تشكل لوحة فسيفسائية بألوان زاهية.. أزهار صديقة للبيئة في الأردن

متنقلا بين أصناف الزهور وألوانها، أمضى المهندس الزراعي الخمسيني يحيى وصفي شطر عمره، يتفقدها كأطفاله صباح مساء، يعتني بالمصابة، ويقطف اليانعة منها يجهزها لعروس أو حفلة نجاح، فالزهور “جمال وسرور وتدخل على القلب الفرح” يقول وصفي للجزيرة نت.

يتخصص وصفي، في مشتله المقام على مساحة 5 دونمات بمنطقة أبو نصير شمال العاصمة عمّان، في زراعة أصناف ورد الجوري والمنثور والقرنفل وغيرها، يجيد التعامل معها ويعرف تفاصيل إزهارها ومواعيد السقاية والعناية.

وينتج الأردن من 50-60 مليون زهرة سنويا، من نحو 3 آلاف بيت بلاستيكي في مناطق الأغوار وحوض البقعة، وبطرق زراعية حديثة، وداخل بيوت بلاستيكية مجهزة للتحكم بنسب الرطوبة ودرجات الحرارة التي تحتاجها النبتة.

أنماط زراعية جديدة

تحتوي البيوت البلاستيكية القائمة بمزرعة وصفي على أحواض من “تربة التوف” وهي عبارة عن أحجار بركانية صغيرة الحجم، لونها يجمع بين الأسود والبني، يستخدمها كنوع من التربة البديلة في زراعته.

وعلى مدى العقدين الماضيين تطورت التكنولوجيا المستخدمة في الزراعة بالأردن، فتعددت أنواع الزراعة إلى جانب الزراعة في التربة التقليدية، وباتت هناك أصناف من الزراعات مثل التربة البديلة والزراعة العضوية والزراعة بالمياه باستخدام الحصى ونشارة الخشب، وألياف جوز الهند وغيرها، وفق مختصين بالزراعة.

ويفضل وصفي الزراعة في التربة البديلة لميزاتها الكثيرة -على حد قوله- فهي بعيدة عن الأمراض والآفات ومشاكل التربة وملوحتها، وبالتالي استخدام أقل للمبيدات الكيميائية، إضافة لتوفيرها في كميات المياه المستخدمة للري بنسبة 60%، وإعادة استخدام المياه الفائضة عن حاجة النبتة من خلال قنوات تعيدها لبرك مائية مخصصة لذلك.

تعويض الخسائر

في مزرعة مجاورة لمزرعة وصفي، يعمل المهندس الزراعي سامي الخطيب في إنتاج زهور القطف بتربة بديلة يصفها بـ “التربة الصديقة للبيئة” ويقول الخطيب للجزيرة نت إن “الطلب على الزهور يزداد يوما بعد يوم مع تحسن الحالة الوبائية في المملكة، وعودة عمل قطاعات صالات الأفراح والفنادق والمؤتمرات والمناسبات الاجتماعية”.

ويضيف “بدأنا بتعويض الخسائر المالية التي تعرضنا لها خلال أزمة فيروس كورونا وما رافقها من إغلاقات وحظر للتجوال. ألحق بنا خسائر زادت عن 30 ألف دينار (43 ألف دولار) خلال العام الماضي”.

ووفق مختصين فإن قطاع إنتاج زهور القطف يحقق حالة من الاكتفاء الذاتي للمملكة بالزهور، ويتم تصدير جزء من الإنتاج لدول الخليج ولبنان ودول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وهولندا وإنجلترا وغيرها، في حين تستورد المملكة كميات من الزهور خلال فصل الشتاء وفق روزنامة زراعية محددة.

إعفاء مدخلات الإنتاج

قطاع إنتاج الزهور وصفته السلطات بأنه من “القطاعات الأكثر تضررا بجائحة كورونا” نتيجة الإغلاقات وانخفاض الطلب، وبلغت خسائر القطاع خلال العام الماضي أكثر من 5 ملايين دينار (7 ملايين دولار) وفق رئيس جمعية تجار أزهار القطف المهندس الزراعي مازن الغلاييني.

ويضيف الغلاييني للجزيرة نت أن الطلب على الزهور “متواضع ودون المستوى المطلوب، كنا نتوقع أن يرتفع الطلب خلال الأشهر الماضية، لكن الواقع جاء بخلاف التوقعات” خاصة وأن قطاع الزهور يعتمد في عمله على المواسم والأعراس والمناسبات الاجتماعية وحفلات النجاح والتخرج والأعياد.

كما طالب حكومة بلاده بمنح قطاع إنتاج الزهور إعفاءات ضريبية تساهم في تخفيف حالة الضرر والخسائر التي لحقت بالقطاع، وتخفيض رسوم العمالة الوافدة، وتخفيض أسعار المياه، وإعفاء مدخلات الإنتاج من الرسوم الجمركية والضرائب حتى تتجاوز أزمة كورونا.

وتتميز مملكة الأردن عن دول الجوار بوجود سوق للجملة لبيع الزهور يطلق عليه “بورصة الزهور” ويتم توريد كميات إنتاج الزهور للبورصة وتحديد أسعار أنواع الزهور المختلفة.

الجوري سيدة الأزهار

على أبواب المجمع المخصص لبورصة الزهور في منطقة الرابية شمال غرب العاصمة عمان، تفرش الساحات بباقات الزهور الملونة، وتشكل رسمة فسيفسائية تدخل البهجة والسرور على مرتادي المكان.

الأربعيني وليد السليم يعمل في البورصة منذ سنوات، يبدأ عمله من السابعة صباحا، يفتتح يومه باستقبال باقات الزهور الملونة، يمضي يومه في تفقدها وتوضيبها وترتيبها بانتظار المتسوقين من أصحاب محال الزهور.

يقول السليم للجزيرة نت “أسعار الورود تخضع في البورصة للعرض والطلب، ففي بداية الأسبوع ونهايته ترتفع الأسعار نتيجة ارتفاع الطلب، أما وسط الأسبوع فتنخفض قليلا، وأزهار الورد الجوري هي سيدة الأزهار، والأكثر طلبا”.

زراعة الزهور في التربة البديلة، وتوجه مزارعين لزراعة محاصيل خضرية وأشجار مثمرة مثل العنب في تلك التربة، يشكل نقلة نوعية للزراعة في الأردن، ويوفر من 60-80% من كميات المياه المستخدمة للزراعة، في بلد يعتبر من أكثر بلدان العالم نقصا بالمياه، وفق خبراء.

المصدر : الجزيرة

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

للسنة السادسة على التوالي.. المغرب يتجه نحو موسم جفاف بسبب قلة سقوط الأمطار

تفاقم الإجهاد المائي في المغرب بارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى زيادة تبخر المياه في السدود. وتتوقع وزارة الزراعة ارتفاع متوسط درجات الحرارة بمقدار 1,3 درجة مئوية بحلول العام 2050.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
15 ⁄ 5 =