أنفاق القدس: كنوز التاريخ أمام فرض سيطرة لصناعة تاريخ

تحملك الطريق بداخل أنفاق القدس إلى رحلة بداخل الأزمنة. حضارة تحمل نفسها على حضارة تلو الحضارة، وتبقى رغم جبروت الإنسان وتعنّته أبديّة. ويستمر الإنسان منّا في رجلة كونيّة وجوديّة، يترك بصمات خطواته ويفنى.

تبقى الحضارة ويندثر الإنسان.
تمشي وتزاحمك الأحداث الحاليّة الآنية. تتضارب بين روايتهم ورايتك. حياتك مرتبطة بأزقة المدينة وحواريها وتفاصيلها الكثيرة، من فوق تلك الأنفاق الحافظة في خفاياها حكايات تاريخ أقوى من صنيع القوى المتصارعة، بين صراع بقاء وحرب عرق واستنزاف دم وتهجير وإقصاء. صراع بشريّ تحت اسم الحفاظ على الإنسان. يبخس به الإنسان ويصبح الصراع باسمه أساس الوجود وانتهاء كل معنى للحياة.
أنفاق بها حضارات تقول مرّة تلو المرة، أن الشعوب ترحل وتتغير وتفنى، وتبقى الحجارة شاهدة للزمان.
أنفاق تريد استرجاع تاريخٍ ترك أصحابه، وأنفاق تصنع من التاريخ وجود لأصحابها.
مباشرة بعد انتهاء حرب حزيران سنة ١٩٦٧، صرح موشيه ديان، وزير الأمن الإسرائيلي حينها، بأن “الحرم الشريف” سيبقى تحت مسؤولية الأوقاف الإسلامية. واعتبر هذا التصريح بمثابة موافقة من إسرائيل على الحفاظ على مكانة الحرم كموقع اسلامي. الا ان إسرائيل استمرت بفرض وقائع عل الأرض، بتغيير المكانة المستقلة للحرم ومكّنتها من التأثير على ما يحدث فيه خصوصا من خلال السيطرة على أبواب الحرم وعلى ما يحدث بالقرب من اسواره.
تستمر إسرائيل منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا بلا كلل بعملية تطوير في محيط الحرم وبداخله، حيث يسعى كل من الأوقاف الإسلامية وإسرائيل الى تغيير تفاهمات ١٩٦٧. فحفر الانفاق المؤدية لحائط البراق، وتأهيل المصلى المرواني، وبناء جسر المغاربة هي نماذج بارزة لهذه المساعي لتغيير الوضع القائم. بالإضافة الى هذه المشاريع، هناك نشاطات عينية تخلق واعا جديدا في محيط الحرم (فيما تطلق عليه إسرائيل جبل الهيكل). كما ان الحفريات المتواصلة في البلدة القديمة وسلوان لها الأثر الكبير على مكانة الحرم والتوتر السائد فيه. [أ‌]
منذ الكشف عن الحفريات تحت البلدة القديمة في القدس في أوائل الثمانينيات (١٩٨١) والتي كانت تجري بطريقة سرية للغاية، بدأت الحرب الدائرة تأخذ موقع تدحرجٍ إلى القاع بحثاً عن تاريخ يُثبِّتُ قدَم ويُهدِّد كيان.
يشتمل مشروع الحفريات الدائر على خمسة مشاريع وهي: أنفاق الحائط الغربي (البراق) والتي تؤدي من الحائط الغربي(البراق) ومحاذاة الشمال ومن تحت بيوت الحي الاسلامي (طريق الواد) إلى بداية إلى طريق الآلام ( فوق المدرسة العمرية)، وأنفاق هيرود والتي تبدأ من سلوان وتنتهي بالبلدة القديمة (هذه الأنفاق عبارة عن قنوات للصرف الصحي كانت تمر تحت المدينة بعصر هيروديس)، ونفق ينتهي إلى مغارة سليمان( صدقيا)[ب‌] على مشارف سور القدس ويمر تحت الحي الإسلامي كذلك، ونفق يبدأ من الحي الإسلامي ويتجه شرقا نحو الحائط الغربي (حائط البراق)، ونفق آخر في سلوان تحت ما يسمى بحديقة داوود.[ت‌]
الملفت في هذه الحفريات أنها تجري في معظمها تحت جمعيات يمينية استيطانية متطرفة (إلعاد، عطيريت كوهنيم) وجمعية تابعة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل مباشر (مؤسسة تراث الحائط الغربي) وسلطة الآثار التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس.
صاحبت الأساطير الدينية الحفريات منذ القرن الماضي، وكان أهم اكتشاف لنفق في تاريخ المدينة قد تم على يد عالم الآثار البريطاني تشارلز وارين في الستينات من القرن التاسع عشر، حين اضطر لإخفاء الحفريات المتاخمة للمسجد الأقصى خوفاً من الحكومة العثمانية.[ث‌]
استمرت الحفريات سراً وعلناً خلال السنوات، على الرغم من الشكاوى الرسمية التي قدمت من قبل الأوقاف الإسلامية وأصحاب البيوت التي كانت الأشباح تتسابق ليلا على نبش ترابها. وبعد مرور ما يقرب من عقدين أعلن نتانياهو (كان رئيسا للوزراء في حينها كذلك) افتتاح أنفاق الحائط الغربي المحاذي للمسجد الأقصى والذي يمر بالأساس في معظمه من تحت حارات الواد (الحي الإسلامي) المأهولة بالسكان المسلمين.
كان ذاك الافتتاح شعلة اندلاع الانتفاضة الثانية، التي توقفت خلالها عملية السلام الوليدة أو ما يسمى بعملية السلام وانتهت بحصار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وموته (أو لنقل مقتله إن صحت رواية البعض) لاحقا. إلا أن النفق افتتح بعد إغلاقه مؤقتا ليصبح لهذا اليوم من أهم المعالم السياحية الموجودة في المدينة.[ج‌]
ومع استمرار أعمال الحفريات للقنوات والانفاق والمساحات المختلفة تحت الأرض في محيط البلدة القديمة (الحوض المقدس)، تختبئ سلطة الاثار الإسرائيلية وراء البحث العلمي، ومع ذلك لا توفر أي معلومات يمكن الوصول اليها بسهولة فيما يتعلق لموقع واهداف الحفريات ونطاق أنشطتها او طبيعة اكتشافاتها. وعندما يتم ذلك، يكون من خلال بيان المتحدث باسم سلطة الاثار بعد الانتهاء. فتجري الأمور بمنتهى السرية مما يزيد الشكوك حول المخالفات والاضرار التي لحقت بالاكتشافات الاثرية، وتعزز بفكرة وجود اهداف ونوايا سيئة.[ح‌]
لن تستطيعَ التفكير بأخذ جولة بداخل الأنفاق، قبل أنْ تدور بجولات متداخلة كالأحجية التي تزداد تعقيداً كلّما اقتربت بذهنِك من الوصول لحلّ لها. فلا بد أن تقف مشدوداً إن كنت متفرّجاً فقط إلى الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كلّ يشدّك إلى طرفه ليقنعك بصدق قضيّته وروايته.
فالرواية التوراتية تخبّئ تحت الأقصى التابوت الذي يحمل سر أمناء الهيكل منذ موسى.
والأقصى يحمل قصّة إسراء نبي المسلمين والذي عرج منه للقاء الأنبياء جميعاً بالسماء.
وإن كنتَ جزءاً من هذا الصراع، مثلي، فإنك لن تستطيع إلا أن تتوغل دون الحاجة إلى أيّ عمليّة شدّ من أي اتجاه بمكنونات الأمور. فلن تحتاج لرواية تثبّت قصتك أو تصنع لك تاريخاً. ولن تحتاج لتبرير ما تفعل وما لا تفعل. فأنت ابن المكان وجزء من صناعة هذا التاريخ. فما يشدّك هو تاريخ أنت محوره وصانعه حتى أصبحت جزءا من هذا المكنون الكبير، الذي من الصعب إدراكه …فقط تستطيع أن تعيشه وتندمج في ماهيته السحرية…

هذه هي القدس …
على أرضها التي تمشي فوقها أو تلك التي تحتها، أم الفضاء الذي عرج إليه الأنبياء …. تأخذك عنوة إلى مكان لا تستطيع فيه لمس الشعور ولا إدراك أي من المحسوس.. فقط تصبح جزءا من هذا السحر السرمدي الذي لا يزول.
كنت ولا زلت أشكّك في نوايا الاحتلال بما يضمرونه وما يعلنونه لنا كشعب. والقدس معركة مختلفة، تتضاعف وتتوالى وتتشابك بأساليبها، والاختلاف على موضوع الحفريات كذلك. فللاعتراض وجوه سياسية واجتماعية حقيقيّة تعزّز من فرض إسرائيل سيطرتها وتفرّدها في صناعة الواقع وفرض زمام قوّتها كيفما تشاء. وفيه تهديد حقيقيّ على السكان الذين يعانون أصلا من تهميش اقتصادي واجتماعي في أماكن تخلو من الخدمات الحقيقيّة والعادلة.
ومن ناحية أخرى ما تكشفه الأنفاق يشكل اكتشافا مهما لتاريخ المدينة والذي لا يجب أن يخفى. وما يجري من حفريات على الرغم من خطورته وهدمه للكثير من التاريخ الذي لا يعلمه بهذه الحالة إلا من يحفر، وهو المحتل. فإن الحفر يحدث في محيط الأقصى وليس تحته. وأساساته محمية بجدار حول المنطقة لم تؤثر به الزلازل السابقة.
أذكر تفاعلي وغضبي الشديد قبل بضع أعوام عندما كنت أمشي في طريق الواد بدءا من طريق الآلام عندما وجدت أن الحجارة الرومانية الضخمة قد أزيلت واستبدلت ببلاط مستحدث. رحت مسرعة لأستاذي الذي كان يمشي ورائي مع مجموعة الطلاب لأشكو له وهل المصاب، كيف أن هذا الاحتلال اللعين لا يكتفي فقط بسرقة الأرض واحتلالها بل يزيف أيضا التاريخ. لا بد أنهم سرقوا تلك الحجارة الرومانية لوضعها في مكان سيختلقون من خلاله رواية كاذبة جديدة. نظر لي أستاذي نظرته الهازئة الطيبة الدائمة قائلا: “رويدك، لا تزعلي نفسك كثيرا. فتلك الحجارة التي تحبين لم تكن وليدة ذلك المكان أيضا. فلقد تم تجميعها في الثمانينات كغيرها ووضعت فقط لسد الفراغ لا أكثر.”
في تلك اللحظة انهارت أحلامي بذلك التاريخ. ففي كل مرة أمشي من تلك الطريق أقف عند تلك الحجارة واسترجع عبق تاريخ لا أعيه …
حينها كنت في بداية برامج الدراسات المقدسية، وكانت المحاضرات مع أستاذي صاحب النظرة الهازئة الطيبة تذكرني دائما بجهلي. كنت أدخل إلى محاضره “القدس عبر التاريخ” جاهلة وأخرج في كل مرة وبكل فخر أكثر جهلا. كنت أظن أن وعاء المعرفة الذي أحمله تجاه القدس ممتلئ، وكنت أتفاجأ دائما بنقص ما يحتويه وعائي.
في يوم وقبل سنوات طلب منا أستاذنا زيارة النفق. اعترضت في البداية بشدة متسائلة كيف نذهب إلى مكان هبّت بسببه انتفاضة كلفتنا عشرات الشهداء ومئات الجرحى والأسرى وآلاف المنكوبين. وليس هذا فقط، فهذه الأنفاق وجدت لهدم الاقصى وإيجاد الهيكل المزعوم..
هدم الأقصى والهيكل المزعوم ……
رحلات جديدة مع دراسة تاريخ المكان في محاولة لغضّ الطرف عمّا يكبّلنا من خناق، يُجبرنا فقط على لفظ الأنفاس من أجل البقاء.
عندما تبدأ جولة النفق يأخذك كما فوق النفق كل إلى روايته. هذه المرة إلى رواية من كان هناك حتى قبل التاريخ. الجولة تبدأ بمعلومات عامة عن المكان، يقول لك فيها الدليل الإسرائيلي في لحظة ما قبل أن تبدأ تلك الجولة بأن ما يجلس عليه الأقصى اليوم هو ما كان تحته الهيكل الثاني. وإن كنتَ مسلما، لابد أن يقشعر بدنك حينما ترى يد الدليل أمامك يزيل مجسم الأقصى ويضع مكانه الهيكل.
ويقول لك الدليل الفلسطيني همساً، إنّ الرواية الإسرائيلية تقول إن هناك الهيكل المزعوم.
تشبه هذه الغرفة غرف غسل الدماغ إذا ما كان لغسل الدماغ غرف. فقبل أن تبدأ جولتك الاستكشافية والتي لا تحتاج للدليل. فأنت ترى بعينيك ما كتبه التاريخ من تخليد يفوق قدرة الإنسان على التدوين والتأريخ والتزييف.
قد يكتب كل ما يريد، قد يتشاجر العالم من فوق ومن تحت كيفما استطاع.. إلا أن حقيقة المكان تغلب على أيّ واقع يريد أيّ أحد أن يثبته.
أدرك جيّداً نوايا الاحتلال البغيضة من تلك الحفريات. فما نشهده من حفريات فوق الأرض يشهد على بغض النوايا وظلمها للبشر كما للحجر.
فهمْ بحفرهم تحت الأرض يبغون هزّ ودكّ وجود من فوق الأرض.
يستثنون من حفرياتهم وينكرون ويخبّئون ويشوّهون ويعيدوا طمس ما لا يناسبهم من موجودات.
يبسطون سيطرتهم تحت الأرض كما فوق الأرض.
يحاولون تغيير التاريخ وتشويهه.
إلا أنّ الحجارة لا تكذب. وما كشفته الحفريات لا يستطيع طمسه استرجاع تاريخ مقتطع لمرحلة بعينها.
وأن هناك تاريخ لا يمكن طمسه مهما طال الزمان حتى ولو تم تدميره مؤقتا.
فهناك شهادات حُفرت لتبقى.
فالطبيعة بجبروتها لم تستطع محو ما صنعه التاريخ في هذه المدينة المقدسة.
تأخذك القدس تحت أرضها، كما فوقها، لطبقات من “الأقداس” التي تشعر بها وكأنّك تعبر في رحلة داخل التاريخ رغم أنف كل من يحاول كتابة تاريخ يُغيّر فيها التاريخ.
تنزل أو تصعد في لحظات، ويصبح النزول في طبقات المدينة صعوداً مقدّسا كاسم المدينة. تشعر بالتاريخ يعبر من خلالك وأنت في كل زاوية وممر وحجر وصخرة أو عامود. تشم فيه رائحة الزمن الماضي الباقي بما كان رغم تغيّر الوجوه.
من قدس إسلامية تبدأ من عثمانية وتنزل بك إلى مملوكيّة وعباسيّة وأمويّة وراشديّة عمريّة إلى قدس بيزنطية ورومانية هيرودية وهيلاينية.
وبينما لا يزال الدليل يأخذك في “مسحٍ” إلى روايته … تستمر المدينة بأخذك في جولة عبر تاريخ لعصور لا تزال تتفتح أمامك نزولاً داخل أنفاق تستشعر في ملامستها ما كان زلزالا مرّة. ما كان قناة لمياه المدينة أو قنوات صرف صحي. ما كان خندقاً وما كان مخزناً للخمور في زمن وللزيوت في زمن آخر. ما كان ممراً لقاعة تأخذك إلى رواق قصر، وما يأخذك إلى اسطبل خيول.
حتى الحجارة بألوانها وأحجامها وبروزها تدخلك في دروس تاريخ لم تكن لتعرف عنه إلا ما تراه عينيك.
تستمر بالمشي قدما … ولا تعرف ما الذي يأخذك ومن الذي يقودك، هل هو الدليل أم الجاذبية الخارقة المحيطة بالمكان، إلى أن تجد نفسك فجأة وبعد ساعات تبدو بنفس اللحظة بحجم لحظة وبحجم زمان لا يقاس واقفا أمام بداية ما يعرف بطريق الآلام تحت فضاء يحمله بلاط الشارع المصاحب لسليمان القانوني… زمن يبدو حديثا مقابل ذلك الزمن الذي خرجت للتو منه.
تخرج لتفكر صارخاً لا متأمّلا، مدرِكاً ولأول مرة …
بأنّ القدس ليست مجرد مدينة يقتتل على السيطرة عليها مدّع تراكض عليه التاريخ منذ نشأة الأنبياء فيحاول اليوم إدراكه. وبين وارث لتاريخ عُمْرٍ وأدرك مكنونات هذه المدينة التي وازت بقدسيّتها أقدس مقدّساته وحُرُماته.
بأنّ القدس ليست مجرّد مدينة بُنيت فوقها مدينة…
وليست حضارة بُنيت من خلالها حضارات..
ولكنّ القدس تاريخ … مرّ من خلالها حضارات وشعوب وأمم.. احتضنتهم بالرغم من نزاعاتهم، وأبقتهم.. بل وخلّدتهم بالرغم من المذابح التي اقترفوها… وصَنعت منهم وبهم تاريخ مدينة بطريقة سحرية يصعب فهمها، تاريخ انسانيّة … تبدأ منها، إنْ لم تستمرّ الحضارات لتبقى علامة فارقة في صناعة التاريخ … على الرغم من بشاعة أصحابه بمعظم الأحيان.. إلّا أنّ المدينة كالرّب أو الأب الحكيم تُضفي قدسيّة روحها على المكان دائماً وأبداً على ما يبدو.

نادية عصام حرحش – كاتبة فلسطينية

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

مظاهرات الجامعات الأميركية.. مراجعة وعِبَر

يتظاهر طلبة أميركا مطالبين بالحرية لفلسطين، ووقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية واستلاب للحقوق منذ 76 عامًا وتتوسع مظاهراتهم إلى أوروبا وغيرها، ولا تجد لها صدى في بلدان وجامعات المَوات العربي. فإلى أي مدى تفيد تلك المظاهرات في الزمان والمكان في نصرة فلسطين، وتغيير السياسات الإمبريالية الأميركية المنحازة للكيان الصهيوني انحيازًا تامًا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
10 × 4 =