قبل يومين من موعد الانتخابات الأمريكية، تظهر نتائج استطلاعات الرأي تقاربا كبيرا بين كامالا وهاريس ودونالد ترامب، ما سيمنح الولايات المتأرجحة أهمية قصوى أكثر مما كانت تلعبه في الدورات السابقة.
تتقارب بشدة حظوظ المرشحَين في انتخابات الرئاسة الأميركية، الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس، قبل يومين من الاقتراع، حيث أكد الاستطلاع الختامي لصحيفة نيويورك تايمز/كلية سيينا أن التعادل هو سيد الموقف في الولايات السبع المتأرجحة، لكن الأمر لم يخل من بعض التحولات المفاجئة.
وجرت العادة -كما تقول نيويورك تايمز- أن يشير آخر استطلاع في الحملة الانتخابية إلى تفوق أحد المرشحين نسبيا، حتى لو لم ينته به المطاف إلى الفوز بالرئاسة. ولكن الأمر مختلف في انتخابات 2024.
ويظهر الاستطلاع -الذي نشرت نتائجه اليوم الأحد- أن ترامب وهاريس متعادلان تقريبا في بنسلفانيا وميشيغان وجورجيا، بينما تتقدم المرشحة الديمقراطية بهامش ضئيل في نيفادا وكارولينا الشمالية وويسكونسن، ويتفوق الرئيس الجمهوري السابق في أريزونا.
وتبلغ حصيلة هذه الولايات مجتمعة أكثر من 90 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي. ويحتاج المرشح في المجمل لحصد 270 صوتا من مختلف الولايات للوصول إلى البيت الأبيض.
تحولات مفاجئة
وكان مفاجئا في هذا الاستطلاع تقلص الفجوة بين الولايات المتأرجحة الشمالية ونظيرتها في “حزام الشمس” وهي المنطقة الممتدة جنوبي البلاد، المعروفة بازدهارها الاقتصادي وطقسها الدافئ.
فقد تحسنت أرقام هاريس مقارنة بالفترة الماضية في أوساط الناخبين الشبان، والسود، وذوي الأصول اللاتينية، بينما ازدادت حظوظ ترامب لدى الناخبين البيض الذين لا يحملون شهادات جامعية.
واستحوذت هاريس على أصوات السود بنسبة 84% مقابل 11% لترامب، وذلك مقارنة مع 80% مقابل 15% في الاستطلاع السابق.
وفي تحليل هذه الاتجاهات، قالت نيويورك تايمز إن المرشحة الديمقراطية حسنت حظوظها نسبيا، لكن مكاسبها تركزت في تلك الولايات التي كان موقفها فيها صعبا أصلا.
وفي المقابل لم تعد ولايات “الجدار الأزرق” (ميشيغان، ويسكونسن، بنسلفانيا) حاجزا منيعا أمام ترامب كما كانت تبدو في السابق، أي أنه في المحصلة لم يتحسن موقف هاريس في المجمع الانتخابي بالضرورة، وفقا للصحيفة.
الولايات المتأرجحة
ويبقى الاقتصاد القضية الأولى لدى الناخبين، خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي سجل أرقاما إيجابية بنمو الناتج المحلي بنسبة 2,8 بالمائة خلال الربع الثالث من العام الحالي، وفقا لبيانات وزارة التجارة الأمريكية الصادرة الأسبوع الماضي. كما اقترب معدل البطالة من أقل مستوياته. وارتفعت سوق الأسهم إلى مستوى قياسي، كما تراجع معدل التضخم. جميع هذه المؤشرات تقول إن الاقتصاد الأمريكي “في حالة جيدة”. وقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال المرموقة عنوانا يقول “الرئيس المقبل سيرث اقتصادا مميزا”.
وفي تحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي يقول جيمس إم ليندساي أستاذ العلوم السياسية الأمريكي والنائب الأول لرئيس مجلس العلاقات الخارجية ومدير الدراسات وكرسي موريس آر غرينبرغ في المجلس، إنه من النظرة الأولى يمكن القول إن كامالا هاريس قد تستفيد من هذه المعطيات. بيد أن غالبية الأمريكيين يرون اقتصاد بلادهم هذه الفترة بشكل مختلف. فنتائج استطلاعات الرأي أفرزت أن الغالبية ترى أن “الاقتصاد في حالة سيئة”، وأن البلاد “تمضي في الاتجاه الخطأ”. وهذا الأمر يفسر سبب استمرار حدة التنافس في الانتخابات حتى قبيل التصويت بعد غد الثلاثاء.
أضف إلى ذلك حقيقة أن الناخبين المتأرجين غالبا ما يصوتون لصالح المنافس في الأيام الأخيرة من الانتخابات، ومن السهل أن نرى لماذا يعتقد فريق ترامب أنه سيصبح أول رئيس منذ غروفر كليفلاند قبل 132 عاما يفوز بفترتين غير متتاليتين بالمنصب.
اليوم لا أحد يعرف، هل سيكون عام 2024 تكرارا لسيناريو عامي 2016 و2020 أم لعام 2022. والمعروف أن معظم مراكز وخبراء استطلاعات الرأي كانوا مشغولين في هذه الفترة بتعديل منهجياتهم لتصحيح أخطائهم السابقة. وقد يكونون قد أصلحوا الأمور بشكل أو بآخر هذه المرة، ولكن ربما يكونون قد تسببوا في مشكلات جديدة عندما أصلحوا مشكلة واحدة. كما أن نتائج استطلاعات الرأي تأتي دائما بهامش خطأ. وكل أرقام استطلاعات الرأي الحالية فيالولايات المتأرجحة تقع ضمن هامش الخطأ.
و نظرا لأن نظام المجمع الانتخابي يعطي الفائز بالأغلبية المطلقة في أي ولاية بكل أصواتها في المجمع الانتخابي باستثناء ولايتين فقط، فإنه حتى الأخطاء الطفيفة في استطلاعات الرأي قد تعني نتيجة انتخابية غير متوازنة.
ويعني هذا أن كل شيء وارد في الانتخابات المقبلة. فقد يسفر التصويت عن فوز هاريس أو ترامب بكل الولايات المتأرجحة وبالتالي يصبح فوز الفائز منهما واضحا ومقنعا في المجمع الانتخابي. وقد تكون الأصوات متقاربة بشدة بحيث تكون عمليات إعادة حصر الأصوات أو اللجوء إلى القضاء حتمي لحسم النتيجة، وبالتالي يمكن أن تجد الولايات المتحدة نفسها في نزاع سياسي وقانوني مستمر وأكثر حدّة عما حدث عام 2020.
ميادين – نيويورك تايمز – وكالات