قالت “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” اليوم إن على الأمن العام اللبناني الإفراج فورا عن الصحفية الأمريكية ندى الحمصي، الموقوفة منذ 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والتي يشكل توقيفها حاليا اعتقالا تعسفيا. على الأمن العام أيضا التحقيق بشكل سريع، وشامل، ومستقل، وشفاف، وفعال في انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة التي واجهتها منذ اعتقالها، وتقديم أي شخص يُشتبه في مسؤوليته إلى العدالة.
قالت محامية الحمصي، ديالا شحادة، إن عناصر الأمن العام داهموا شقة الحمصي في 16 نوفمبر/تشرين الثاني بدون مذكرة قضائية، حيث عثروا على كمية صغيرة من الحشيش. أضافت شحادة أن العناصر اتصلوا بعد ذلك بالمدعي العام، الذي أصدر مذكرة توقيف بحق الحمصي وشريكها. كما صادر العناصر أجهزتها الإلكترونية ووثائق أخرى. مع أن النيابة العامة أمرت بالإفراج عنها في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدر الأمن العام أمرا بترحيلها واستمر في توقيفها تعسفا.
قالت آية مجذوب، باحثة لبنان في هيومن رايتس ووتش: “لم يكتفِ عناصر الأمن العام بمداهمة شقة الحمصي دون إبراز مذكرة قضائية، بل انتهكوا أيضا حقوقها في الاحتجاز من خلال حرمانها من الاتصال بمحام. رفْضُ الأمن العام الإفراج عن الحمصي – رغم أمر النيابة العامة – هو إساءة استخدام صارخة للسلطة ومؤشر مقلق جدا على أن هذا الجهاز لا يحترم سيادة القانون”.
الحمصي صحفية أمريكية مستقلة تعمل مع وسائل إعلام عربية ودولية عديدة، كان آخرها “الإذاعة الوطنية العامة” الأمريكية.
ما تزال أسباب مداهمة منزل الحمصي مجهولة، لكن قال ضباط الأمن العام لشحادة إن المداهمة استندت إلى معلومات استخبارية جمعتها شعبة المعلومات في الجهاز. يواصل ضباط الأمن العام الإصرار على أن الحمصي محتجزة “لأسباب أمنية” من دون تقديم أي تفاصيل إلى شحادة للسماح لها بإعداد دفاعها. لم يُوجَّه إلى الحمصي أي اتهام له خلفية أمنية أو عسكرية، لكن وُجِّه إليها اتهام بتعاطي المخدرات.
لم يسمح الأمن العام للحمصي بالاتصال بأسرتها أو بمحام لستة أيام بعد اعتقالها. كما استجوبوها بغياب محامٍ، في انتهاك للمادة 47 من “قانون أصول المحاكمات الجزائية“. قالت شحادة إنه قيل لـ الحمصي عندما أصرّت على حقها في الاتصال بمحام، “هذه الحقوق لا تطبق في الأمن العام”. بعد استجوابها، أمر ضباط الأمن العام الحمصي بالتوقيع على محضر استجواب لم تستطع قراءته. بموجب القانون اللبناني، يجوز احتجاز شخص دون تهمة لمدة أقصاها 96 ساعة ثم يجب الإفراج عنه إذا لم يُوجه إليه أي اتهام.
تقدمت شحادة بطلب للإفراج عن الحمصي في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي اليوم نفسه، أمر المدعي العام في بيروت بالإفراج عنها. أوضحت شحادة أن الأمن العام واصل احتجاز الحمصي بحجة أنها كانت تعمل في البلاد دون تصريح عمل مناسب، وأصدر أمرا بترحيلها قبل نحو أسبوعين.
بموجب قانون المخدرات اللبناني، يجب إحالة المتهم بتعاطي المخدرات إلى “لجنة إدمان” متخصصة من أجل العلاج، ووقف الإجراءات القانونية ضده إذا وافق على العلاج. في 25 يونيو/حزيران 2018، أصدر النائب العام التمييزي آنذاك سمير حمود تعميما يمنع الحبس الاحتياطي للأشخاص المتهمين بتعاطي المخدرات. أكدت شحادة لـ هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أن الحمصي لم تتخطَّ مدة تأشيرتها البالغة ثلاثة أشهر.
قالت ديالا حيدر، مسؤولة الحملات بشأن لبنان في منظمة العفو الدولية: “على الأمن العام الإفراج عن الحمصي فورا ومنحها فرصة حقيقية للطعن في ترحيلها أمام محكمة مختصة، ومستقلة، وذات مصداقية. ينبغي للأمن العام الامتناع عن احتجاز أي شخص فيما يتعلق بوضع إقامته، والقيام فورا بتحديد ومحاسبة أولئك المشتبه في مسؤوليتهم عن انتهاك حقوق الحمصي في الإجراءات القانونية الواجبة”.
على الأمن العام الإفراج عن الحمصي فورا ومنحها فرصة حقيقية للطعن في ترحيلها أمام محكمة مختصة، ومستقلة، وذات مصداقية.
ديالا حيدر، مسؤولة الحملات بشأن لبنان في منظمة العفو الدولية
في 1 ديسمبر/كانون الأول، وجهت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش رسالة إلى مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تطالبه فيها بالإفراج عن الحمصي والتحقيق في سلوك مرؤوسيه. لم تتلقَّ المنظمتان أي رد.
وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية انتهاكات عديدة للإجراءات القانونية أثناء الاعتقال والاستجواب، وما تزال المحاسبة على مثل هذه الانتهاكات غائبة.
يتعرض الصحفيون والنشطاء في لبنان لهجمات متزايدة من جهات حكومية وغير حكومية. وفقا لـ “مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية (سكايز)”، الذي يرصد حرية الإعلام والصحافة ومقره بيروت، تعرّض أكثر من 100 إعلامي لاعتداء من أطراف غير حكومية بين بداية الانتفاضة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ونوفمبر/تشرين الثاني 2021.
كما شاركت أجهزة الدولة في قمع الصحفيين. تعتدي الأجهزة الأمنية بانتظام على صحفيين يقومون بعملهم، خاصة أثناء تغطية الاحتجاجات. لكن بدل محاسبة الجناة، تستخدم السلطات اللبنانية الصلاحيات الواسعة للمحاكم العسكرية لإسكات ومعاقبة أي معارضة سلمية أو انتقاد للأجهزة الأمنية.
في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، حكمت المحكمة العسكرية على مراسل جريدة “الأخبار” رضوان مرتضى بالسجن 13 شهرا بدعوى تحقير الجيش. وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني، استدعت المحكمة العسكرية الممثلة الكوميدية والناشطة شادن فقيه للمحاكمة بتهمة تحقير قوى الأمن الداخلي والمس بسمعتها.
فضاء الآراء – هيومن رايتس ووتش – منظمة العفو الدولية