفمبر/تشرين الثاني إنها منذ إغلاق “المركز المجتمعي النهاري”، وزّعت مساعدات طارئة ست مرات بين 13 و21 أكتوبر/تشرين الأول في مناطق أخرى بطرابلس، وصلت في المتوسط إلى 60 شخصا في كل مرة. وقالت المفوضية إن بعض الأشخاص الذين كانوا يخيّمون أمام المركز كانوا من بين المستفيدين وتم تزويدهم بنقود طارئة وسلّات غذائية لتكفي لشهر واحد، وأصدرت لهم بدلا عن الوثائق المفقودة أو التالفة.

يتعرض الأشخاص الذين يخيمون في الشوارع أيضا لهجمات الجماعات المسلحة وأيضا حوادث مرورية. أكدت المفوضية أنه في إحدى الحوادث التي وقعت في 27 أكتوبر/تشرين الأول، صدمت سيارة صبيا إريتريا عمره 17 عاما ومات لاحقا.

في 12 أكتوبر/تشرين الأول، ضرب رجال مسلحون طالب اللجوء السوداني عامر أبكر. أطلق الرجال، الذين يظهر أنهم من ميليشيا “فرسان جنزور” المحلية المسيطرة على المنطقة، النار عليه مرتين أمام المركز المجتمعي أثناء محاولتهم اعتقاله، على حد قول عدد من اللاجئين. توفي في اليوم التالي.

قال طالب لجوء مسجل سوداني إنه سار لمدة ساعة للوصول إلى أحد معارفه للاغتسال واستخدام المرحاض. أضاف: “حتى المساجد أغلقت أبوابها الآن في وجهنا نحن اللاجئين. أخشى الحركة كيلا أتعرض لهجوم. نحن خائفون، لا أحد قادر على حمايتنا”.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على المفوضية استكشاف جميع السبل بشكل طارئ لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للأشخاص الموجودين أمام المركز المجتمعي، واتخاذ خطوات لتحديد من يحتاجون إلى الحماية. كما ينبغي لها التحرك بسرعة لإعادة فتح المركز بأمان، بما في ذلك توفير السكن للفئات الأكثر ضعفا بين أولئك الذين ينامون في الشارع.

وصف رئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة في بيان بعد مداهمات 1 أكتوبر/تشرين الأول عناصر وزارة الداخلية بـ “الأبطال”. قال، دون تقديم أي دليل، إنهم نفذوا “عملية أمنية مخططة للقضاء على أكبر أوكار صناعة وترويج المخدرات بمنطقة قرقارش”، متعهدا بملاحقة المجرمين “في كل مناطق ليبيا”.

قالت المفوضية إنها حددت أكثر من 1,000 شخص سيُمنحون الأولوية لعمليات الإجلاء الإنسانية – المعلَّقة منذ أغسطس/آب – بمجرد تلقي الضوء الأخضر من سلطات طرابلس لاستئنافها.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للنائب العام الليبي إجراء تحقيق شفاف وسريع في حالات الوفاة المزعومة لطالبي اللجوء والمهاجرين بسبب العمليات الأمنية والهروب من السجن في أوائل أكتوبر/تشرين الأول.

وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات ممنهجة وواسعة دون عقاب ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في ليبيا على مر السنين من قبل حراس السجن والجماعات المسلحة المرتبطة بالسلطات الليبية، والمتجرين بالبشر، والمهربين. بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول، اعترضت السلطات الليبية أكثر من 27,551 شخص في البحر وأجبرتهم على العودة إلى ليبيا ليواجهوا ظروف الاحتجاز غير إنسانية، والعنف الجنسي، والتعذيب، والعمل القسري، والابتزاز، والوفاة.

سياسات “الاتحاد الأوروبي” لاحتواء المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا تجعل الاتحاد متواطئا في هذه الانتهاكات من خلال دعم السلطات الليبية، والأدلة الواضحة على مساهمة هذا الدعم في الانتهاكات المستمرة رغم جهود التخفيف. يتحمل الاتحاد مسؤولية خاصة تجاه ضمان إجلاء اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين المعرضين للخطر في ليبيا، بما في ذلك إلى دول الاتحاد مباشرة.

على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وضع شروط للتعاون مع السلطات الليبية بشأن الهجرة، وهي الإفراج فورا عن جميع اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين المحتجزين تعسفيا؛ والاعتراف رسميا بالمفوضية والسماح لها بممارسة ولايتها بشكل كامل؛ والتوقيع والتصديق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951؛ وإنشاء برامج وطنية للرصد المستقل والحيادي والشفاف للانتهاكات الحقوقية ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في ليبيا.

قالت صلاح: “على المجتمع الدولي، بما في ذلك المفوضية، تكثيف جهود الإغاثة لمساعدة المحتاجين بشدة، وعلى السلطات الليبية إنهاء هذا المأزق وضمان استئناف الإجلاء الإنساني بشكل عاجل. ينبغي تقديم حلول مؤقتة وآمنة للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يفتقرون إلى المأوى وبدائل للاحتجاز قابلة للتطبيق”.

فضاء الآراء – هيومن رايتس ووتش

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.. “أكثر من ثلث طلاب الجامعات البريطانية يرون هجوم حماس عملا من أعمال المقاومة”

جاء في التقرير: "يعتقد ما يقرب من 40 في المئة من الطلاب في جامعات مجموعة راسل (مجموعة من 24 جامعة ينظر إليها على أنها أفضل الجامعات البريطانية) أن "الهجمات الإرهابية التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي، على إسرائيل كانت عملاً مُتَفهماً من أعمال المقاومة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
25 + 16 =