وجه الرئيس التونسي قيس سعيّد ليل الأربعاء العديد من الرسائل إلى خصومه في الداخل والقوى الخارجية التي تنتقد قراراته المندرجة في إطار مسار إصلاحي طويل، حيث أعلن عن 3 لاءات تتمثل في: لا صلح ولا اعتراف ولا حوار إلا مع الوطنيين، وفق قوله.
رد الرئيس التونسي قيس سعيّد على التحركات الأخيرة لخصومه والانتقادات الدولية بشأن الوضع السياسي في البلاد، برفع ثلاث لاءات هي: لا صلح ولا اعتراف ولا حوار إلا مع الوطنيين.
وقال الرئيس سعيّد في كلمة خلال مأدبة إفطار بقصر قرطاج ليل الأربعاء بحضور عائلات شهداء وجرحى عمليات إرهابية من القوات المسلحة العسكرية والأمنية وعدد من عائلات شهداء الثورة وجرحاها، نشرتها صفحة رئاسة الجمهورية بموقع فيسبوك، “لن نتعثر ولن نعمل على أن نتحاور مع أي كان يريد أن يضرب الدولة، فلا حوار إلا مع الصادقين الشرفاء ولا اعتراف إلا بالوطنيين الذين يؤثرون الوطن على أنفسهم ولا اعتراف بمن باعوا الوطن أو يحاولون بيعه، وأنّى لهم أن يبيعوه، فلا صلح إلا إذا جنحوا للصلح ولا اعتراف بمن يقايض الوطن بالسلطة”.
الرئيس التونسي ينتقد انزعاج قوى خارجية من إصلاحاته.
وأضاف أنه “لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات مع أناس لفظهم التاريخ ويتحدثون عن حوار والالتحاق بحوار، فليلتحقوا هم بصفوف الشعب أفضل من هذه الحوارات الكاذبة مرة أخرى لإعادة نفس المراحل التي مر بها، لاءات ثلاث فليحفظها التاريخ: لن نفرط في الوطن، لا حوار إلا مع الوطنيين، ولا اعتراف بمن حملوا السلاح ضد الدولة”.
وبدا الرئيس سعيّد وكأنه يرد على تحركات المعارضة الأخيرة، التي كان آخرها إعلان السياسي المعارض المخضرم أحمد نجيب الشابي عن جبهة أسماها بـ”جبهة الخلاص الوطني” للضغط على رئيس الجمهورية.
بعد خطاب سعيّد قال الاتحاد العام التونسي للشغل إنه لن يقبل بتبخر فرصة التغيير، مشيرا إلى أنه لن يبقى مكتوف الأيدي
وتتألف الجبهة من خمسة أحزاب، من بينها حركة النهضة الإسلامية التي تعد من أبرز المعارضين للرئيس قيس سعيّد، بالإضافة إلى خمس منظمات. وتدعو الجبهة إلى تشكيل حكومة انتقالية للإنقاذ، تتكفل بإدارة مرحلة انتقالية حتى الوصول إلى تنظيم انتخابات لاحقا.
وقال الرئيس سعيّد إنه “لا حوار ولا مفاوضات إلا مع من يقبل بإرادة الشعب انطلاقا.. لماذا يخافون الاستفتاء؟ لأنهم يخافون الإرادة الشعبية ولماذا خافوا من الاستشارة؟ لأنها بالنسبة إليهم إرادة الشعب.. إرادة الشعب تخيفهم، ولكن بحول الله وبإرادة من الله وبإرادة الشعب الذي يريد أن يحقق غدا أفضل، لن يكون هناك مكان لهؤلاء، فلا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف إلا على قاعدة الوطن العزيز”.
وبعد الخطاب قال الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان الخميس إنه لن يقبل بتبخر فرصة التغيير. وأشار البيان إلى أن “الاتحاد لن يبقى مكتوف الأيدي” دون توضيح المربعات التي ينوي التحرك فيها، خاصة أن النقابة التونسية كانت قد قدمت مبادرة لرئيس الجمهورية من أجل قيادة حوار وطني تجاهلها الرئيس سعيّد.
ويأتي ذلك في وقت لم تنجح فيه ضغوط الداخل والخارج في ثني الرئيس سعيّد عن المضي قدما في مسار الإصلاحات، التي سيتم طرحها على الاستفتاء الشعبي في الخامس والعشرين من يوليو المقبل.
وكشفت التطورات الأخيرة عن اتساع دائرة الغاضبين من مسار الخامس والعشرين من يوليو، لتشمل حتى مقربين سابقين من الرئيس سعيّد مثل مديرة ديوانه الرئاسي السابقة نادية عكاشة.
وحرصت قيادات من حركة الشعب مثل زهير المغزاوي وسالم الأبيض على النأي بالحركة عن مسار الخامس والعشرين من يوليو، من خلال تصريحات في العديد من المنابر تحمّل قيس سعيّد مسؤولية تراجع الحماس لإجراءاته، وتحث على “تصحيح مسار” الخامس والعشرين من يوليو، من خلال توسيع دائرة الحوار لتشمل أنصار هذا المسار.
الرئيس التونسي بدا وكأنه يرد على تحركات المعارضة التي كان آخرها إعلان أحمد نجيب الشابي عن جبهة أسماها بـ”جبهة الخلاص الوطني”
وانضمت إلى دائرة الغاضبين من الخامس والعشرين من يوليو عكاشة التي أطلقت انتقادات قاسية لمحيط الرئيس، وأساسا لوزير الداخلية توفيق شرف الدين.
وانتقدت الولايات المتحدة الرئيس التونسي لإعطاء نفسه حق تعيين رئيس الهيئة العليا للانتخابات، داعية إلى احترام القواعد الديمقراطية في البلاد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين إن “الولايات المتحدة قلقة جدا من القرار أحادي الجانب للرئيس التونسي بإعادة هيكلة الهيئة”، وإنها “أبلغت باستمرار القادة التونسيين بأهمية حماية استقلال المؤسسات الديمقراطية الرئيسية وضمان عودة تونس إلى الحكم الديمقراطي”.
ورد الرئيس سعيّد على هؤلاء قائلا “لماذا يأتينا البعض من الخارج ليعرب عن انزعاجه؟ فهل أعربنا نحن عن انزعاجنا من اختياراتهم؟ تم توفير كل الضمانات بالنسبة للاستفتاء وبالنسبة للمحطات الانتخابية ومع ذلك يعبرون دائما عن انزعاجهم”. وكان الرئيس سعيّد قد أصدر الأسبوع الماضي أمرا يمنحه صلاحيات لتعيين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وعضوين فيها.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة تسعى للإيحاء بأنها تجد تجاوبا خارجيا لافتا في معارضتها لسعيّد. ويشير أنصارها كدليل على ذلك إلى سماح فرنسا للغنوشي بكتابة مقال في صحيفة “لوفيغارو” ينتقد فيه قيس سعيّد، بالرغم من ادعاءات سابقة لهم تتهم قيس سعيّد بأنه محسوب على فرنسا.
ميادين + العرب اللندنية