بدأت صباح الجمعة، عملية الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الإيرانية وسط أفضلية للمحافظ المتشدّد ابراهيم رئيسي، في موعد انتخابي يتوقع أن يشهد نسبة مشاركة متدنية نسبياً.
وأدلى آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية بصوته في الساعة السابعة وسط طهران، وفق صحفيين في وكالة فرانس برس، مطلقاً بذلك عملية الاقتراع.
وكرّر خامنئي دعوته مواطنيه إلى المشاركة بكثافة في عملية الاقتراع، والقيام بهذا “الواجب” في أسرع وقت ممكن، مشدّداً على أنّ المشاركة الواسعة ستسمح “للبلاد والنظام (السياسي) للجمهورية الإسلامية بتحقيق مكاسب إضافية على الساحة الدولية”.
أهم المرشحين للرئاسة: حجّة الإسلام رئيسي
ويتنافس حجّة الإسلام رئيسي، البالغ 60 عاماً، والذي يتولّى رئاسة السلطة القضائية منذ 2019، مع ثلاثة مرشحين آخرين، ويعدّ الأوفر حظا للفوز بولاية من أربعة أعوام خلفا للمعتدل حسن روحاني الذي يحول الدستور دون ترشّحه لهذه الدورة بعد ولايتين متتاليتين.
وسيعزز فوز رئيسي إمساك التيار المحافظ بمفاصل هيئات الحكم في الجمهورية الإسلامية، بعد فوزه العريض في انتخابات مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) العام الماضي.
وشهدت إيران في الأسابيع الماضية حملة دون حماسة تذكر لموعد انتخابي يأتي في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية سببها الأساسي العقوبات الأمريكية، وزادتها حدّة جائحة فيروس كورونا.
ومنح المجلس الأهلية لسبعة أشخاص لخوض انتخابات الرئاسة، من أصل نحو 600 مرشح. وضمت القائمة خمسة محافظين متشددين واثنين من الإصلاحيين. لكنّ السباق سيقتصر على أربعة متنافسين بعدما أعلن ثلاثة انسحابهم الأربعاء.
ويواجه رئيسي، رجل الدين الذي يعد مقرّباً من خامنئي، المحافظَين المتشددين محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، والنائب أمير حسين قاضي زاده هاشمي.
أما المرشح الوحيد من خارج التيار المحافظ، فهو الإصلاحي عبد الناصر همتي، حاكم المصرف المركزي منذ 2018 حتى ترشحه، علما بأنه لم يحظ بدعم التشكيلات الأساسية لدى الإصلاحيين.
ويُعدّ رئيسي الأقوى بين هؤلاء، اذ حصد 38 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية 2017، وكان له حضوره في مناصب عدّة على مدى العقود الماضية، خصوصاً في السلطة القضائية، أحد أبرز أركان الحكم في النظام السياسي للجمهورية الإسلامية.
كما تطرح وسائل إعلام إيرانية اسمه كخلف محتمل للمرشد.
حملة دون حماسة وتوقعات بنسبة متدنية من المشاركة في الاقتراع
ودعي أكثر من 59 مليون إيراني ممن أتموا الثامنة عشرة من العمر، إلى مراكز الاقتراع التي ستفتح حتى منتصف الليل وأعلنت السلطات أنه بسبب الإجراءات الوقائية الصحية ولتفادي الاكتظاظ، قد تمدّد فترة التصويت حتى الثانية فجراً.
لكنّ استطلاعات رأي معدودة أجريت في إيران ووسائل إعلام محلية، توقعت أن تكون نسبة المشاركة بحدود 40 بالمئة.
وكانت الانتخابات التشريعية في شباط/فبراير 2020، شهدت نسبة امتناع قياسية بلغت 57 بالمئة. وأتى ذلك بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور آلاف المرشحين، معظمهم معتدلون وإصلاحيون.
استبعاد المرشحين …سبعة من أصل نحو 600 مرشح
وأثار مجلس صيانة الدستور الذي تعود إليه صلاحية الإشراف على الانتخابات الرئاسية، انتقادات في أيار/مايو، بعد استبعاده مرشحين بارزين مثل علي لاريجاني الذي تولى رئاسة مجلس الشورى 12 عاما، والنائب الأول لرئيس الجمهورية اسحاق جهانغيري.
وفي حين يؤكد المجلس الذي يهمين عليه المحافظون، التزامه القوانين الانتخابية في دراسة الأهلية، الا أن استبعاده أسماء كبيرة، خصوصا لاريجاني الذي رجح الإعلام المحلي أن يكون أبرز منافس لرئيسي، أعطى انطباعا بأن الانتخابات حسمت سلفا.
ويقول أبو الفضل، وهو حداد في طهران، لوكالة فرانس برس “تجاوزت الستين من العمر وخلال شبابي، ثُرت ضد الشاه”، في إشارة الى الثورة الإسلامية التي قادها الإمام المؤسّس روح الله الخميني وأطاحت بحكم محمد رضا بهلوي عام 1979.
وأضاف: “شاركت في الثورة لأتمكّن من أن أختار (المسؤولين) بنفسي، لا لكي يختار الآخرون عنّي …. أنا أحب بلادي، لكنّني لا أقبل بهؤلاء المرشّحين”.
وكتب السفير الفرنسي السابق في طهران ميشال دوكلو في مدوّنة بحثية “للمرة الأولى منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية، ستجرى انتخابات الرئاسة من دون منافسة فعلية، إلا في حال تحقيق أحد منافسي رئيسي خرقاً غير متوقّع”.
ويحظى الرئيس في إيران بصلاحيات تنفيذية ويشكل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود الى المرشد الأعلى.
وستطوي الانتخابات عهد روحاني الذي بدأ في 2013 وتخلّله انفتاح نسبي على الغرب توّج بإبرام اتفاق عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشأن برنامج إيران النووي، بعد أعوام من التوتر.
وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن طهران، في مقابل الحدّ من أنشطتها النووية. لكنّ مفاعيله انتهت تقريبا مذ قرّر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحادياً منه وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران.
وتتزامن الانتخابات مع مباحثات تجري في فيينا بين إيران وأطراف الاتفاق، وبمشاركة أمريكية غير مباشرة، سعياً لإحيائه. وأبدى المرشحون تأييدهم لأولوية رفع العقوبات والتزامهم بالاتفاق النووي إذا تحقّق ذلك.
وشهدت مدن عدة احتجاجات على خلفية اقتصادية في شتاء 2017-2018 وتشرين الثاني/نوفمبر 2019، اعتمدت السلطات الشدّة في قمعها وسيكون الوضع المعيشي أولوية للرئيس المقبل، وهو ما أكّده خامنئي بدعوته المرشحين للتركيز على الهمّ الاقتصادي.
ويرسم رئيسي لنفسه صورة المدافع عن الطبقات المهمّشة، وقد رفع في حملته شعار مواجهة “الفقر والفساد “.لكنّ معارضين في الخارج ومنظمات حقوقية يربطون اسمه بإعدامات طالت سجناء ماركسيين ويساريين عام 1988 حين كان يشغل منصب معاون المدعي العام للمحكمة الثورية في طهران. ونفى رئيسي سابقاً أيّ دور له في ذلك.
فضاء الآراء – وكالات