لطائفية السياسية وتفكك بنية الدولة الوطنية

تلازمت الطائفية السياسية والدولة العراقية منذ نشؤها ولحد اللحظة التاريخية المعاشة ويعود ذلك الى كثرة من الأسباب منها داخلية تتمثل بالسياسة الكولونيالية واعتمادها على النخب السنية المتعلمة ومنها عزوف الطائفة الشيعية عن المشاركة السياسية وتكفيرها للوافد الكولونيالي.

استنادا الى ترابط الطائفية السياسية ومراحل تطور الدولة العراقية نحاول متابعة تأثيرات ذلك التلازم اعتماداً على المحاور التالية–
أولا -الطائفية السياسية وتفكك الدولة الوطنية.
ثانياً – الطائفية السياسية وانهيار تشكيلة الدولة الاجتماعية.
ثالثاً -الطائفية السياسية وتراجع كفاح الأحزاب الوطنية.
أولا -الطائفية السياسية وتفكك الدولة الوطنية.
– تتناقض الوطنية العراقية مع الطائفية السياسية وبهذا التحديد فان سيطرة الطائفية السياسية على الدولة العراق يفقدها سمة الدولة الوطنية باعتبارها دولة طائفية غير ممثلة لتشكيلة العراق الاجتماعية وغير مهتمة بالطوائف الدينية الأخرى.
— استنادا الى ذلك نستطيع ملامسة التأثيرات السلبية على تطور الدولة العراقية عبر الرؤى الفكرية -السياسية التالية –
– سيادة الطائفية السياسية تشترط استبدال الهوية الوطنية بالهوية الطائفية واعتبارها معياراً للمواطنة في الدولة الوطنية. وبهذا التحديد تتحول الدولة الوطنية الى دولة طائفية لا تمثل مصالح طبقاتها الاجتماعية يل تمثل مصالح طائفتها الاجتماعية.
– تسعى الطائفية السياسية الى تقسيم الدولة الوطنية الى أقاليم طائفية شيه مستقلة تتحكم فيها الفتاوي الدينية والأعراف العشائرية والتقاليد الطائفية.
– تفكك قوانين الدولة الوطنية الناظمة لحياة الشعب الداخلية واستبدالها بالأعراف والتقاليد والعادات الناظمة لشؤنها الطائفية.
— انهيار تشكيلة البلاد الاجتماعية وتحكم القوى الإقليمية المذهبية بالأقاليم الطائفية.
– تحول أقاليم الدولة الوطنية الى أقاليم طائفية يساهم في تطوير الروح العسكرية والنزاعات الطائفية.
— تجزأت الدولة الى أقاليم طائفية يؤدي الى تفكك المؤسسة العسكرية ويضعف مهامها الوطنية.
ان تفكيك الدولة الوطنية والروح الانقسامية التي تحملها الطائفية السياسية تجد انعكاساتها على التشكيلة الاجتماعية وبنيتها الطبقية.
ثانياً – الطائفية السياسية وانهيار تشكيلة الدولة الاجتماعية.
تفكك وحدة الدولة السياسية وتوزع سلطاتها على أقاليم طائفية تنتج كثرة من السلبيات على تشكيلة البلاد الاجتماعية تجد سماتها بالموضوعات التالية –
1 – تفكيك البناء الطبقي للتشكيلة الاجتماعية.
بسبب السيادة الفعلية للطبقات الفرعية واعتماها على التصدير تتراجع قدرة الطبقات الأساسية في العملية الإنتاجية وما يحمله ذلك من تفكك قاعدتها الاجتماعية.
– يقود تفكك القاعدة الاجتماعية للطبقات الأساسية الى انهيار وحدتها الوطنية وما ينتجه ذلك من أضعاف كفاحها الوطني – الديمقراطي المشترك.
2 – ضياع سيادة الدولة الوطنية
– بسبب ترابطات الطبقات الفرعية مع الخارج الكولونيالي تتكاثر التدخلات الدولية وتحول البلاد الى ساحة للصراعات الإقليمية – الدولية.
3 – تقود هيمنة الطبقات الفرعية على أقاليم الدولة الطائفية الى غياب البرامج الوطنية وتفكك عوامل الكفاح الوطني – الديمقراطي.
4 – تزايد مسببات الحروب الاهلية بين الأقاليم الطائفية وما يسفر عن ذلك من تدخلات خارجية لصالح أ أطراف الطائفية السياسية المتصارعة.
5 – تقود النزاعات الوطنية – الدولية السياسية الى اشتداد إرهاب المليشيات المسلحة وما ينتجه من تخريب أمن المواطن ونهب ثروة البلاد الوطنية.
6 – تقود التغيرات السياسية – الاجتماعية في الأقاليم الطائفية الى تغيير أولويات الكفاح الوطني والتركيز على الكفاح الاقتصادي ومناهضة التدخلات الدوية.
7 – تقود التغيرات الناتجة عن تفكيك وحدة البلاد الوطنية الى هيمنة الرأسمال المعولم والطبقات الفرعية على سلطة البلاد السياسية.
ان الاضرار البالغة على الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية تجد انعكاساتها الضارة في محور اخر يتمثل ب–

ثالثاً -الطائفية السياسية وتراجع كفاح الأحزاب الوطنية.
– تفكك الدولة الوطنية وانهيار تشكيلتها الاجتماعية تنعكس سلبا على كفاح الأحزاب السياسية والتي يمكن رصدها في المحددات التالية–
–تفكك القاعدة الطبقية للأحزاب الوطنية.
-يفضي تفكك التشكيلة الاجتماعية الى تفكك القاعدة الاجتماعية للأحزاب الوطنية ويضيف مصاعب وطنية على فعاليتها السياسية.
– تفكك وحدة القوى الوطنية.
– انقسام الدولة الوطنية الى أقاليم طائفية يضعف الوحدة الوطنية ويعطل برامج الأحزاب الوطنية الهادفة الى بناء دولة وطنية – ديمقراطية.
– تبدل أولويات الكفاح الوطني.
_تعمد القوى الوطنية على تركيز كفاحها الوطني على مكافحة التدخلات الخارجية والتأكيد على وحدة البلاد الوطنية وما يعنيه ذلك من تبدل أولوياتها الكفاحية.
– توطد مكانة الطبقات الفرعية
— يعزز تفكك الدولة الوطنية قيادة الطبقات الفرعية للسلطة السياسية واعتمادها الإرهاب السلطوي ضد مطالبات القوى الديمقراطية.
— شمولية الإرهاب السلطوي
– يفضي تفكك الدولة الوطنية الى شمولية ارهاب المليشيات المسلحة الحزبية ضد القوى الوطنية وكفاحها الديمقراطي.
– تزايد التدخلات الدولية
– تفكيك الدولة الوطنية يفضي الى سيادة المصالح الدولية على المصالح الوطنية وتعدد اشكال التدخل في الشؤن الوطنية.
ان التغيرات المصاحبة لسيادة الطائفية السياسية على مستقبل الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية وفعالية احزابها الوطنية يقود البلاد الى الحروب الاهلية وضياع استقلالها الوطني.
تلخيصا لما جرى استعراضه يمكننا إيراد الاستنتاجات التالية –
أولا –سيادة الطبقات الفرعية على سلطة الدولة السياسية تؤدي الى توزيع الدولة على أقاليم طائفية.
ثانيا –تقسيم الدولة الوطنية الى أقاليم طائفية يفضي الى تقسيم وحدة البلاد السياسية.
ثالثاً – يؤدي تقسيم الدولة الوطنية الى أقاليم طائفية الى انهيار القاعدة الاجتماعية للأحزاب الديمقراطية الرافضة للطائفية السياسية ونتائجها التخريبية.
رابعاً- تقسيم وحدة البلاد السياسية وتفكك تشكيلتها الاجتماعية يقود الى التدخلات الخارجية الإقليمية – الدولية في الشؤون الداخلية.
خامساً – يفضي تفكيك التشكيلة الاجتماعية الى تبدل أولويات النضال الطبقي وهيمنة المصاعب الاقتصادية على المهام السياسية.

لطفي حاتم

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

مظاهرات الجامعات الأميركية.. مراجعة وعِبَر

يتظاهر طلبة أميركا مطالبين بالحرية لفلسطين، ووقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية واستلاب للحقوق منذ 76 عامًا وتتوسع مظاهراتهم إلى أوروبا وغيرها، ولا تجد لها صدى في بلدان وجامعات المَوات العربي. فإلى أي مدى تفيد تلك المظاهرات في الزمان والمكان في نصرة فلسطين، وتغيير السياسات الإمبريالية الأميركية المنحازة للكيان الصهيوني انحيازًا تامًا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
30 ⁄ 1 =