بعد 20 عاما.. مازال العراق يتحمل تداعيات الغزو الأمريكي

في الفترة السابقة لغزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في 20 مارس/آذار 2003، تحدّث أنصار الحرب عن الشعب العراقي كضحايا لا حَوْل لهم لنظام دكتاتوري. لكن الشعب العراقي هو الذي تحمّل الثمن الأكبر لهذا الغزو، حيث فقد حوالي نصف مليون شخص حياتهم، وخسر ملايين الآخرين منازلهم، وعانى عدد لا يُحصى من المدنيين من انتهاكات من قبل جميع أطراف النزاع.

لطالما حثت هيومن رايتس ووتش أطراف النزاع، سابقا وحاضرا، على تعويض الضحايا ومحاسبة الجناة، لكن الإفلات من العقاب ظلّ متفشيا.

بعد بدء العمليات العسكريّة بوقت قصير، ظهرت أدلّة على حصول انتهاكات لقوانين الحرب من قبل التحالف. ألقت قوات التحالف، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، آلاف الذخائر العنقودية العشوائية على مناطق مأهولة بالسكان، وشنّت غارات جوية عشوائية قتلت مدنيين.

عرّضت أيضا القوات الأمريكية المحتجزين في “أبو غريب” ومواقع الاحتجاز الأخرى إلى التعذيب، بما في ذلك الانتهاكات الجنسيّة والإذلال، وقتلت متظاهرين ظلما، وجنّدت متعاقدين عسكريّين قتلوا وأصابوا عشرات المدنيين. تورّطت القوات البريطانية هي الأخرى في انتهاكات بحق مئات المحتجزين العراقيين، مثل التعذيب والقتل غير القانوني.

التمرّد الذي أعقب الغزو الأمريكي لم يهاجم القوات التي تقودها الولايات المتحدة فقط، وإنما أيضا المدنيين العراقيين. سُرعان ما برز تنظيم “القاعدة في العراق”، قبل أن يتحوّل إلى “تنظيم الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ’داعش‘). في 2014، استولى داعش على مناطق شاسعة من العراق وسوريا المجاورة، وفرض فيها حكما وحشيا، وارتكب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، ما تسبب في غزو ثان بقيادة الولايات المتحدة أدّى إلى وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين ظلّت دون إحصاء دقيق.

في أكتوبر/تشرين الأول 2019، نزل آلاف العراقيين إلى الشوارع، وطالب بعضهم بإصلاح النظام السياسي المتنازع عليه الذي أنشئ بعد الغزو في 2003. ردّت السلطات على ذلك بالقمع بدل الإصلاح، فقتلت أكثر من 600 متظاهر، وأخفت مئات الآخرين.

بالنسبة إلى العراقيين، آن الأوان لتنفيذ إصلاحات مُجدية في مجال حقوق الإنسان والمحاسبة.

يتعين على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إجراء تحقيقات مستقلّة وذات مصداقيّة في الأضرار التي ألحقتها قواتهما بالمدنيّين وتوفير الانتصاف. هناك خطّة لوزارة الدفاع الأمريكيّة للتحقيق في الحوادث التي توقع ضحايا مدنيين، لكنها لا تسمح بالتحقيق في الحالات التي وقعت في الماضي، وهذه ثغرة غير مقبولة. ينبغي للحكومة البريطانية الكف عن التدخل في العدالة، كما فعلت كثيرا في الماضي عندما اتُهمت قواتها بارتكاب انتهاكات.

ينبغي للحكومة العراقيّة أيضا حماية حريّة التعبير والتجمع حتى يتمكّن العراقيون من التعبير عن مشاغلهم ومناقشة مستقبل بلادهم. يتعيّن على السلطات إعطاء الأولويّة لإصلاح قطاع العدالة، وتعديل التشريعات والممارسات القضائيّة التعسفية، ومحاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. يتعين عليها أيضا إدراج جرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية في القوانين المحليّة، والانضمام إلى “المحكمة الجنائيّة الدوليّة”.

هذه هي الطريقة الوحيدة لمعالجة مشاكل الماضي في العراق، بما في ذلك تركات الغزو الأمريكي، وكذلك تحديّات المستقبل.

ميادين – هيومن رايتس ووتش

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.. “أكثر من ثلث طلاب الجامعات البريطانية يرون هجوم حماس عملا من أعمال المقاومة”

جاء في التقرير: "يعتقد ما يقرب من 40 في المئة من الطلاب في جامعات مجموعة راسل (مجموعة من 24 جامعة ينظر إليها على أنها أفضل الجامعات البريطانية) أن "الهجمات الإرهابية التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي، على إسرائيل كانت عملاً مُتَفهماً من أعمال المقاومة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
19 − 12 =