كم حاربنا لكيلا نكون كلنا نزار. نزار المقتول هذه المرة؟
لن احملنا وزر موت او مقتل او اغتيال نزار. لا تهم المصطلحات، ولا يهم قوة تعابيرها. الحقيقة واحدة ووحيدة: نزار لم يعد موجودا.
قتلوه او اغتالوه او عذبوه او نكلوا به، سيتحول الى قضية رأي عام جديدة. لا بد انهم حسبوها جيدا هذه المرة، يعرفون ان أكبر قضية رأي تدوم شهر وفي ظل تسارع الفضائح وكثرتها لا تدوم الا بعض الأيام في أحسن احوالها. فنحن لا نزال امام قضية تطعيمات غير صالحة على حسب تأكيدات الجهات الرسمية ممثلة بوزارة الصحة ورئيس الحكومة الفلسطينية، ومع هذا انتهت القضية بلجنة تحقيق وستكمل هذه السلطة فسادها وافسادها حتى النيل من اخر مواطن.
القمع الذي يتم ممارسته علينا يوميا من قبل هذه السلطة وحجم الفساد خلق نزار وقتله. لا مكان للعيش في وطن سليب الحرية والتعبير بأبسط اموره.
ولكن هؤلاء ينجون دوما بأفعالهم. لا يأبهون لشعب، ولا لردة فعل، ولا لهبة، ولا لتظاهرة. يعرفون جيدا انه بيدهم القبضة الحديدية لقضبان الزنازين والمعتقلات والقدرة على القتل.
نزار مات
نزار قتل
نزار تم اغتياله…
كلنا نزار….
كلنا على طريق الموت بهذه الوضاعة. بهذا الجبروت. بهذا الاحتقار لقيمة الانسان.
لن تسقط حكومة بمقتل نزار
ولن يستقيل وزير داخلية ولا رئيس امن ولا مدير مباحث ولا من أصدر التعليمات من رئيس الحكومة الى الغفير الذي اقتحم منزل نزار واعاث فيه خرابا ودمارا وقتلا.
قتلوا نزار….
قتلوا الصوت الذي لا يهادنهم.
قتلوا الحر الذي لم يساوم على حقوقه
قتلوا الرجل الذي كان يمثل الخيط الرفيع من مقدرة الانسان الفلسطيني على التعبير ولو بشق. لأنهم لم يتركوا أي خيوط، فلقد داسوا علينا وعلى كرامتنا وعلى حياتنا.
قتلوا نزار عندما اعتقلوه اول مرة
هدروا دمه
نزار لم يمت
لأننا بالفعل كلنا نزار
كم صوت يمكن لهم ان يغتالوا؟
كم نزار يمكن ان يسكتوا؟
لطالما مثل نزار الانسان الفلسطيني المقاوم المقاتل من اجل الحرية. وهذا الانسان لا يتمثل برجل يمكن قتله او التخلص منه لتنتهي القضية.
كم هي سيئة ومقيتة هذه السلطة التي لا تقوى على تحمل الاعتراض او الإشارة على فسادها المستشري في كل مكان.
كم هي بائسة هذه السلطة التي تستقوي على افرادها وتقتحم بيوتهم وتنكل وتضرب وتقتل.
كم نزار قضى على يد هؤلاء ولم نسمع ولم نعرف عنه؟
مقتل نزار يؤكد كم القمع الذي يحيا به هذا الشعب. لأنه بكل بساطة، اذام ا عبرت عن نفسك تقتل.
والقاتل نظام ممتد في كل مكان كما الفساد.
الفساد يقتل
كم صرخنا خوفا وجزعا ورعبا
كم حذرنا
كم استجدينا
كم استغثنا
بأن لا نصل الى يوم نبكي فيه نزار ونقول كلنا نزار.
كلنا نزار لطالما هذه السلطة تستبد ونحن في أحسن احوالنا نردد كلمة شجب ونوسم عبارات وننتهي الى قصة مشتعلة أخرى
كلنا نزار لطالما نستمر في السكوت عن هذا القهر والظلم والاستبداد
كلنا نزار لطالما تحكمنا سلطة فعلها أقبح بدرجات وبمراحل من فعل الاحتلال
كلنا نزار لطالما لم نعد نفرق بين اجرام الاحتلال واجرام السلطة
كلنا نزار ما دامت هذه السلطة تتحكم بنا لهذه الدرجة…. لدرجة قتل من لا يعجبه صوته.
كلنا سنكون نزار…. ميتين، مقتولين، مغتالين، معتقلين.
او سنكون نذر شؤم على ما تبقى لنا من حياة نعيشها برعب ورهبة. بقهر وظلم. باستباحة مستمرة لقمع، او تنكيل، او تعذيب، او حرق، او اغتيال متوقع بأي لحظة.
كلنا سنكون شهداء هذا النظام القامع الفاسد الاستبدادي إذا ما كنا نزار
او كلنا سنمضي بذل وظلم وخنوع وتستمر هذه السلطة بالاعتلاء والقتل والاستباحة على أجساد من استشهد منا وارواح من بقي خانعا متفرجا خائفا منهم.
اختم كلماتي، ولا أزال مأخوذة بوهل الصدمة. لقد مات نزار بالفعل.
لقد تعدوا كل الخطوط الإنسانية بجريمتهم هذه.
اتصلت بي اختي بينما كنت اكتب هذه الكلمات صارخة: اوعي تكتبي بلاش يقتلوك.
هم بالفعل يقتلون.
من كان يصدق اننا سنعيش لهذا اليوم الأسود في حياتنا كفلسطينيين.
ان يقتل الانسان منا لأن صوته ارتفع عن السقف المسموح له به.
لأن صوته ارتفع من اجل ان نكون أفضل.
ان نحيا أفضل.
ان نعيش بكرامة لكي نستطيع ان نكون أحرارا.
ان نقوى على التحرر من الاحتلال.
اين نحن من الاحتلال ومن يقتلنا هم من واليناهم على حياتنا.
انا لله وانا اليه راجعون
وحسبنا الله … نزار اليوم بين من هم أكثر استحقاق للخلود.
نادية عصام حرحش – كاتبة فلسطينية