في خطوة تزيد من حدة الأزمة في تونس، أصدر قيس سعيّد أمراً رئاسياً يقضى بتمديد العمل “حتى إشعار آخر” بقرار تعليق أعمال البرلمان الذي كان قد أصدره قبل نحو شهر وجمّد بموجبه عمل السلطة التشريعية.
قبل انقضاء مهلة الثلاثين يوما، وهي المدة المذكورة في النصوص القانونية بشأن تجميد عمل السلطة التشريعية، نشر مكتب الرئاسة التونسية في بيان مقتضب على موقع “فسبوك” الاثنين (23 آب/ أغسطس 2021)، جاء فيه أنّ الرئيس التونسي “أصدر أمراً رئاسياً يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتّخذة بمقتضى الأمر الرئاسي (…) المتعلّق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر”. بينما أضاف المكتب الرئاسي أنّ سعيّد “سيتوجّه في الأيام القادمة ببيان إلى الشعب التونسي” من دون أن تورد أي تفاصيل إضافية.
سند قيس سعيّد في ذلك هو الفصل 80 من دستور 2014 الذي يخوّل للرئيس اتّخاذ تدابير استثنائية في مواجهة “خطر داهم”، واستنادا إليه جمّد في 25 تموز/يوليو الماضي السلطة التشريعية ثمّ أقال رئيس الحكومة هشام المشيشي ليتولّي بنسفه السلطة التنفيذية.
ومنذ إعلانه التدابير الاستثنائية قبل شهر لم يقدّم سعيّد حتى اليوم “خارطة الطريق” التي وعد بها وطالبت بها الكثير من المنظمات النقابية والأحزاب السياسية في البلاد فضلاً عن دول اجنبية، كما أنّه لم يعيّن بعد رئيساً للوزراء.
خطوة تعزز المخاوف
بالنسبة للكثير من مراقبي الشأن التونسي لم تكن هذه الخطوة مفاجئة، لكنها في الوقت ذاتها من شأنها تعزيز المخاوف خارجيا بشأن مستقبل تونس الديمقراطي الذي طالما كان ينظر إليها استثناء في المنطقة العربية. أما داخليا فقد اعتبر حقوقيون وكذلك أيضاً حزب “النهضة” الإسلامي، أكبر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان والغريم الأول لرئيس الجمهورية، في قرارات وتدابير سعيّد الاستثنائية انقلاباً على المؤسّسات، وهو الأمر الذي رفضه سعيّد، مؤكّداً أنّ كلّ ما أقدم عليه دستوري.
في المقابل رحب كثير من التونسيين بإجراءات سعيد بعدما سئموا من الطبقة السياسية وينتظرون تحركا صارما لمكافحة الفساد والافلات من العقاب في بلد يعاني من أزمة اجتماعية واقتصادية وصحية صعبة جدا.
لكن حملات التوقيف في إطار عملية مكافحة الفساد التي أطلقت بعد تعليق أعمال البرلمان في تموز/يوليو، شملت أيضا توقيف مسؤولين سابقين ورجال اعمال وقضاة ونوابا وإجراءات منع سفر وإقامة جبرية بقرار من وزارة الداخلية فقط، جعلت الحقوقيين يدقون ناقوس الخطر.
وسعيّد الذي كان أستاذاً في القانون الدستوري يردّد منذ توليه رئاسة الجمهورية إثر انتخابات 2019 التي فاز فيها بأكثر من سبعين بالمئة من الأصوات أنّه الوحيد الذي يحقّ له تأويل الدستور في غياب المحكمة الدستورية في البلاد.
حلّ المكتب التنفيذي لحزب النهضة
وجاءت هذه الخطوة متزامنة مع إعلان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة حل المكتب التنفيذي لهذا الحزب الإسلامي. وقالت الحركة في بيان إن الغنوشي قرر إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله “بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة”.
ويواجه الغنوشي انتقادات واسعة من قيادات بارزة في حزبه، طالبوه بالتخلي عن القيادة واتهموه بإدارة الأزمة السياسية في البلاد على نحو سيء عقب تجميد البرلمان وعزل الحكومة من قبل قيس سعيّد.
ع.ش/ و.ب (أ ف ب، رويترز، د ب أ) / DW