الأبد هو الآن فلا تؤجلوه

فيروس كورونا كما كل الفيروسات والأمراض والكوارث التي قد تغافلنا على حين غره ، لتوقظنا على حقيقة أننا مهددون في كل لحظة من حياتنا ، وأن الموت قد لا يستأذن ، فإذا كنا مستعدين لمغادرة الحياة بضمير مرتاح فماذا عن أحبائنا؟

هل نحن مستعدون لاحتمال فقدانهم مثلا ؟ قد لا تكون الفكرة واردة في أذهاننا إلا أن الحقيقة أن أغلب علاقلاتنا مؤجلة! نؤجل لقاء الأصدقاء، نؤجل إصلاح علاقاتنا المأزومة، نشعر باستحالة غفران خطايا عظيمة حتى يصبح الفراق الأبدي احتمالا واردا ثم لنكتشف أن الغفران فكرة لا بأس بها مقابل ألا نفقد ما بقي من الزمن معهم !
نقضي الأوقات ونؤجل أفضلها ، نهجر ونؤجل العودة ، نحب ونؤجل الاعتراف ، ننشغل ونؤجل المتعة ، نلهث خلف مسؤولياتنا وأهدافنا ونؤجل التفاصيل الحقيقية في حياتنا ، نسهو عن ما هو ذو قيمة فنهدر الوقت ونسرف في انفاق الزمن.
يسألنا ستيف جونز : لو كان اليوم هو آخر يوم في حياتك ، فهل تريد أن تفعل ما أنت على وشك القيام به اليوم ؟
قد يجيب أغلبنا بالنفي ؟ وهذا يعني أن لدينا مشكلة في ترتيب الأولويات ، فالأولوية هي لغدنا لا ليومنا ، فماذا لو كان آخر يوم أو شهر أو سنة في حياة أشخاص نحبهم ، وحياتنا حتما ليست على ما يرام إذا ما رحلوا، أو أن الكوكب قد يخلو من البشر إذا ما اختفوا ، فالشخص المهم في حياتك ليس الشخص الذي تشعر بوجوده ولكنه الشخص الذي تشعر بغيابه!
حتما سنعيد حساباتنا ، وقد نغفر ما لا يغفر ، أو ننحاز لمشاعرنا الحمقاء على حساب عقولنا ، ذلك أن الحياة تكمن في القلب أولا وأخيرا ..
لم لا ، فقد نكتشف في لحظة ما أننا يجب أن نعيش بشغف ما نشعر به دون حسابات وبعيدا عن المنطق قليلا ، فيصبح من المنطق أن نسرق لحظاتنا المسروق أصلا !!
نعم معظم من فقدنا من أحبه ذهبوا في لحظة ما توقعناها يوما ، ولو فعلنا لتمنينا أن يمنحنا القدر فرصة التغاضي عن كل شىء مقابل اقتناص وقت إضافي نحبهم فيه لنضيف أرشيف ذكرياتنا صفحات تجعل منها أكثر غزارة وثراء.
نحن وأحبتنا على شفير الهاوية قد يسقط أحدنا في أي لحظة دون وداع، في حين أننا دون أن ندري ما زلنا في انتظارهم في زمن ما قد لا يأتي أبدا.
يقول فرناندو بيسوا: ماذا لو اخترعنا طريقة مغايرة للحب؟
لم لا نبدأ من الخاتمة؟ نفترق ثم نلتقي الى الأبد؟
وأنا أضيف: الأبد قد يكون الآن فلا تؤجلوه .

حنان بديع – كاتبة وشاعرة

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

مظاهرات الجامعات الأميركية.. مراجعة وعِبَر

يتظاهر طلبة أميركا مطالبين بالحرية لفلسطين، ووقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية واستلاب للحقوق منذ 76 عامًا وتتوسع مظاهراتهم إلى أوروبا وغيرها، ولا تجد لها صدى في بلدان وجامعات المَوات العربي. فإلى أي مدى تفيد تلك المظاهرات في الزمان والمكان في نصرة فلسطين، وتغيير السياسات الإمبريالية الأميركية المنحازة للكيان الصهيوني انحيازًا تامًا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
12 × 29 =