الالتزام بحماية 30 بالمئة من المناطق البرية والبحرية في العالم بحلول عام 2030، ومكافحة الانقراض الجماعي وتغير المناخ. ستكون هي الأهداف الرئيسية لمحادثات مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي الذي ينظم في كندا هذا الأسبوع.
انطلق “مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي”، بحفل شارك فيه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى جانب آخرين. ويبدأ المؤتمر رسميا في مدينة مونتريال الكندية، اليوم الأربعاء. ويأمل منظمو المؤتمر والعلماء وممثلو المنظمات غير الحكومية المشاركون فيه، أن يؤدي الاجتماع، الذي من المقرر أن ينتهي في 19 من كانون الاول/ديسمبر الجاري، إلى التوصل لاتفاق عالمي بشأن الحفاظ على التنوع البيولوجي.
ويعتبر المؤتمر مهما للغاية لأن النظم البيئية الطبيعية التي تحافظ على كوكبنا وعلى أنواعه آخذة في التدهور بسرعة. ففي الوقت الحالي لا يخضع للحماية سوى أقل من 17 بالمئة من الأراضي و فقط 8 بالمئة من المحيطات على مستوى العالم. ففي هذه المناطق المحمية يبدو التنوع البيولوجي محمياً من الناحية النظرية من إزالة الغابات ومن الاستغلال والتلوث. ولكن هناك أخطار أخرى تتعرض لها تلك المناطق أيضا، كنتيجة للتغيرات المناخية كالجفاف والفيضانات وحرائق الغابات التي تدمر المحيط الحيوي.
ويحذر الخبراء من الخطر المحدق بسبب فقدان التنوع البيولوجي الذي تسبب به البشر، حيث يعتبرون ذلك دافعا كبيرا للانقراض الجماعي السادس، والذي من الممكن أن يشمل انقراض ثلاثة أرباع الأنواع الحيوانية والنباتية في غضون بضعة قرون فقط.
وستؤدي هذه الخسارة بدورها إلى تفاقم التغير المناخي لأن الكوكب سيفقد جزءا من الأشجار التي تمتص ثاني أكسيد الكربون.
ولهذا يتمثل أحد الأهداف الرئيسية للمؤتمر المقام في كندا، في حماية ما لا يقل عن 30 بالمئة من المناطق البرية والبحرية في العالم بحلول عام 2030. لذلك يطلق عليه “30×30”. كما يحظى الأساس المالي القوي بدور مهم في المفاوضات المقبلة المعنية بحماية الأنواع العالمية.
جدير بالذكر أن “مؤتمر الأمم المتحدة الخامس عشر للتنوع البيولوجي” (والمعروف أيضا باسم /كوب /15)، كان من المقرر في الأساس أن يعقد في الصين في مطلع عام 2020، ولكن تم تأجيله، بسبب وضع تفشي وباء فيروس كورونا المستمر هناك.
واستباقا للمؤتمر وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية تاريخية لحظر استيراد المنتجات المساهمة بطريقة ما في عمليات إزالة الغابات. وتستهدف هذه الاتفاقية استيراد الكاكاو والبنّ والصويا وزيت النخيل والخشب ولحم البقر والمطّاط، بالإضافة إلى عدة مواد أخرى مثل الجلود والأثاث والورق المطبوع والفحم، وفق نص الاتفاقية الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات طويلة بين البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي باسكال كانفان “إنها سابقة من نوعها في العالم! (تستهدف الاتفاقية) القهوة التي نحتسيها خلال فطورنا والشوكولا الذي نأكله والفحم الذي نستخدمه للشواء والأوراق في كتبنا”.
مخاوف من استمرار حرائق الغابات في تدمير رئة الكوكب
واعتبرت منظمة “غلوبال ويتنيس” Global Witness أن القرار يشكّل “لحظة تاريخية”. ويُعدّ الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مدمّر للغابات الاستوائية بعد الصين، إذ تُساهم وارداته (معظمها من الصويا وزيت النخيل، بحسب أرقام العام 2017) في 16% من إزالة الغابات على المستوى العالمي، بحسب “وورلد وايلدلايف فاند”. وبموجب الاتفاقية الجديدة، سيتم حظر استيراد المنتجات الآتية من أراض أُزيلت منها غابات بعد كانون الأول/ديسمبر 2020.
ولكن هناك مخاوف مشروعة من احتمال فشل المؤتمر في تحقيق أهدافه، فلقد حدد مؤتمر 2010 الذي عُقد في ناغويا اليابانية، 20 هدفا للتنوع البيولوجي مثل خفض فقدان الموارد الطبيعية إلى النصف بحلول عام 2020. ولكن لم يتم الوفاء بأي من الأهداف، وفقا لتقرير اتفاقية التنوع البيولوجي لعام 2020.
وعن ذلك يتحدث ديف هول، الباحث في مجال التغير المناخي والتنوع البيولوجي في منظمة Conservation International ومقرها الولايات المتحدة: “لقد فشلنا في تحقيق أي هدف، ومن الواضح أن الأمور ساءت كثيرا منذ ذلك الحين”. ويرى هول أن “السنوات العشر القادمة هامة جدا”. ولفت الباحث هول الانتباه إلى أن أعداد الحشرات، التي تعتبر هامة جدا للنظم البيئية، لأنها تنقل اللقاح، تشهد انخفاضا حادا – فأربعين بالمئة من أنواع الحشرات في العالم يمكن أن تنقرض خلال العقود القليلة المقبلة، بحسب دراسة نشرت نتائجها في عام 2019.
ميادين – DW عربية