بعد اجتماع عقد أمس الأربعاء في بلغراد بين قادة النمسا وهنغاريا وصربيا لبحث ملف الهجرة غير الشرعية، أعلن القادة الثلاثة عن اتخاذ إجراءات جديدة للحد من محاولات عبور المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي عبر دول البلقان، لا سيما الحدود الجنوبية لصربيا المشتركة مع مقدونيا الشمالية. وتعهد الزعماء بفرض المزيد من الرقابة على حدود بلادهم، كما أعلنت صربيا عن فرض تأشيرات دخول بحق مواطنين عدة دول، لا سيما تونس وبوروندي.
شهادات مريعة عن العنف المتكرر الذي يتعرض له العالقون على الحدود الأوروبية شمال #صربيا وعمليات صد قسرية بحق #المهاجرين مخالفة للقوانين الدولية.. “يضربنا حرس الحدود الروماني بالهراوات، يسرقون أغراضنا ويحطمون هواتفنا”. pic.twitter.com/7nfGPr51A2
— Dana alboz (@dana_alboz) October 26, 2022
في أحدث جهود الاتحاد الأوروبي للحد من أعداد الوافدين إليه، عُقد في العاصمة الصربية بلغراد اجتماع رفيع المستوى لقادة النمسا وصربيا وهنغاريا أمس الأربعاء 16 تشرين الثاني/نوفمبر، تعهدت خلاله هذه الدول بمكافحة الهجرة غير الشرعية واتخاذ التدابير اللازمة بما يعزز الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، لا سيما تلك المشتركة مع صربيا، لمواجهة الأعداد المتزايدة من المهاجرين الوافدين إلى أوروبا.
كما رحب قادة النمسا وهنغاريا بإعلان الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، بدء بلغراد فرض تأشيرات دخول على مواطني تونس وبوروندي، بعد أن كان مواطنو هاتين الدولتين معفون منها، في إشارة واضحة لرضوخ صربيا لضغوطات الاتحاد الأوروبي، كما قالت الباحثة صوفي دوفال في منظمة “CCFD-Terre Solidaire” لمهاجرنيوز في مقابلة سابقة موضحة أن “هناك الكثير من الضغط على صربيا لتغيير سياسة التأشيرات الخاصة بها، تمارسه أوروبا منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وذلك ضمن إطار المساومة فيما يتعلق بانضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي”.
فصربيا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي ولا تزال على قائمة الترشيح منذ أكثر من 10 أعوام، وباتت محط الأنظار في الفترة الأخيرة بعد أن حمّلها سياسيون أوروبيون مسؤولية زيادة أعداد الوافدين إلى أوروبا.
كاميرات رؤية ليلية وطائرات بدون طيار
في البيان الذي صدر في ختام هذا الاجتماع، أكدت الدول الثلاث على تعزيز التعاون المشترك من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية، وخاصة على الحدود الجنوبية لصربيا مع مقدونيا الشمالية. لذا قرر قادة هذه الدول إرسال أكثر من 100 ضابط شرطة ومركبات مجهزة بكاميرات رؤية ليلية وطائرات بدون طيار إلى هذه الحدود في محاولة لضبطها ومنع دخول المزيد من المهاجرين عبرها.
وقال الرئيس الصربي فوتشيتش “اتفقنا على (…) إشراك عدد أكبر من رجال الشرطة على الحدود مع مقدونيا الشمالية ومعدات كثيرة، بما في ذلك سيارات مزودة بكاميرات رؤية حرارية لمحاولة تحريك خط الدفاع باتجاه الجنوب”. وأضاف “نحن على استعداد للتحرك جنوبا مع مقدونيا الشمالية وبالتالي حماية أوروبا وبلدنا”.
كما تعهدت النمسا وهنغاريا بمساعدة صربيا في تنظيم عمليات الترحيل بالطائرات للأشخاص الذين يأتون إلى صربيا عبر البلقان الذين لا يستوفون شروط الحصول على اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي أو في صربيا نفسها، حسبما قال مسؤولون.
تعاون أوروبي ودعم لصربيا
من جهته قال المستشار النمساوي كارل نيهامر إن الأشخاص الذين يأتون إلى أوروبا “لأسباب اقتصادية” يجب أن يعاملوا بشكل مختلف عن الذين يصلون إلى أوروبا طلبا للحماية. وأضاف “لقد وصلنا إلى النقطة التي تبحث فيها دول الاتحاد الأوروبي بشكل فردي عن أشكال جديدة من الشراكة خارج ما هو ممكن في الاتحاد الأوروبي… لقد فشل نظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي”.
وكشف نيهامر خلال مؤتمر صحفي عن خطة العمل المشتركة التي ستشمل زيادة التعاون بين النمسا وصربيا على طول الحدود بالإضافة إلى دعم صربيا “بشكل مباشر” في تنفيذ عمليات ترحيل المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، قائلا “سنفعل كل ما هو ضروري، وندعمها ماليا” في برامج الترحيل.
وقال نيهامر إن النمسا قد يكون لديها أكثر من 100 ألف طلب لجوء بحلول نهاية العام، مقارنة بحوالي 40 ألف شخص تقدموا بطلبات لجوء في عام 2021.
أوربان: “لاينبغي إدارة ملف الهجرة بل يجب منعها”
أما رئيس الحكومة الهنغارية فيكتور أوربان والمعروف بموقفه المناهض للهجرة فقد قال إنه “لا ينبغي إدارة ملف الهجرة بل يجب منعها”.
كما أكد على أهمية التعاون المشترك قائلا “إن الهجرة أصبحت مشكلة تهدد حياتنا وإن حماية حدود صربيا يعني أيضا الدفاع عن حدود الاتحاد الأوروبي”، وأضاف “علينا أن نظهر لهم (أي للمهاجرين) أنهم لا يستطيعون العبور”.
وقال أوربان إن بلاده سجلت حوالي 250 ألف محاولة عبور حدودي غير قانوني هذا العام.
يذكر أنه منذ العام 2017 شيدت السلطات الهنغارية سياجا على طول حدودها الممتدة مع صربيا على مدى 175 كيلومترا، مزودا بكاميرات حرارية وأجهزة إنذار.
كارل نيهامر: “إنهاء سياحة اللجوء”
بعد هذا الاجتماع الثلاثي، قال الرئيس الصربي في تصريح له: “لقد اتخذنا خطوات بهدف تنسيق سياسة التأشيرات الخاصة بنا مع سياسة الاتحاد الأوروبي. لم يعد لدينا نظام إعفاء من التأشيرة مع تونس ومع بوروندي، وقريبا ستخضع دولتان أخريان لنفس الإجراء”، دون أن يحدد الدولتين المعنيتين.
ورحب المستشار النمساوي بإعلان الرئيس الصربي، قائلا “أنا ممتن لرئيس صربيا لقيامه بالكثير لإنهاء “سياحة اللجوء”.
رقابة للحد من أعداد المهاجرين المتزايدة
جاءت هذه المبادرات والاجتماعات بعد أن أبلغت دول أوروبية عن زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين الذين يتنقلون على طول ما يسمى بطريق البلقان لعبور هذه الدول والوصول إلى دول أوروبا الغربية الأكثر ثراء.
فخلال شهر آب/أغسطس الماضي وحده، سجلت وكالة حرس الحدود الأوروبية “فرونتكس” حوالي 16 ألف محاولة عبور على طريق غرب البلقان، بزيادة تتجاوز نسبتها 140% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب الوكالة تم تسجيل قرابة 130 ألف دخول غير نظامي إلى الاتحاد الأوروبي من طريق غرب البلقان في الأشهر العشرة الأولى من العام، وهو أعلى رقم منذ ذروة أزمة الهجرة عام 2015.
إذ باتت أعداد متزايدة من المهاجرين تمر عبر صربيا قبل التوجه إلى هنغاريا، العضو في الاتحاد الأوروبي. وبالتالي، بدأت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمجاورة لصربيا، لا سيما هنغاريا وسلوفاكيا والتشيك والنمسا، فرض المزيد من الرقابة على الحدود لمنع المهاجرين من إكمال طريقهم غربا.
وفقا لتقديرات جمعية “كليكاكتيف” المحلية في صربيا التي تقدم الدعم للمهاجرين، في العام 2021 عبر صربيا حوالي 60 ألف شخص، فيما ارتفعت الأرقام خلال الأشهر الماضية ووصلت أعدادهم منذ بداية العام الجاري وحتى أيلول/سبتمبر الماضي إلى 90 ألف شخص، أغلبهم من سوريا وأفغانستان والمغرب وتونس.
وتتخوف المنظمات غير الحكومية من “ازدهار جديد لعمليات التهريب”، لا سيما مع بدء تشديد الرقابة على نقاط دخول المهاجرين إلى صربيا عبر حدودها الجنوبية المشتركة مع مقدونيا الشمالية.
ميادين – مهاجر نيوز