تبون يساوم الدول الأفريقية: هدفنا من ضخ مليار دولار التصدي للإرهاب.
يقود الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون جهودا لإقناع الدول الأفريقية بأهمية إعادة النظر في المقاربة القائمة بشأن الإرهاب، من خلال توسيع المفاهيم المتعلقة بها بما يفسح المجال لضم تنظيمات وكيانات سياسية معارضة، بعد أن فشلت محاولاته في تفكيك التحفظات الغربية حيال هذا التمشي.
يضغط النظام الجزائري باتجاه توسيع حلقة التنظيمات المنضوية ضمن لائحة الإرهاب الدولي، لتشمل منظمات سياسية معارضة، على غرار حركتي “ماك” و”رشاد”، المصنفتين في القائمة السوداء في الجزائر.
ودعا الرئيس عبدالمجيد تبون في رسالة وجهها لمنتدى مجلس الأمن حول الإرهاب والتطرف في أفريقيا، إلى تحديد الأشخاص وتصنيف المنظمات والكيانات الإرهابية المهددة للأمن في القارة.
وجدد الرئيس الجزائري التذكير بمحاور الخارطة التي وضعتها بلاده في مجال محاربة الإرهاب والتطرف، وذلك في الرسالة التي بعث بها إلى موزمبيق التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، والتي نظمت منتدى حول الإرهاب والتطرف في القارة الأفريقية.
وقال الرئيس تبون إن مقاربة بلاده لمحاربة الإرهاب في القارة السمراء تقوم على “تفعيل الصندوق الأفريقي الخاص بمكافحة الإرهاب، ووضع قائمة أفريقية للمجموعات والكيانات والأشخاص المتورطين في أعمال إرهابية، بما في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب، وتجسيد مشروع الأمر بالقبض الأفريقي”.
وأعاد تبون التذكير بأن قرار بلاده ضخ مليار دولار في ميزانية الوكالة الوطنية للتعاون الدولي يأتي من أجل التضامن والتنمية، وبغية الـمساهمة الفعلية في دفع عجلة التنمية بالقارة الأفريقية، وهو عينة لما يستوجب القيام به في أفريقيا من أجل تجفيف منابع ومستنقعات الإرهاب والتطرف.
ولفت إلى أن “الجزائر تواصل دعمها للآليات والوكالات الأفريقية المتخصصة في هذا المجال، خاصة المركز الأفريقي للدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب، وآلية الاتحاد الأفريقي للتعاون الشرطي، وهما الآليتان اللتان تحتضن الجزائر مقريهما، فضلا عن لجنة أجهزة الأمن والاستخبارات الأفريقية الكائن مقرها بأديس أبابا”.
ويبدو أن الرئيس الجزائري يريد توجيه الاهتمام الأفريقي بمحاربة الإرهاب والتطرف، نحو تنظيمات وأشخاص جرى تصنيفهم في الجزائر ككيانات إرهابية ومتطرفة، بموجب ما يعرف بنص البند 87 مكرر من قانون العقوبات الجديد الذي استحدث العام 2021.
الرئيس الجزائري يريد توجيه الاهتمام الأفريقي بمحاربة الإرهاب، نحو تنظيمات معروفة بمعارضتها لسياساته
ويتعلق الأمر بحركتي استقلال القبائل ورشاد، وبعض الناشطين السياسيين الذين نفوا أي صفة للإرهاب أو التطرف على أنفسهم، وشددوا على أنهم معارضة سياسية للسلطة بشكل سلمي ولم يحدث أن تم حملهم للسلاح أو القيام بعمليات ميدانية معادية.
وتبقى القارة الأفريقية فضاء مفتوحا لمختلف التنظيمات الإرهابية، لاسيما في منطقة الساحل، ودول جنوب الصحراء، وقبلهما في شمال القارة، والقرن الأفريقي، حيث تتناسل مختلف التنظيمات الجهادية الدولية والمحلية، على غرار القاعدة وداعش وبوكو حرام، وحركة شباب الصومال.. وغيرها.
ويبدو أن السلطة الجزائرية التي فشلت في إقناع الحكومات والعواصم الغربية بمقاربتها بشأن حركتي “ماك” و”رشاد”، تريد توظيف مشجب الإرهاب، من أجل توسيع دائرة المتابعة الأمنية في حق هؤلاء لكل دول الاتحاد الأفريقي.
وكان تقرير أميركي صدر خلال الأسابيع الأخيرة حول المخاطر المهددة للمصالح الأميركية، قد أسقط التهديد الإرهابي، كما رفض اعتبار تنظيمي “ماك” ور”شاد” الجزائريين إرهابيين، واعتبرهما تنظيمين سياسيين معارضين بـ”شدة” لسلطات بلادهم.
ويوحي التقرير بأن واشنطن بصدد إجراء صياغة جديدة لسياستها في هذا المجال، وأن عدم إدراج الإرهاب في لائحة المخاطر المهددة، سيغير حتما تعاطيها مع من لا يزال يسوق له كنشاط إرهابي أو تطرف ديني، وحتى عروض الدعم والتعاون التي كانت تقدم سابقا لمختلف الحكومات خاصة في أفريقيا، ستختفي من البرنامج الأميركي.
الرئيس الجزائري يرى أن مقاربة بلاده تقوم على “تعزيز قدرات الدول الأفريقية على منع استخدام أراضي الشركاء الدوليين كمنصات للتحريض أو دعم أنشطة إرهابية
وذكر الرئيس الجزائري في رسالته “لقد أضحت قارتنا في العشرية الأخيرة أكثر تأثرا من أي منطقة أخرى في العالم بهذه الآفة، في ظل امتداد واتساع رقعتها الجغرافية إلى وجهات كنا نعتبرها في مأمن من شر الإرهاب، ومنها بلدكم الشقيق (موزمبيق) الذي نجدد بهذه الـمناسبة تضامننا التام معه ودعمنا الكامل للجهود الـمبذولة تحت قيادتكم الحكيمة لمواجهة هذا التهديد”.
وأضاف “لا يخفى على أحد في هذا المجلس الموقر أن تنامي حدة هذه الآفة في العديد من الـمناطق الأفريقية، وبالخصوص في منطقة الساحل والصحراء، أضحى يشكل الخطر الأبرز على أمن واستقرار القارة، فضلا عن تقويض جهود التنمية الاقتصادية وتجسيد أهداف أجندة 2063”.
وتابع “بالنظر لما لمسناه من تراجع اهتمام المجموعة الدولية بهذا الموضوع في سياق عالمي يتسم بالاضطراب والاستقطاب، وجب التأكيد مرة أخرى أن ما تواجهه أفريقيا هو تهديد عالمي لا يعترف بالحدود ولا يرتبط بأي دين أو عرق أو جنسية. مثلما لا ينبغي بأي حال من الأحوال مساواته بالنضال المشروع للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال من أجل استرجاع حقوقها المسلوبة، وعلى رأسها حقها غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير الـمصير والاستقلال على النحو الـمنصوص عليه في قرارات الشرعية الدولية”، في إشارة منه إلى جبهة بوليساريو الانفصالية.
ويرى الرئيس الجزائري أن مقاربة بلاده في هذا الشأن، تقوم على “تعزيز قدرات الدول الأفريقية على منع استخدام أراضي الشركاء الدوليين كمنصات للتحريض أو دعم أنشطة إرهابية في دول أخرى، مع مضاعفة الجهود لتفادي الـمساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تمويل الإرهاب”، في تلميح إلى نشاط بعض التنظيمات والأشخاص على أراض أوروبية أو أميركية، كما هو الشأن بالنسبة لعواصم أوروبية تحتضن أفراد تنظيمات محلية معروفة بمعارضتها للسلطة الجزائرية.
ميادين – العرب اللندنية