مع تزايد الضغط على صربيا وإعلان سلطات الدول الأوروبية المجاورة تشديد الرقابة على الحدود للحد من الهجرة غير النظامية، أعلنت الشرطة الصربية أمس الأربعاء عن منع 200 مهاجر من عبور الحدود إلى هنغاريا، فيما أكد وزير الداخلية على أن بلاده “لن تكون ساحة انتظار للمهاجرين” الراغبين بإكمال طريقهم إلى دول أوروبا الغربية.
قالت وزارة الداخلية الصربية أمس الأربعاء إن الشرطة منعت 200 مهاجر من عبور حدودها الشمالية المشتركة مع هنغاريا، وأعلنت عن مصادرة أموال وأسلحة خلال تفكيكها مخيم عشوائي قرب نهر تيسا الحدودي.
وبحسب السلطات، رافقت الشرطة المهاجرين إلى مركز استقبال، لكنها نقلت “عددا منهم إلى مكتب المدعي العام لاتخاذ مزيد من الإجراءات”، وفقا لبيان وزارة الداخلية.
ونشرت وزارة الداخلية على موقعها الرسمي أمس الأربعاء 5 تشرين الأول/أكتوبر، فيديو يظهر تفكيك الشرطة المخيم وتوقيف المقيمين فيه ومصادرة بعض أغراض المهاجرين.
يأتي تحرك الشرطة الأخير بالتزامن مع تسليط المزيد من الضوء على طريق غرب البلقان الذي يسلكه المهاجرون بهدف الوصول إلى دول أوروبا الغربية، وتوالي الاجتماعات الأوروبية رفيعة المستوى لتشديد الرقابة على الحدود والضغط على صربيا من أجل تغيير سياسة التأشيرات الخاصة بها.
صربيا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، لكنها لا تزال على قائمة الترشيح، وباتت محط الأنظار في الفترة الأخيرة بعد أن حمّلها سياسيون أوروبيون مسؤولية زيادة أعداد الوافدين إلى أوروبا، كونها تسمح لمواطني بعض الدول غير الأوروبية مثل تونس وبوروندا وكوبا، بالدخول إليها دون الحاجة إلى الحصول على تأشيرة.
في مقابلة سابقة مع مهاجرنيوز، أوضحت الباحثة صوفي دوفال في منظمة “CCFD-Terre Solidaire” أن “هناك الكثير من الضغط من الاتحاد الأوروبي على صربيا لتغيير سياسة التأشيرات الخاصة بها، تمارسه منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وذلك ضمن إطار المساومة فيما يتعلق بانضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي”.
لن نكون ساحة انتظار للمهاجرين
وفقا لرئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش، فإن بلاده على استعداد لإدخال تغييرات على سياستها “كي لا تكون صربيا الدولة التي يستخدمها المهاجرون للوصول إلى أوروبا الغربية”. وقال بعد اجتماع عقد في العاصمة الهنغارية أول أمس الثلاثاء إنه “بحلول نهاية العام، ستعمل صربيا بشكل كبير على مواءمة سياسة التأشيرات الخاصة بها مع سياسة تأشيرة الاتحاد الأوروبي، بحيث لا يمكن استخدام صربيا كدولة دخول للهجرة غير الشرعية”.
وزير الداخلية الصربي عاد وأكد في بيانه الأخير أمس الأربعاء على أن بلاده “لن تكون ساحة انتظار للمهاجرين” أو “مكانا لقطاع الطرق”.
بحسب تقديرات منظمة “كليكاكتيف” غير الحكومية، يوجد حاليا في صربيا حوالي 10 آلاف مهاجر “عالقين” يحاولون عبور الحدود إلى هنغاريا وكرواتيا ويعيش حوالي نصفهم في تجمعات غير رسمية.
ضوابط حدودية داخل منطقة شنغن
وكالة “فرونتكس” المسؤولة عن حماية الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي، قالت إنه في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، سجلت محاولة حوالي 86 ألف محاولة عبور إلى أوروبا عبر دول غرب البلقان، بزيادة تبلغ نسبتها 190% بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وذلك استدعى تحرك الدول الأوروبية المجاورة إلى تشديد الرقابة على الحدود وفرض إجراءات جديدة من شأنها أن تمنع المهاجرين من إكمال طريقهم غربا، إضافة إلى فرض نقاط تفتيش داخلية بين دول منطقة شنغن.
قال وزير الداخلية التشيكي فيت راكوسان أمس الأربعاء، إن حكومته قررت تمديد دوريات التفتيش على الحدود مع سلوفاكيا لمدة 20 يوما أخرى، بعد أن كانت أعلنت عن فرض تلك الرقابة على الحدود التي يبلغ طولها 252 كيلومترا لمدة 10 أيام في 29 أيلول/سبتمبر الماضي.
من جهته، قال وزير الداخلية الهنغاري ساندور بينتر إن بلاده تعتزم نشر أربعة آلاف جندي على الحدود الجنوبية بعد قرار جمهورية التشيك بإعادة الضوابط الحدودية مؤقتا على حدودها مع سلوفاكيا الأسبوع الماضي.
لا يمكن أن يكون الحل عبر إغلاق الحدود
لورا لانغاروتي، مسؤولة التواصل لدى منظمة الهجرة الدولية لغرب البلقان، تنوه إلى أنه طرأت تغييرات جديدة على طريق البلقان خلال الأشهر الماضية، وبات المزيد من المهاجرين يعبرون صربيا باتجاه هنغاريا، بدلا من المرور عبر البوسنة والهرسك.
منذ حوالي أربعة أعوام، كانت تعتبر البوسنة والهرسك محطة عبور أساسية للمهاجرين على طريق البلقان، إلا أنه ومع مرور الوقت فرضت كرواتيا رقابة مشددة على الحدود ما أدى إلى تجمع الكثير من المهاجرين في مخيمات حدودية ضمن ظروف مأساوية. وتناولت تقارير حقوقية وإعلامية ارتكاب حرس الحدود الكرواتي عمليات صد عنيفة بحق طالبي اللجوء ومنعهم من إكمال طريقهم.
وبالتالي، كان لهذا التغير في الطريق عواقب على الدول الأوروبية المجاورة لصربيا، حسبما توضح لانغاروتي خلال حديثها مع مهاجرنيوز، قائلة “بات يفضل المهاجرون عبور صربيا أكثر من البوسنة والهرسك، وبالتالي زادت أعداد طالبي اللجوء والمهاجرين في دول مثل هنغاريا والنمسا”.
لكن المتحدثة باسم المنظمة الدولية تعتبر أن على دول غرب البلقان الاستجابة لإدارة الهجرة بطريقة مختلفة “لا تكون قائمة على حالة الطوارئ فحسب، لأنه من الواضح أن دول البلقان لن تتوقف عن كونها معبرا للمهاجرين”، منتقدة في الوقت نفسه الضوابط الحدودية المتزايدة من قبل سلطات الدول الأوروبية المجاورة قائلة “لا يمكن أبدا أن يكون الحل عبر وضع سياج وإغلاق الحدود”.
ميادين – مهاجر نيوز