فور إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب الأردني التاسع عشر، بدت حالة من عدم التفاؤل في الشارع بعدم قدرة مجلس النواب المنتخب على مواجهة السياسات الاقتصادية الحكومية التي تستهدف تحميل المواطن مزيداً من الأعباء المالية من خلال رفع الضرائب وزيادة أسعار السلع والخدمات بهدف الحد من الأزمات التي يعانيها اقتصاد البلاد منذ عدة سنوات وتفاقمها هذا العام بسبب تداعيات جائحة كورونا.
وقد جرت الانتخابات النيابية هذا العام في ظروف استثنائية وصعبة مع تفاقم جائحة كورونا وتراجع الأردن في المؤشرات العالمية ليحل في المرتبة 45 عالميا بعدد الإصابات بفيروس كورونا، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة والانحدار غير المسبوق في مستويات المعيشة. وبالنظر إلى إفرازات الانتخابات، فقد دخل 99 نائبا البرلمان لأول مرة من أصل 130 هو عدد أعضاء مجلس النواب بما فيها الكوتا النسائية المخصص لها 12 مقعدا وفقد 30 عضوا سابقا في المجلس السابق مقاعدهم هذه الدورة غالبيتهم ينتمون إلى تيارات حزبية ولديهم خبرات اقتصادية متعددة. وحسب مراقبين، فإن غالبية أعضاء مجلس النوب المنتخبين ليست لديهم خبرات سابقة في المجالات السياسية والاقتصادية والعمل العام، وإنما جاء انتخابهم استنادا إلى قواعدهم العشائرية وإمكاناتهم المالية التي تمكنوا بواسطتها من الحصول على أصوات شريحة كبيرة من الناخبين ضمن دوائرهم الانتخابية أهلتهم للفوز بالانتخابات، لا سيما وأن نسبة المقترعين لم تتجاوز 29%. إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ”العربي الجديد”: للأسف لا تبعث المؤشرات الأولية لمجلس النواب الجديد على التفاؤل استنادا إلى غياب الخبرات السياسية والاقتصادية لعدد كبير من الأعضاء، وفوزهم جاء بناء على اعتبارات عشائرية والمنافع الشخصية التي قدموها لعدد كبير من الناخبين. وأضاف أن النظام الانتخابي أدى إلى هذه النتائج ذلك أن الكتل التي خاضت الانتخابات كانت صورية باستثناء كتلة الإصلاح المحسوبة على التيار الإسلامي، وبالتالي كل مرشح ضمن كتلته كان يعمل لنفسه فقط، من دون أن يكون هناك برامج عمل وطروحات تعبر عن كل كتلة إلا ما ندر، وبالتالي فإن الفرز الانتخابي للفائزين كان شخصيا فقط، وغير مستند إلى كفاءة الشخص وقناعة بأدائه. وقال عايش إن “غياب شخصيات عريقة في العمل البرلماني ولديها خبرات اقتصادية وسياسية عن مجلس النواب سينعكس سلبا على أداء المجلس الذي سيحتاج أعضاؤه فترة طويلة للتعارف فيما بينهم وإمكانية بلورة تفاهمات ضمن كتلة داخل البرلمان، في الوقت الذي نشهد فيه تراجعا حادا في الأداء الاقتصادي، خاصة مع تفاقم أزمة كورونا وانكماش الاقتصاد”. وأشار إلى أن المواطنين غير متفائلين على ما يبدو بأداء مجلس النواب الجديد وقدرته على مجابهة التحديات وخاصة في الشأن الاقتصادي من خلال التصدي لسياسات رفع الضرائب وزيادة الأسعار. وقال عايش: “نأمل ألا يندفع النواب الجدد وهم الغالبية العظمى في المجلس تجاه تحقيق قضايا مطلبية لمناطقهم وناخبيهم وتجاهل الهم الاقتصادي العام والرقابة الفاعلة على أداء الحكومة والضغط عليها لتعزيز أطر محاربة الفساد بكافة أشكاله وتجويد التشريع ومناقشة القوانين وإعادة النظر فيها لمعالجة الاختلالات”. وتوقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد الأردني بنسبة 3.5% هذا العام وأن يبلغ الدين العام ما نستبه حوالي 112% من الناتج المحلي الإجمالي حيث أظهرت بيانات البنك المركزي الأخيرة أن مديونية الأردن بلغت حوالي 45.12 مليار دولار لنهاية مايو/ أيار من العام الحالي. ووفقا لبيانات رسمية أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة (حكومية)، مؤخرا، ارتفعت البطالة إلى 23% في الربع الثاني من هذا العام، فيما تقدر مؤسسات دولية أن ترتفع نسبة الفقر إلى أكثر من 27% العام الجاري. كما سجلت القطاعات الأساسية تراجعا حادا في أدائها كالعقارات التي انخفضت تداولاتها المالية بنسبة 29% خلال التسعة شهور الأولى من العام الحالي فيما توقفت السياحة الخارجية للأردن بشكل تام منذ منتصف مارس/آذار الماضي وحتى الآن. وأظهر استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية نشر مؤخرا، سوء الأوضاع الاقتصادية والتخبط في اتخاذ القرارات والفشل في محاربة الفساد. ورأى 76% من أفراد عينة قادة الرأي الذين شملهم الاستطلاع أن وضع الأردن الاقتصادي حاليا أسوأ مقارنة بالعام الماضي، فيما يعتقد 43% من أفراد عينة قادة الرأي أن وضع الأردن الاقتصادي سيكون خلال الاثني عشر شهراً المقبلة أسوأ مما هو عليه الآن. وقال النائب من كتلة الإصلاح، والمنتخب للمرة الثانية، موسى هنطش، لـ”العربي الجديد” إن التحديات كبيرة خلال المرحلة المقبلة وتتطلب أن يقوم مجلس النواب الجديد بدور مختلف تماما عن الدورات السابقة بهدف التصدي لأي سياسات تضر بالمواطنين وتؤثر في معيشتهم كرفع الضرائب والأسعار. وأضاف: “رغم إفرازات الانتخابات، لا نريد الحكم مبكرا على أداء النواب، بل إن ذلك ما ستظهره الممارسة على أرض الواقع وخاصة التعاطي الإيجابي مع القضايا الاقتصادية لصالح المواطن ومواصلة الجهود المبذولة لإلغاء اتفاقية الغاز الموقع مع الاحتلال الإسرائيلي وغيرها”.
تتزايد الشكاوى من افتقار الاقتصاد الألماني إلى العمال المهرة ذوي الخبرات المطلوبة في البلاد. ومن أجل جذبهم من الخارج تخطط الحكومة الألمانية الآن لتقديم حوافز ضريبية مشجعة. كيف يتم ذلك في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى؟