تسدل الحملة الانتخابية ستارها، يومه الثلاثاء، بعد 13 يوما، تخللتها دعوات من طرف الأحزاب السياسية للمواطنين من أجل التصويت، وترك خيار المقاطعة، وعرض للبرامج ومحاولة إقناع الناخبين بها.
وعلى الجانب الآخر لم تخل الحملة الانتخابية من مجموعة من الاختلالات التي سجلتها الأحزاب السياسية نفسها وأدانتها، وعلى رأسها الاستعمال المكثف للمال في استمالة الناخبين، وأعمال “البلطجة”، والتجمعات التي تخرق قرارات وتدابير السلطات العمومية، إضافة إلى اتهامات للسلطة بالتدخل، وعدم الحياد.
المال الانتخابي الفاسد
مع بداية الحملة الانتخابية يوم الخميس 26 غشت المنصرم، انطلقت الاتهامات لبعض الأحزاب، خاصة “التجمع الوطني للأحرار” بالاستعمال المكثف للمال من أجل استمالة الناخبين، على غرار المال الذي تم استعماله قبل انطلاق الحملة لاستمالة المرشحين.
وأشارت عدة أحزاب على رأسها العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية إلى هذا الاستعمال “المفرط” للمال، في إشارة لحزب الأحرار الذي اعتبر هذه الاتهامات استهدافا لنجاح حملته وتشويشا عليه، ومسا بحسن سير العملية الانتخابية.
كما لم يتوقف استعمال المال الانتخابي عند الاتهامات، حيث ظهر أحد مرشحي حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي سبق أن أدين بتهم مرتبطة بالتزوير، في مقطع فيديو وهو يرشو مواطنين من أجل التصويت عليه.
وطالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام النيابة العامة بالتدخل والتحقيق في اتهامات الأحزاب حول وجود أموال ضخمة استعملت خلال الحملة الانتخابية، والاستماع للأمناء العامين لكل من العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية، ومحاسبة من يثبت تورطه.
“البلطجة” في مواجهة الخصوم
ولم تخل الحملة الانتخابية من مشاهد عنف و”بلطجة”، وكانت البداية مع حزب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصر، حيث اتهم الأخير أنصار “الحمامة” بضواحي مدينة الدار البيضاء بالاعتداء على مرشحيه، بعدما أظهر شريط فيديو رشق مرشحي البام بالحجارة وتكسير زجاج سيارات كانت تستعمل في الحملة.
وإضافة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، أدان حزب العدالة والتنمية في عدد من بلاغاته الوطنية والإقليمية أعمال “البلطجة” التي طالت مرشحيه، ولم يسلم منها حتى أمينه العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، داعيا إلى التحقيق.
كما اشتكى حزب الاستقلال بالخميسات اعتداء “بلطجية” على مقر الحزب وتخريب المرافق الصحية، ومحاولة نزع يافطة الحزب وإلصاق منشورات انتخابية لمرشح من حزب منافس، مشيرا إلى أنه سيتقدم بشكاية في الموضوع.
ولم يقتصر انتقاد البلطجة على هذه الأحزاب، بل تعداه إلى أحزاب أخرى، كما رصد موقع “لكم” لجوء بعض المرشحين إلى استخدام مجموعات من الأشخاص، بغرض اعتراض الحملات الانتخابية للمنافسين في الشارع، ومحاولة نسفها.
خرق التدابير الاحترازية
ورغم أن وزارة الداخلية اتخذت مجموعة من القرارات لضمان حسن سير الحملة الانتخابية دون التسبب في انتكاسة وبائية، إلا أن الملاحظ هو عدم احترام هذه القرارات، فضلا عن عدم احترام التدابير الاحترازية التي وضعتها السلطات الصحية، وعلى رأسها التباعد، حيث ظهرت تجمعات كبيرة ينظمها المرشحون.
وقد لقي هذا الخرق انتقادات واسعة من طرف المواطنين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي لما فيه من تهديد للصحة العامة، في حين لجأت السلطات المحلية ببعض المناطق لفض بعض التجمعات الحزبية التي تخرق هذه الشروط، كما وقع مع الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار والأمين العام لحزب العدالة والتنمية.
عدم حياد السلطة
ولم يقتصر تدخل السلطات على فض التجمعات غير المحترمة للتدابير المتخذة، بل إن عددا من الأحزاب السياسية وجهت اتهامات صريحة لبعض رجال السلطة بالتدخل في العملية الانتخابية لصالح أو ضد بعض المتنافسين، أو بقائهم على الحياد السلبي أمام الخروقات.
وعلى رأس هذه الأحزاب، يوجد حزب العدالة والتنمية الذي اتهمت إدارة حملته الانتخابية بعض رجال سلطة بالترغيب والترهيب ضده ولصالح خصومه، إضافة إلى عدد من البلاغات التي أصدرها الحزب بعدة أقاليم ضد رجال السلطة، تؤكد تضييقهم عليهم وعلى مرشحيه، ودعم خصومه.
كما انتقد حزب التجمع الوطني للأحرار وجود تجاوزات قانونية أقدم عليها بعض رجال السلطة، والذين من المفروض أن يقفوا على نفس المسافة من كل الأحزاب السياسية، وأن يتبنوا الحياد الإيجابي من مختلف المترشحين، وعدم المغامرة بالعملية الانتخابية وسلامة مجرياتها ومخرجاتها.
كما أدان حزب الأصالة والمعاصرة منزلقات بعض رجال السلطة، من خلال انخراط بعضهم في حملة دعم بعض المرشحين علانية، أو عبر الضغط على منافسيهم من باقي الأحزاب، وهي الإدانة التي عبرت عنها أحزاب سياسية أخرى.