يكثر استهلاك الحلويات طيلة شهر رمضان، لكن أغلبها يكون متوفرا في الأسواق طيلة السنة، إلا أن حلوى السردوك في جزيرة جربة التونسية تطل مع بداية شهر الصيام يقبل عليها الأطفال طيلة ثلاثين يوما بنهم، لكنها تختفي بحلول عيد الفطر وتظل غائبة ببقية السنة.
سويعات قليلة فقط تفصلنا عن أذان المغرب في جربة التونسية، (جنوب شرق)، هنا وسط المدينة يُسارع الآباء لشراء حلوى “السردوك”، فلا سبيل للعودة إلى البيت والدّخول على أبنائهم دونها.
“هذا هو جواز السفر إذا أراد أي جربي الدخول إلى بيته وعلى أبنائه” في رمضان، هكذا قال رشيد بن سليمان، من سكان الجزيرة التي تكنى بجزيرة الأحلام، وهو يشير إلى قطع من حلوى السردوك التي بين يديه.
وأوضح “طيلة أيام شهر الصيام، وعندما تدخل إلى البيت يسألك أطفالك سؤالا واحدا “هل جلبت لنا حلوى السردوك أم لا؟’ وهو نفس السؤال الذي كنت أسأله لأبي عندما كنت صغيرا، وربما كان هو يفعل ذلك لوالده”، فهذه الحلوى توارثناها أبا عن جد.
والسردوك في اللهجة التونسية يعني الديك، وتسمّى هذه الحلوى بهذا الاسم نسبة إلى شكلها الذي يتّخذ شكل ديك صغير مشدودة بقطعة من عود النخل.
حلوى “السردوك” تُباع في شهر رمضان فقط، إذ يبدأ موسمها مع أول يوم من الشهر، وينتهي بزواله.
ولهذه الحلوى عدة ألوان كالأصفر والأحمر والأخضر، لكن أشهرها تلك التي تمزج بين اللونين الأبيض والأحمر.
وطوال شهر رمضان يُقبل الآباء على شراء هذا النوع من الحلوى لأن أبناءهم عادة ما يواظبون على اصطحابهم إلى السوق لاختيار ما يروق لهم منها، ومن لم يذهب من الأطفال يوصي أو يذكر والده بنصيبه من هذه الحلوى التي أصبحت عادة يقبل عليها سكان جربة منذ عشرات السنين.
ومساء كل يوم من رمضان تعج سوق الحلويات في مدينة حومة السوق بالجزيرة بالصغار الذين يقبلون على شراء هذه الحلوى، إذ تراهم يتواجدون بالقرب من صحن الحلوى (كبير الحجم) بوجوههم المبتسمة، لاختيار الحلوى التي سيشترونها.
وفي الجزيرة التي صارت خالية من السياح بسبب جائحة كورونا، وعلى مدى عشرات السنين تُعرف بعض العائلات بصنع هذه الحلوى، غير أنه في الأعوام القليلة الأخيرة بقيت عائلة واحدة فقط تصنعها في حين اتجه الآخرون إلى أعمال أخرى.
وبحسب كريم قعلول (48 عاما) الذي يعمل حلوانيا بالوراثة، فإن عائلته الوحيدة التي بقيت وفيّة لصناعة حلوى السردوك.
وقال قعلول “في السابق كانت هنالك عائلات كثيرة تصنع هذه الحلوى مثل عائلة البيّار وعائلة التفشينّي وعائلة قعلول، أما الآن فعائلتنا فقط بقيت تصنع حلوى السردوك”.
وبحسب قعلول، فإن تاريخ صناعة هذه الحلوى يعود إلى عام 1965.
وحول طريقة صنعها قال “تُصنع هذه الحلوى من اللّيمون والسكّر والماء والصبغة (ملوّنات غذائية) وتصنع من خلال العلك باليدين وتطويعها لتتّخذ شكل الديك”.
وتُباع هذه الحلوى في أسواق جزيرة جربة فقط، غير أن البعض من التونسيين القاطنين في المدن المجاورة يقدمون إلى الجزيرة خصّيصا لشرائها لأبنائهم خلال شهر رمضان.
وتباع القطعة الواحدة من حلوى السردوك بـ300 مليم (نحو 0.1 دولار).
ووفق نوفل قعلول (بائع حلوى السردوك بالجملة)، فإن هذا الثمن يعتبر مناسبا جدا لكل التونسيين.
وقال نوفل “بالنظر إلى الجهد الكبير الذي نقوم به لصناعة هذه الحلوى فإن ثمنها يعتبر زهيدا جدا”.
وحول الكميات التي يمكن بيعها يوميا، قال قعلول “نبيع يوميا بين 8 آلاف إلى 10 آلاف قطعة في كامل أسواق الجزيرة سواء في مدينة حومة السوق (مركز الجزيرة) أو في المدن القريبة الأخرى مثل مليتة أو آجيم”.
وتُباع هذه الحلوى في شهر رمضان فقط، إذ يبدأ موسمها مع أول يوم من الشهر، وينتهي بزواله.
وفي هذا الإطار قال قعلول “هذه الحلوى مخصصة لشهر رمضان فقط، ومنذ قديم الزمان لا يريد الحلواني بيعها في سائر الأيّام حتى لا تغيب نكهتها”.
فضاء الآراء – العرب اللندنية