يحذو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المحب لكرة القدم حذو جيرانه في دول الخليج الغنية الأخرى من خلال شراء نادٍ أوروبي لتحسين صورة بلاده المتضررة على وقع سجلها الحقوقي، على ما أفاد خبراء.
استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يرأسه ولي العهد السعودي، على نادي نيوكاسل الإنجليزي صاحب التاريخ الكبير والجماهيرية العريضة لكن المتعثر كرويا منذ سنوات، ما أثار احتفالات صاخبة لجمهوره وصلت حد رفع بعضهم علم السعودية أمام ملعب سانت جيمس بارك في شمال شرق إنجلترا.
وقال محمد مندور الصحافي الرياضي في موقع “سبورتس داتا” الفرنسيّ لوكالة فرانس برس إنّ “السعودية دخلت مجال الاستثمار الرياضي من الباب الأوسع. الدوري الإنجليزي يستحوذ على الشعبية والجماهيرية الأكبر بالعالم”. وأضاف أنّ “هناك هدف سياسي واقتصادي على المدى القصير والبعيد” لشراء نيوكاسل. وتابع “سياسيا تحسين شكلها العام خصوصا لارتباطها بانتهاكات حقوقية. عملية الشراء مرتبطة بتبييض سمعتهم وليس أموالهم. أموالهم معروفة المصدر لكن سمعتهم تعاني في الغرب”.
وأردف قائلا “على المدى البعيد الموضوع مربح اقتصاديا. ربما الإنفاق في البداية أكبر من العائدات. لكن الأمور بدأ يكون لها مردود اقتصادي من أموال بيع اللاعبين ومدخولات الإعلانات”، في إشارة لتجربتي نادي مانشستر سيتي الإنجليزي المملوك إماراتيا وباريس سان جرمان الفرنسي المملوك قطريا.
صورة متضررة على وقع السجل الحقوقي
وواجهت المملكة إدانة دولية بعد عملية قتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في العام 2018، حتى أن الاستخبارات الأميركية أصدرت تقريراً في شباط/فبراير الماضي، اتهمت فيه بن سلمان بالموافقة على القتل، وهو ما رفضه السعوديون بشدة.
وتشهد المملكة التي عرفت لعقود أنها محافظة للغاية إصلاحات اقتصادية واجتماعية ودينية جذرية، لكنّ هذه التغيرات ترافقت كذلك مع حملة قمع للمنتقدين والصحافيين والمعارضين، وخاصة الناشطات الحقوقيات.
وأوضح الباحث الاقتصادي المستقل محمود نجم أنّ “الدوري الإنجليزي ثاني أكبر مصدر للقوة الناعمة لبريطانيا بعد الأسرة المالكة. وهو ما يثبت التأثير الثقافي الضخم لشراء نادي في هذا الدوري خصوصا”. وتابع لفرانس برس أنّ “الدوري الإنكليزي أصبح ملتقى لاستثمارات العالم. لذا طبيعي أن الدول التي تملك فوائض مالية تستثمر فيه لتحسين صورتها العامة وتحقيق أرباح”.
وتكلفت الصفقة 300 مليون جنيه إسترليني (408 ملايين دولار)، وهو ما قال الخبيران إنه مبلغ زهيد للغاية لوضع قدم في الدوري الإنكليزي. وقال مسؤول في الهيئة العامة للرياضة في السعودية تحدث شريطة عدم ذكر اسمه إن “الخطوة ستغير من مفهوم الإنجليز عن السعودية وسترسخ صورة ذهنية جديدة عن المملكة للأجيال القادمة”. وتابع المسؤول المقرب من دائرة صنع القرار الرياضي والترفيهي إنّ “نيوكاسل سيختصر الكثير للسعوديين في العالم (…) مجرد أصلاً رفع الجمهور علم السعودية في إعلان الصفقة نجاح”.
لكنّ الصفقة أثارت الكثير من الجدل من قبل المنظمات الحقوقية، وقبل إبرامها حضّت منظمة العفو الدولية رابطة الدوري على النظر في سجل حقوق الإنسان “المروع” في السعودية. وقال رئيس حملات المنظمة في بريطانيا فيليكس جاكنز لفرانس برس إنّ الصفقة “تمثل محاولة واضحة للغاية من قبل السلطات السعودية للتبييض الرياضي لسجلها المروع في مجال حقوق الإنسان باستخدام بريق الدوري الممتاز”.
لكنّ سيدة الأعمال أماندا ستايفلي التي أدارت عملية الاستحواذ شدّدت في مقابلة مع “بي بي سي” أنّ العملية “ليست تلميعا رياضيا على الإطلاق”، وأشارت إلى أنّ “شريكنا ليست الدولة السعودية. شريكنا هو صندوق الاستثمارات العامة”، أحد أهم صناديق الثروة السيادية والأكثر تأثيراً في العالم.
ع.ش/خ.س / أ ف ب / DW