حاصر آلاف الأفغان مداخل مطار كابول الذى يمثل شريان الحياة الرئيسي لهم وللأجانب الذين يحاولون الفرار من البلاد. وتشكل عمليات الإجلاء من المطار مخاطر أمنية كبيرة، وتحديا للطيارين وكذلك للمنظمين في مطارات الاستقبال بالخليج.
قال شاهد عيان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه يتم إطلاق الرصاص بشكل شبه مستمر خارج مجمع مطار كابول المدجج بالسلاح. وتكررت المواجهات المسلحة على بوابات مجمع مطار كابل، حيث يقرر الجيش الأمريكي متى وكيف يتم فتح هذه البوبات وغلقها، في مواعيد لا يمكن التنبؤ بها.
وقال شاهد العيان لـ”د.ب.أ” إنه سيتم إغلاق بوابة المدخل الشمالي للمطار، لمدة يومين. وقال شاهد عيان آخر إن المحتشدين خارج المطار ينتمون إلى جميع الأطياف، وبينهم ممثلون وشخصيات إعلامية تليفزيونة وشباب ونساء يحملن أطفالا حديثى الولادة، وأشخاص معاقون على كراسي متحركة، ضمن آخرين.
وتم نقل آلاف الأشخاص عبر المطار منذ سيطرة حركة طالبان على كابول يوم الأحد الماضي. والمطار هو المكان الوحيد بالعاصمة، الذى تسيطر عليه القوات الدولية.
واضطر الجيش الأمريكي الجمعة لنشر ثلاث مروحيات لنقل 169 أميركيا لم يتمكنوا من الوصول الى المطار من فندق في كابول. ولا يزال هناك كثيرون عالقون بين نقاط التفتيش التابعة لطالبان والأسلاك الشائكة التي أقامها الجيش الأمريكي بانتظار رحلة بيأس.
ويخشى كثير من الأفغان الذي يشعرون باليأس بعدما عملوا مع القوات الدولية على مدار عقدين من الزمان، أو في مجالات مثل حقوق الإنسان، على حياتهم بعد عودة طالبان، ويسعون إلى دخول المطار لإنقاذ أنفسهم وأفراد عائلاتهم.
وحذر تقرير أعد للأمم المتحدة أمس الجمعة من أن طالبان تقوم بعمليات بحث مستهدفة عن متعاونين يعتقد أنهم عملوا مع النظام السابق، وأنها تهدد أفراد أسرهم بالانتقام، رغم تأكيدات الحركة لن تسعى إلى الانتقام.
مخاطر أمنية وصعوبات لوجستية
تجهيز الطائرات لنقل أكبر عدد ممكن من الأشخاص
تشكل عمليات إجلاء آلاف الأجانب والأفغان من مطار كابول تحديا للطيارين، كما يشرح ضابط فرنسي. وقال الكولونيل في سلاح الجو والفضاء يانيك ديبوا آمر القاعدة الجوية 104 في الإمارات التي يمر عبرها الأشخاص الذين يتم إخراجهم من أفغانستان، إن إجلاء المدنيين الراغبين في الفرار من كابول يتم “بمركبات نقل تكتيكية فقط لأنهم يحتاجون إلى مستوى معين من الحماية”. وأضاف أن “طالبان متواجدة في المدينة، في الجزء المدني من المطار وبالتالي بالقرب من المدارج. لم يظهروا حتى الآن عداء مثبتا لكنهم يملكون عددا من الأسلحة التي يمكن أن تشكل تهديدا لطائراتنا”.
وتتألف إجراءات الحماية الذاتية قبل كل شيء من أفخاخ يمكن أن تلقيها الطائرات في حال تم استهدافها.
وقال الضابط “إلى جانب الشق الأمني، وهشاشة الوضع في كابول، هناك شق تقني لهبوط طائرات نقل تكتيكية في كابول الذي هو مطار خاص جدا من حيث الارتفاع وعميق للغاية مع الكثير من الحرارة”.
وأضاف “في الوقت الحالي لا يمكننا إيقاف أكثر من بضع طائرات في المكان” و”ليس هناك إمكانية للتزود بالوقود” ما يضاف الى تعقيدات العملية.
في هذه الظروف، كل مقعد مهم كما أظهرت الصورة الشهيرة لطائرة عسكرية أميركية مليئة بالفارين . من الجانب الفرنسي أوضح الكولونيل انه خلال إحدى الرحلات “عادت إحدى طائرات ايه-400 إم مع أكثر من 200 راكب” فيما “سعة الطائرة 120 راكبا جلوسا على مقاعد، وتم ذلك مع مراعاة كل شروط السلامة وذلك بفضل خبرة أفراد الطاقم الذين استطاعوا توزيع الركاب”.
بخصوص التنسيق مع الدول الأخرى وخصوصا الأمريكيين الذين يتولون هذه العمليات، “فانه يتم على مستويين”.
في كابول “حيث يتم ضمان أمن المطار من قبل فرقة أمريكية كبرى، وأيضا من جانب البريطانيين والأتراك والفرنسيين. هناك تنسيق في المطار للحفاظ على المستوى الأمني ومتابعة تطور الوضع التكتيكي وتطبيق مختلف الوسائل مثل الإنارة، كون إمكانات المراقبة محدودة”.
ثم “في قطر في قاعدة العديد، مركز القيادة الجوية الكبير في المنطقة (…) المسؤول عن إدارة تدفق الطائرات” حيث “يجب إيقافها في الموقع في وقت محدود قدر الإمكان، قدرات التحكم في الحركة الجوية محدودة ويجب ضمان عدم حصول ازدحام”.
وعلقت عمليات الإجلاء عدة ساعات في مطار العاصمة الأفغانية بسبب اكتظاظ القواعد الأمريكية في الخليج ولا سيما في قطر إلى حيث تم نقل الأشخاص الخارجين من أفغانستان في مرحلة أولى، على ما أقر مسؤول في البنتاغون الجمعة.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة أن عمليات الإجلاء الكثيفة في مطار كابول هي “من الأصعب في التاريخ” ولا يمكن ضمان “نتيجتها النهائية”، في وقت يسعى آلاف المدنيين الأميركيين والأفغان للفرار من البلد بعد إحكام طالبان سيطرتها عليه.
ع.ج.م/ع.أ.ج (د ب أ/ أ ف ب) / DW