رمضانيات…ولكن

بسم الله الرحمن الرحيم

من واجب تطبيق قوله تعالى (ذكر فإنما انت مذكر) وواجب النصيحة للنفس والغير، واستهلالا لهذا الشهر العظيم نسأل الله به لكل الناس ايام رمضانية مشحونة بالتسامح والعمل الصالح، وان لا ينسوا الله ولا يغفلوا عن مرضاته بالإحسان إلى خلقه كل خلقه، بشرا كان أو حيوانا أو نباتا أو حتى الحجر، فشهر الصيام هو شهر الطاعة في الإصلاح والتفكر في وجودنا ولماذا خلقنا الله، وابتدأ من هذه الليلة وعلى ما قدرنا الله له سنخصص يوميا منشورا في التذكر لعله ينفعنا يوم لا ينفع مال ولا بنون…. وعسى الله أن يرحمنا فنرحم في رحمته من هو بحاجة للعون والتكافل والمساعدة، تذكروا وذكروا واستذكر ا يرحمكم الله.

الله العلي العظيم عادل مطلق لا شك ولا ارتياب في عدله، والدليل أنه حذر الإنسان من الظلم والتظالم للنفس والغير، فمن يؤمن بالله لا بد أن يؤمن بعدله ويطيعه في اجتناب الظلم، هذه مقدمة اولى للإيمان الحقيقي وبخلافها لن يكون لإيمان البشر اي معنى، فشبيه الشيء منجذب إليه وهو من قال واقيموا العدل بالقسط، إذا ونحن في شهر المعرفة والتقرب من الله حذاري ثم حذاري، أن تظلم فيها أحد لا يجد ملجأ منك الا عدل الله، فالله لا يحب الظالمين ومن لا يحبه الله لن تجد له وليا ولا شفيع..

في أول أيام شهر النضال والتعلم وممارسة ضبط النفس وتقوية التقدير الذاتي للنفس والعقل، أود أن اذكركم بأن الله لا يريد من هذه الممارسة السلوكية أن يضع الجميع في سلة الاختبار الواحدة، دون أن يرى الاختلاف الإيماني ودرجاته كما يرى الاختلاف النفسي والصحي والفسيولوجي في مجتمع الانسان، لذلك منح لنا اولا استثناء عاما لكل من لم يستطيع الصيام حينما قال (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، وبذلك منح الكثير العذر والمعذرة الشرعية، وعاد مرة أخرى ومنح فئات تستطيع لكن يضرها الصوم أو يشعرها بالضرر، منهم المريض والمسافر وأصحاب العذر الصحي، هذه الرحمة من الله تعلمنا أن الصوم كما في بقية الفروض أدوات لإصلاح الإنسان، وليس الانتقام منه أو فرض ما لا يطاق على من لا يطيق حتى نعرف المؤمن من غيره، كونوا تلاميذ في مدرسة الرحمة ولا تتشددوا ولا تضيقوا على الناس وتعملوا الهدف والغاية والسر من وراء الصيام.

فلو أراد الله أن يختار أسلوب التعميم والحد المتساوي بين البشر وجعل التكليف واحدا موحدا، دون تسامح أو تساهل لهلك من في الارض جميع، واطاح الله بركني القدرة عنده وهما العدل والرحمة، الله الجميل الحبيب الطيب يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، إنما من يريد خلاف ما يريد الله اولئك الذين يشترون بآيات الله مغانم الدنيا ويقولون أن الله أمر، والله لا يعرف ظلما للعباد ولا يعرف قسوة قلوب البشر.

ما أحدثه الكثير ممن يسمون أنفسهم رجال دين من إساءة للدين وبالدين تحديدا من نجاح بتشويهه وتحريفه والتجهيل به ما لم تنجح به كل قوى الشر أن تحدثه، والسلاح دوما هي نصوص الدين وأحكامه وتأويلاته وتفسيرات التي اظهر وتنتشر وتعمم وتترسخ بقوة السلطة والجهل وتحت غطاء القدسية الزائفة، حتى وصل الأمر للعبادات والتي تم تفصيلها وتسطيرها بإحكام في كاتب الدين، ولو أخذنا مثلا بسيطا عندما يقول النص الديني ” وأتموا الصيام إلى الليل” نجد رجال الدين يشرقون ويغربون في موضوع تحديد مدلول الليل، وكأنهم لم يعرفوه من قبل ولم يتعاملوا مع هذه المفردة التي وردت في القرآن منقولة عن لغة أهل المريخ، يكفيهم مثر سؤال إعرابي من الجزيرة وتحديدا من جوار مكة أو المدينة ونسأله متى يدرك الليل؟ وما هي العلامات الدالة عليه لأنتهي خلاف ألف وأربعمائة سنه من الجدال العقيم، العلة بأولئك الذين يبحثون عن الشيطان في التفاصيل الغير مهمة وعندما تسألهم مثلا عن كبريات قضايا الإنسان مثل الحرية والعدل والحقوق العامة والخاصة، لا تسمع إلا اللعنات والتكفير والذم القبيح منهم، فلو عزلنا ديننا عن هؤلاء ومنحنا أنفسنا فرصة أداء الواجب العقلي في فهم وإدراك المقاصد، بدل من ظننا أن الله قد منحهم لوحدهم هذه الملكة التي لم يمنحها لغيرهم، لأفقنا على هول الخديعة والخطيئة التي لا تغتفر ولا تقبل، عندها لا مفر من من عزلهم وأفكارهم مثل ما يعزل المريض الخطر عن مجتمعه.-

في كل عام وتحديدا في شهر رمضان نجد الكثير من الجدال والخصام وكثيرا من الجدل وقليلا قليلا جدا من كلمة حق بين الناس، ويجد الكثير من رجال المعبد الكهنوتي مرتعهم الخصب ليصولوا ويجولوا في عقول الناس تخريبا وتسفيها وتجهيلا بعناوين (قال رسول الله)، وحدثنا الشيخ الفلاني عن أبيه الذي لم يكن مؤمنا ولا حتى مسلما، وورد عن فلان العلاني الذي لم يرى النبي ولم يسمع عنه لا هو ولا جده السابع أنه سمع فلان الذي كان لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم أن رمضان شهر الجهاد وحمل السيف وقتل الناس الذين يفطرون أو لا يلتزموا بما ألتزم به هو لأنه مترف ومتوفر له كل شيء، لا يرد مثلا حديث من أعان ظالما شرك في ظلمه، ومن أعان فقيرا على فقره أغناه الله من فضله، لأنه لا يرى في الفقير إلا نعجه يقودها حيث يشاء بينما يرى الظالم سيفا يخشاه، لقد جعلوا من رمضان شهر الكفر والضلال والمعصية حين عزلوا الناس عن ربهم وجعلوهم مجرد مشاهدين لصراع بين الطائفة الفلانية التي تفطر متأخرة وتصوم مبكرة وبين الفئة المنافسة التي تفطر مستعجلة وتصوم متأخرة في كل يوم.

عباس علي العلي

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

مظاهرات الجامعات الأميركية.. مراجعة وعِبَر

يتظاهر طلبة أميركا مطالبين بالحرية لفلسطين، ووقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية واستلاب للحقوق منذ 76 عامًا وتتوسع مظاهراتهم إلى أوروبا وغيرها، ولا تجد لها صدى في بلدان وجامعات المَوات العربي. فإلى أي مدى تفيد تلك المظاهرات في الزمان والمكان في نصرة فلسطين، وتغيير السياسات الإمبريالية الأميركية المنحازة للكيان الصهيوني انحيازًا تامًا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
20 × 29 =