فقدان حزب الله وحلفائه للأكثرية في البرلمان اللبناني عقب الانتخابات النيابية التي شهدتها البلاد، الأحد الماضي، لن يفضي إلى تغيير دراماتيكي في المشهد اللبناني العام، لكنّه تضمّن مقدمات يمكن البناء عليها لإنعاش الآمال لدى اللبنانيين بإمكانية إحداث خرق في نظام سياسي أدخل البلاد في متوالية أزمات مستحكمة حوّلت حياة المواطن إلى جحيم.
فقد حصل حزب الله وحلفائه، على 62 مقعداً من أصل 128، ليخسر بذلك الأغلبية التي كان حققها في الانتخابات النيابية في العام حين حصد 71 مقعداً، هذا فيما عزز معارضو الحزب مواقعهم في المجلس النيابي.
وتمكن إصلاحيون من حجز 14 مقعداً تحت قبة البرلمان، وغالبية هؤلاء يتبنون خطاباً يطالب بتطوير النظام السياسي وإصلاح القضاء وبناء مؤسسات الدولية بعيداً عن المحاصصة الطائفية والمناطقية.
تحذير حزب الله والدور السعودي
في إشارة على إدراك تعرضه وحلفاءه لانتكاسة، وجّه حزب الله الإثنين تحذيراً لخصومه السياسيين في مجلس النواب الجديد، إذ قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة التابعة للحزب محمد رعد: “نتقبّلكم خصوماً في المجلس النيابي، ولكن لن نتقبّلكم دروعاً للإسرائيلي ومن وراء الإسرائيلي”، في إشارة ضمنيّة إلى غريمه حزب القوات اللبنانية الذي زاد عدد مقاعده البرلمانية مع حلفائه من 15 الى 19.
وكان حزب الله يوجه اللوم إلى المحتجين في بيروت أيضاً ووصف بعضهم بـ”أتباع السفارات” (في إشارة إلى السفارات الغربية).
وليس أمراً مستبعداً أن تؤدي انتكاسة الحلف الموالي لإيران إلى استعادة السعودية لحضورها السياسي والاقتصادي في لبنان الذي يعدّ ميدان تدافع بين الرياض وطهران منذ أمدٍ بعيد.
خسارة مقربين من سوريا
كان لافتاً أيضاً تراجع الحضور البرلماني للعائلات السياسية التقليدية على غرارالسياسي الدرزي المتحالف مع حزب الله، طلال أرسلان، سليل إحدى أقدم العائلات السياسية في البلاد، والسياسي السني الطرابلسي فيصل كرامي، وهو أيضا سليل عائلة سياسية لبنانية قديمة، ونائب رئيس البرلمان، إيلي الفرزلي، وأيضاً خسارة رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب.
كل هؤلاء ربطتهم علاقة وثيقة بسوريا خلال حكم الأسد الأب، والابن.
برلمان بثلاث كتل؟
بعد ثنائية الثامن من آذار (حزب الله وحلفاء سوريا) والرابع عشر من آذار (أبرزهم سعد الحريري وحزب القوات) التي نشأت بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، واستمرت لأعوام في بلاد الأرز، من المرجح أن تفضي النتائج الحالية إلى برلمان منقسم بين ما يمكن القول إنه ثلاث كتل سياسية، لا تحظى أيّ منها منفردة بأكثرية مطلقة.
ومع أن الكتلة الجديدة من المستقلين والسياديين لا تمتلك برنامجاً موحداً بل تتوحد حول خطوط عريضة، فإنه من المرجح أن تدخل جميع الكتل في مواجهة سياسية تصعب مهمات أساسية للمجلس، بينها انتخاب رئيس المجلس نفسه، والمصادقة على الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية، وأيضاً المصادقة على الموازنة وكل ما يتبع ذلك من ملفات مالية واقتصادية، وضمنها النقاش الحالي مع صندوق النقد الدولي.
وكل ذلك يزيد من احتمالات الشلل السياسي والتوتر الذي قد يؤخر الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها لإخراج البلاد من الانهيار الاقتصادي.
الانتخابات النيابية كانت سجّلت نسبة إقبال بلغ 41 بالمائة بتراجع نحو 8 بالمئة مقارنة بانتخابات العام 2018، ما عكس حالة التململ التي تتملك الشارع اللبناني تجاه أداء الطبقة السياسية الحاكمة منذ انتهاء الحرب الأهلية في البلاد مطلع تسعينيات القرن الماضي.
ميادين + وكالات