استيقظ مصطفى تاجر الخضار والفواكه بمدينة الرباط المغربية في الصباح الباكر، وذهب لسوق الجملة للتزود بمختلف أنواع الخضار والفواكه لمحله، وذلك لتقديمها لزبائنه طازجة وطرية، قبل شهر رمضان المبارك، الذي يشهد فيه محله إقبالا كبيرا.
فيما تنقل بو شعيب (بائع سمك بالرباط) في سوق الجملة بالدار البيضاء لجلب أصناف متنوعة من السمك، التي تقبل عليها الأسر قبل رمضان وخلاله لإعداد المملحات كأطباق رئيسة.
وتعرف العديد من المنتجات خلال رمضان إقبالا كبيرا، وتشهد أسواق المنتجات الأساسية دينامية خاصة قبل رمضان وخلال الأسبوع الأول منه، حيث يرتفع الطلب على منتجات غذائية مرتبطة بعادات وتقاليد المغاربة خلال رمضان.
وفرة بالأسواق
في جولة ميدانية لأبرز أسواق الجملة والتقسيط بالرباط (العاصمة)، رصدت الجزيرة نت، وفرة في مختلف الأسواق (الخضار والفواكه والحبوب ومواد البقالة والدواجن والبيض والأسماك)، حيث تمتلئ الأسواق بكل الأصناف والأنواع.
يقول عبد الإله بهجة، الكاتب العام لاتحاد جمعيات أسواق الجملة للخضار والفواكه بالمغرب، في تصريح للجزيرة نت، إن الأسواق تشهد وفرة في المنتجات رغم الجائحة.
وسجل بهجة، الذي يرأس أيضا جمعية تجار الخضار والفواكه بالرباط، أن الموسم الزراعي الحالي امتاز بأمطار جيدة ما جعل السوق يعرف اكتفاء.
من جانبه، يؤكد الطاهر أبو الفلاح، رئيس جمعية مهنية لتجار القرب بالدار البيضاء، على تنوع العرض ووفرته، ويقول للجزيرة نت “لا نسجل قلة أو ندرة في أي مادة من المواد الأساسية ذات الاستعمال الواسع خلال رمضان”.
وكان بلاغ لوزارة الداخلية المغربية قد أكد أن وضعية التموين الراهنة والمرتقبة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، تتميز بعرض وافر ومتنوع يلبي احتياجات المواطنين بكافة عمالات وأقاليم المملكة من مختلف المواد والمنتجات الأساسية، سواء المحلية منها أو المستوردة، لا سيما تلك التي يكثر عليها الطلب بمناسبة شهر رمضان.
بدوره، يفيد الكاتب العام لجمعيات حماية المستهلك بالمغرب، وديع مديح، أن توفر المنتجات لم يعد إشكالا بالمغرب، وأصدرت بعض الهيئات الإنتاجية مثل منتجي البيض بلاغات طمأنة للمواطنين تؤكد فيها توفر العرض بشكل كاف.
محل مصطفى تاجر الخضار بالرباط يشهد إقبالا كبيرا في شهر رمضان
أسعار مستقرة نسبيا
تعرف بعض المنتجات ارتفاعا نسبيا في أسعارها خصوصا مع ارتفاع الطلب بسبب عادات الاستهلاك في رمضان، وكانت الحكومة المغربية قد أقدمت على إجراءات تعليق الرسوم الجمركية بشكل خاص على بعض المنتجات الأساسية كالحبوب.
وبخصوص الحبوب الغذائية لا سيما الحمص والعدس، قالت وزارة الزراعة المغربية إن عملية الاستيراد تمت بانتظام وبكميات وجودة كافية لتلبية الحاجيات من الحبوب للصناعات التحويلية وتجديد المخزونات الداخلية باستمرار، وأن الأسعار المعمول بها بالنسبة لهذه السلع في السوق المغربي مستقرة نسبيا.
يقول وديع مديح عن جمعيات حماية المستهلك إن الأسبوع الأول من رمضان يشهد عادة ارتفاع الطلب، الذي يؤدي إلى ارتفاع طفيف في الأسعار، وتعود لتستقر باقي الشهر.
ويوضح رئيس مهنيي سوق الحبوب والبقوليات بالرباط أن التجارة متضررة بسبب الجائحة، مشيرا إلى أن الدولة خفضت من الجمارك، ما جعل أسعار بعض المنتجات مثل السمسم المصري واللوز منخفضة، وأسعار الحبوب والبقوليات مستقرة.
وأشارت السلطات المغربية (بلاغ لوزارة الداخلية) إلى أن أسعار المواد الأساسية تعرف في غالبيتها استقرارا، وتبقى في مستوياتها الاعتيادية، مع تسجيل بعض التغيرات النسبية في أسعار بعض المواد مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، مثل الانخفاض النسبي المسجل في أسعار الخضار واللحوم الحمراء والحبوب والفواكه المجففة، والارتفاع النسبي المسجل في أسعار الزيوت الغذائية واللحوم البيضاء والبيض.
وكانت المندوبية السامية للتخطيط، قد توقعت بعض التباطؤ في الإنتاج الحيواني بسبب الانخفاض المستمر في إنتاج الصيصان، وانخفاض إنتاج لحوم الدواجن بنسبة 4.9%، وعزت الزيادات في أسعار الزيوت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام في السوق الدولية (الفاو سجلت الأسبوع المنصرم ارتفاع أسعار الزيوت دوليا).
وقالت المندوبية إن مخاطر التضخم ستظل محدودة على المدى القصير، بحيث سيحد تحسن سعر الدرهم مقابل الدولار من تأثير ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة على الأسعار المحلية، كما سيساهم تحسن الموسم الفلاحي خلال هذه السنة في إبقاء معدل التضخم خلال 2021 عند مستويات معتدلة.
الطلب يرتفع على المواد الغذائية خلال شهر رمضان في الأسواق المغربية
قدرة شرائية متأثرة بكورونا
وفق مختلف الفاعلين في الأسواق المغربية، فإن الطلب رغم ارتفاعه متراجع مقارنة بالأعوام السابقة خلال رمضان، والإقبال يكاد يكون محتشما رغم كل التنوع والوفرة الموجودة بالأسواق، ويعلل الفاعلون هذه الوضعية بانخفاض القدرة الشرائية نتيجة تداعيات أزمة كورونا، حيث تضررت العديد من الأسر، وفقد الكثيرون مدخولهم أو جزءا منه.
يقول الطاهر أبو الفلاح إن الإقبال متوسط على المواد الأساسية في رمضان بسبب الجائحة التي أثرت على السوق. ويضيف أن التجار متخوفون من الإغلاق الليلي خلال رمضان وتبعاته (قرر المغرب حجرا شاملا بين الثامنة مساءا والسادسة صباحا).
بدوره، يؤكد رئيس تجار سوق الحبوب بالرباط أن الإقبال محتشم؛ لأن العديد من القطاعات تضررت، وانخفضت القدرة الشرائية، والكثير من الأسر قلصت من مشترياتها.
رقابة موسمية وقطاع مواز منفلت
تجتهد وحدات المراقبة خلال رمضان، غير أنها تبقى موسمية وغير كافية، وفق الفاعلين.
يقول وديع مديح إن بعض الموردين يغتنمون فرصة رواج رمضان لرفع الأسعار، وبعضهم لتمرير السلع ذات المصادر المجهولة والمهربة، أو التي لا تحترم المعايير خصوصا في الأسواق غير المقننة.
ويعتبر وديع أن المراقبة تبقى ضعيفة، ولا تغطي الأسواق كافة، ولم تحقق حتى الآن أبسط حقوق المستهلك المتمثلة في إشهار الأثمان عند البيع، الذي يعتبر إجراء مهما وتنفيذه بسيط.
ويعتبر ممثلو التجار في مختلف الأسواق، الذين تحدثت معهم الجزيرة نت، أن السوق الموازي والقطاع غير المهيكل يبقى نقطة سوداء في سلسلة مراقبة الجودة وسلامة الاستهلاك، وأن الأسواق العشوائية والباعة المتجولين يقدمون أحيانا مواد لا تحترم معايير السلامة الصحية والجودة، ولا قوانين المنافسة، وفي المقابل تشهد الأسواق المقننة دوريات المراقبة، التي تهتم بالأسعار والجودة والسلامة.
مريم التايدي – الرباط / الجزيرة