قالت “هيومن رايتس ووتش” في وثيقة أسئلة وأجوبة متعمقة صدرت اليوم، إن أدلة دامغة تظهر أن إعدام السلطات الإيرانية الجماعي لآلاف السجناء السياسيين عام 1988 يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
في 1988، أعدمت السلطات الإيرانية، بناء على أوامر المرشد الأعلى آنذاك آية الله روح الله الخميني، آلاف السجناء السياسيين بإجراءات موجزة وخارج نطاق القضاء في جميع أنحاء البلاد. عدد الإعدامات غير معروف، لكن وفقا لتقديرات مسؤولين إيرانيين سابقين وقوائم أعدتها مجموعات حقوقية ومعارضة، أعدمت السلطات الإيرانية ما بين 2,800 وخمسة آلاف سجين في 32 مدينة على الأقل. تربط الأدلة العديد من كبار المسؤولين السابقين والحاليين بعمليات الإعدام، بمن فيهم الرئيس إبراهيم رئيسي.
قالت تارا سبهري فر، باحثة أولى في شؤون إيران لدى هيومن رايتس ووتش: ” بحثت عائلات ضحايا الإعدام الجماعي لعام 1988 على مدى عقود عن الحقيقة والعدالة لأحبائها دون جدوى. بعد أن سلّطت محاكمة في السويد الضوء مجددا على أحد أحلك فصول تاريخ إيران الحديث، من الضروري أن يسعى المدعون العامون في بلدان أخرى إلى تحقيق العدالة عن هذه الجرائم الشنيعة”.
لم تكن هناك أي مساءلة عن هذه الجرائم في إيران، لذا ينبغي للمحاكم الأجنبية محاكمة المسؤولين الإيرانيين المتورطين في عمليات القتل بشكل مناسب. في أغسطس/آب 2021، بدأت محكمة سويدية في محاكمة مواطن إيراني متهم بالتورط في الإعدامات الجماعية في سجن رجائي شهر في كرج. تعتبر هذه المحاكمة، التي يُتوقع أن يصدر الحكم فيها في يوليو/تموز 2022، تطورا مهما للضحايا الذين حُرموا لفترة طويلة من الاعتراف بهم ومن العدالة.
تدرس وثيقة الأسئلة والأجوبة الأدلة الكثيرة التي جمعها الناجون والجماعات الحقوقية على مدى عدة عقود؛ وتشمل ما يتعلق بالمسؤولين الكبار المتورطين في الإشراف على هذه الجرائم، والسبل القضائية التي يمكن للمسؤولين اتخاذها بموجب الأطر القانونية المعمول بها، بما في ذلك الولاية القضائية العالمية.
لم تعترف الحكومة الإيرانية قط بالإعدامات الجماعية، ولم تقدم أي معلومات حول عدد السجناء الذين قتلوا. عوضا عن ذلك، سعت السلطات إلى إسكات أولئك الذين يبحثون عن الحقيقة والعدالة لهذه الجرائم المزعومة.
في 2016، نشر أحمد منتظري، ابن آية الله حسين علي منتظري، نائب المرشد الأعلى وقت تنفيذ أحكام الإعدام، تسجيلا صوتيا لمسؤولين كبار يناقشون فيه تنسيق عمليات الإعدام الجماعية. بعد صدور الملف الصوتي، أدانت “المحكمة الخاصة لرجال الدين” منتظري بعدة تهم بما في ذلك “نشر دعاية ضد النظام” و “إفضاء خطط أو أسرار أو قرارات تتعلق بالسياسات الداخلية أو الخارجية للدولة… بما يرقى إلى مستوى التجسس”. في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، حُكم عليه بالسجن 21 عاما، أوقف تنفيذ الحكم لاحقا.
تُظهر الأدلة المتوفرة أن السلطات الإيرانية أعدمت آلاف السجناء في بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 1988، في انتهاك لحقهم الأساسي في محاكمة عادلة. بموجب القانون الدولي، تعتبر جرائم ضد الإنسانية كافة عمليات القتل خارج نطاق القضاء وغيرها من الانتهاكات المرتكبة كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين. تشير عبارة “واسع النطاق” إلى حجم الأفعال أو عدد الضحايا، ومصطلح “منهجي” إلى نمط أو خطة منهجية. الإعدامات الجماعية في إيران كانت واسعة النطاق ومنهجية.
بموجب القانون الدولي العرفي، تستطيع السلطات القضائية استخدام الولاية القضائية العالمية في الجرائم البشعة بشكل خاص مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بغضّ النظر عن مكان ارتكاب الجرائم وعن جنسية المشتبه بهم أو ضحاياهم. لا تقتصر المسؤولية عن الجرائم الجسيمة بموجب القانون الدولي على أولئك الذين يرتكبون الأفعال، لكنها تشمل أيضا الذين أمروا بارتكاب الجرائم أو ساعدوا أو تواطؤوا فيها بأي شكل.
ميادين + هيومن رايتس ووتش