رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للاقتصاد العالمي عام 2024، مع الحفاظ على توقعات قاتمة على المدى المتوسط، وفقا لبيانات جديدة نُشرت الثلاثاء.
ويتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3,2% هذا العام، بزيادة 0,1 نقطة مئوية عن توقعاته السابقة في كانون الثاني/يناير، وبنسبة 3,2% أخرى في عام 2025، وفقًا لأحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي صدر عنه.
ومن المتوقع أن يتراجع معدل التضخم العالمي من 5,9% هذا العام إلى 4,5% في عام 2025، مدعوما بارتفاع أسعار الفائدة في العديد من البلدان حول العالم.
وقال مدير البحوث في صندوق النقد الدولي بيار-أوليفييه غورينشا للصحافيين في اتصال قبل صدور تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الثلاثاء “لا يزال الاقتصاد العالمي صامدا تمامًا، على الرغم من وجود اختلافات” بين المناطق والبلدان.
وأضاف “إن السيناريو الأساسي لدينا هو السيناريو الذي يتوافق مع هبوط عالمي ناعم”، في إشارة إلى محاولات العديد من حكام البنوك المركزية خفض التضخم إلى المستوى المستهدف من دون زيادة البطالة المرتفعة أو خنق النمو الاقتصادي.
ويأتي نشر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في الوقت الذي يجتمع فيه القادة الماليون العالميون في واشنطن هذا الأسبوع لحضور سلسلة من الاجتماعات نصف السنوية التي يستضيفها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مقرهما بواشنطن.
وتأتي مساعدة الدول الأكثر مديونية في العالم وتغير المناخ على رأس جدول أعمال هذه الاجتماعات.
تباين بين الاقتصادات المتقدمة
تبدو الاختلافات بين الاقتصادات المتقدمة في العالم صارخة ويتوقع صندوق النقد الدولي حاليًا أن يصل النمو في الولايات المتحدة إلى 2,7% هذا العام – بزيادة 0,6 نقطة مئوية عن توقعات كانون الثاني/يناير – مما يمثل تسارعًا بعد أن بلغ النمو 2,5% في عام 2023.
ومن المتوقع بعد ذلك أن يتباطأ النمو في أكبر اقتصاد في العالم إلى 1,9 بالمئة في 2025، وهو أعلى قليلا مما كان متوقعا في السابق.
في المقابل، من المتوقع حاليًا أن تنمو منطقة اليورو بنسبة 0,8% فقط في عام 2024 – بانخفاض 0,1 نقطة مئوية عن كانون الثاني/يناير وأعلى قليلاً فقط من النمو الضعيف البالغ 0,4% المسجل في العام الماضي – قبل أن ترتفع هذه النسبة إلى 1,5% في عام 2025.
كما تم تعديل التوقعات للمملكة المتحدة وكندا هذا العام نزولاً، في حين ظلت توقعات النمو في اليابان لعام 2024 من دون تغيير.
الصين بدون تغيير
وتبدو الصورة مختلطة أيضاً بالنسبة للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في العالم.
ولا يزال من المتوقع أن تنمو الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 4,6 % هذا العام، وبنسبة 4,1 % في عام 2025 – دون تغيير عن كانون الثاني/يناير.
ويعود تباطؤ النمو إلى حد كبير إلى تراجع “النمو المرتفع للاستهلاك والتحفيز المالي” بعد الجائحة، والضعف المستمر في قطاع العقارات، وفقا لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي.
ولكن إحدى النقاط المضيئة هذا العام هي الهند التي يتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن تنمو بنسبة 6,8 % – بزيادة 0,3 نقطة مئوية عن توقعات كانون الثاني/يناير – وبنسبة 6,5 % في عام 2025.
وقال صندوق النقد الدولي إنه على الرغم من أن النمو هو أقل بنقطة مئوية كاملة من النمو الهندي لعام 2023، فإن النمو القوي المتوقع هذا العام يعكس “القوة المستمرة التي يتمتع بها اقتصاد البلد الجنوب آسيوي في الطلب المحلي وارتفاع عدد السكان في سن العمل”.
تحسن التوقعات بشأن روسيا من جديد
تم تعديل توقعات النمو في روسيا على ارتفاع من جديد مع استمرارها في تحدي توقعات الركود بسبب حربها المكلفة المستمرة في أوكرانيا.
ومن المتوقع الآن أن ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 3,2% هذا العام، وبنسبة 1,8% في عام 2025، وهو أعلى بكثير من توقعات كانون الثاني/يناير.
وقال غورينشا إن “أحجام صادراتهم النفطية ظلت ثابتة تماما وفي بيئة كانت فيها أسعار النفط قوية للغاية”، مشيراً إلى الصادرات كمحرك رئيسي لحفاظ الاقتصاد الروسي على قوته.
أما التوقعات لبلدان أميركا اللاتينية هذا العام فهي أعلى قليلا عند 2,0 %، في حين أن التوقعات لبلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لم تتغير وهي عند 3,8 %.
وتراجعت قليلًا آفاق النمو في عام 2024 في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لتبلغ 2,8%، بانخفاض 0,1 نقطة مئوية.
وعلى الرغم من التوقعات العامة الأكثر تفاؤلاً لصندوق النقد الدولي لهذا العام، فإن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي ما زال يرى أن النمو في الأمد المتوسط من المتوقع أن يظل “ضعيفاً تاريخياً”، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى “العقبات الهيكلية المستمرة التي تمنع رأس المال والعمالة من الانتقال إلى الشركات المنتجة”.
ومن المتوقع أن يصل النمو إلى 3,1 بالمئة في 2029، وهو أقل بكثير من توقعات ما قبل الجائحة.
كما لاحظ تقرير صندوق النقد الدولي أن “وتيرة الاقتراب باتجاه مستويات معيشة أعلى في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل تباطأت، مما يشير ضمناً إلى استمرار التفاوتات الاقتصادية العالمية”.
ميادين / أ ف ب