الذكرى السنوية لرحيل المطربة العراقية سليمة مراد والملقبة بـ “باشا”، التي رحلت في 28 يناير/كانون الثاني عام 1974 من القرن الماضي، بعد حياة زاخرة الشهرة والعطاء.
ولدت سليمة في العاصمة بغداد سنة 1905، حيث أخذت في بداية حياتها إلى الاستماع للمقام العراقي والبستات القديمة وتعرفت على الجوق الموسيقى وعلى الجالغي البغدادي، وعلى مشاهير المطربين والعازفين آنذاك، حتى صار لديها رصيد من الإرث الغنائي الموسيقي، وانطلقت لتقديم الحفلات وأخذت شهرتها في الانتشار.
أشهر أغانيها
قدمت الراحلة سليمة مراد، أجمل الأغاني التي خلدتها الذاكرة العراقية حتى يومنا هذا، وأبرزها التي كتبها الشاعر عبد الكريم العلاف “خدري الجاي خدري” و”قلبك صخر جلمود” و”على شواطئ دجلة مر” و”أيها الساقي إليك المشتكى” و”يا نبعة الريحان” و”الهجر” وغيرها، كما لحن لها صالح الكويتي ووداود الكويتي وغيرهما. ووصف الصحفي الفني علي أسعد لـ “الجزيرة نت” سليمة مراد بأنها واحدة من الفنانات الكبار التي ركزت على المقام العراقي وعارفة بالغناء الجنوبي والعربي، وفي بداية العشرينيات عاصرت مشاهير العازفين أمثال صالح الكويتي وداود الكويتي وآخرين كانوا بارعين في المقام العراقي. وتابع أسعد “كتب لها صالح الكويتي بعض الأغاني كذلك عبد الكريم العلاف بأغنية قلبك صخر جلمود وما حن عليه، وغنتها على مسرح الهلال عام 1932، وعندما زارت أم كلثوم بغداد آنذاك حفظت الأغنية عن طريق الفنانة سليمة مراد، وسجلتها على أسطوانة نادرة”. ويضيف “استمع لها الأديب زكي مبارك في إحدى الحفلات وأطلق عليها لقب (ورقاء العراق)، كذلك تعد الباشا سليمة من أوائل المطربات اللواتي دخلن الإذاعة فقدمت العديد من الحفلات الغنائية بالإضافة إلى أنها أسست منتدى أدبيا في بيتها يلتقي فيه كبار الشخصيات من الأدباء والشعراء ورجال السياسة آنذاك”. وتشير المصادر التاريخية إلى أن سليمة كانت يهودية الديانة، إلا أنها لم تغادر العراق أيام حملة تهجير اليهود إلى إسرائيل، وبقيت في العراق حيث استمرت في ممارسة الغناء حتى السنوات الأخيرة من عمرها.
الغزالي ولقب “الباشا” ووفاتها
حصلت على لقب “باشا” من رئيس وزراء العهد الملكي نوري السعيد الذي كان معجباً بها، بحسب المصادر التاريخية، كما أنها تزوجت المطرب ناظم الغزالي في 1953 بعد قصة حب، وتوفيت سليمة مراد في أحد مستشفيات بغداد في الساعة الرابعة عصرا في يوم 28 يناير/كانون الثاني عام 1974، وهي تكتم في نفسها حسرتها بوفاة زوجها الغزالي، حيث دفنت بالقرب منه في مقبرة الشيخ معروف الكرخي في العاصمة بغداد.
سيدة الغناء العراقي
ويقول الشاعر والكاتب عبد الرزاق الربيعي للجزيرة نت “إذا كانت أم كلثوم استحقّت أن تكون سيدة الغناء العربي وكوكب الشرق، وفيروز جارة القمر وقيثارة السماء وسفيرة الأحلام وأرزة لبنان، فسليمة مراد هي سيدة الغناء العراقي بلا منازع، وهي كوكب بغداد الساطع، الذي أضاء ليالي العراق على مدى 4 عقود، تربعت خلالها على عرش الغناء العراقي، مع تأسيس الدولة العراقية في العشرينيات إلى أواخر الستينيات، وظلت حتى بعد رحيلها فبقينا نردد أشهر أغانيها (خيه لاوصي المار)، و(الهجر مو عادة غريبة)”. الربيعي أوضح لـ “الجزيرة نت”، “لم تكن ستحقّق هذا النجاح لولا كلمات الشاعر عبد الكريم العلاف، التي تمسّ الوجدان وتذهب إلى العمق مباشرة، والتقاطاته اليومية الممزوجة ببساطة التعبير (خدري الجاي خدري وقلبك صخر جلمود وعلى شواطئ دجلة مر)”. وساهمت ألحان صالح الكويتي في تحويل تلك المفردات والأحاسيس إلى نغمات، وأصوات تخرج من حنجرة ذهبية، مليئة بالشجن العراقي، ويكفي أن زكي مبارك أطلق عليها لقب “ورقاء العراق” وقد استحقّت إعجاب الطبقة المثقفة، وعامة الناس على حدّ سواء، وكان لتقدير الحكومة الملكية التي منحتها لقب “باشا” الرفيع، بشكل خاص، والمجتمع العراقي لموهبتها الأثر الكبير في تبوئها تلك المكانة الرفيعة، وفق الربيعي. ورأى الربيعي “لم تحل ديانتها اليهودية دون ذلك، في فترة شهدت تهجيرا وصراعات وكراهيات دينية، وتبقى أغنية قلبك صخر جلمود التي غنتها مطلع الثلاثينيات، من أجمل أغانيها، حتى أن أم كلثوم حين زارت بغداد غنتها تقديرا لها، وتقربا لذائقة الجمهور العراقي، رغم صعوبة مقاماتها”. ويضيف الربيعي أن “ارتباط سليمة بسفير الأغنية العراقية الأول ناظم الغزالي حبّبها أكثر لدى الجمهور العريض، وكان رحيله المفاجئ عام ١٩٦٤ ضربة موجعة جعلت “الكوكب” يميل للغروب، لكن أغانيه ظلت سميرا للمحبين إلى اليوم، ذلك لأن أغاني سليمة مراد صارت ضمن التراث الغنائي العراقي الخالد”.
أكد رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بغزة خليل الحية استشهاد رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، في مواجهة عسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي جنوبي القطاع أول أمس الأربعاء.