إسرائيل المهزومة تروّج لخرافات الاختراق والانتصار.. إليكم القصة والأدلة والبراهين

كالعادة وكما هو معهود من المسؤولين في إسرائيل سواء في الموساد أو في الأجهزة الحكومية أو حتى رئيس الوزراء، لا تسمع من هؤلاء سوى “الزعبرة” “والجعجة” ولم نرى يوماً من جعجعتهم هذه أي طحين كما يقول المثل العربي. لعل أخر التهريجات التي خرج بها المسؤولون في إسرائيل جاءت على لسان رئيس الموساد السابق “يوسي كوهين” والذي قال بأنّ إسرائيل استطاعت توجيه ضربات موجعة للبرنامج النووي الإيراني وبأنها استطاعت اختراق قلب إيران والكشف عن أسرارها وكسر غطرستها.

يأتي تصريح المهرج الصغير “كوهين” بعد إقالته من قبل المهرج الكبير “نتنياهو” ولعل هذه الحوادث تأتي كلها قبل ساعات قليلة تفصلنا عن اتفاق محتمل بين أحزاب اليمين والوسط واليسار الإسرائيلي للإطاحة بنتنياهو وتشكيل حكومة بقيادة يائير لابيد.

هذا التصريح مهم للغاية من حيث التوقيت ومن حيث سياق الأحداث المرتبطة. إذ أن توقيت هذا التصريح جاء بعد حرب غزة التي استمرت لمدة 11 يوماً دون هوادة، وسياق هذا التصريح يأتي في الوقت الذي تشهد المفاوضات بين إيران والدول الكبرى تقدماً ملحوظاً للتوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني في مدينة فيينا.

من حيث المبدأ، هل بالفعل إيران مخترقة في القلب؟ وهل استطاعت إسرائيل كسر الغطرسة الإيرانية كما ادعى كوهين؟ ولو أن كوهين حقق هذه الانتصارات لما أقاله نتنياهو إذاً؟

للإجابة على هذه الأسئلة علينا أن نبدأ من الأحداث الأخيرة التي شهدت مواجهة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وبين العدو الصهيوني. من الأهمية بمكان هنا أن نستند في حديثنا إلى تصريحات الطرف الإسرائيلي وصحفه. فالصواريخ التي أطلقتها المقاومة على رؤوس الإسرائيليين جعلت أغلب الشعب الإسرائيلي يدخل إلى الملاجئ، كما سببت هذه الصواريخ رعب مزمن لأكثر من ربع السكان في إسرائيل. الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي كبيرة للغاية وامتنع الإسرائيليون عن التصريح بها ناهيك عن ضرب البنى التحتية وتعطيل الاقتصاد الإسرائيلي والتسبب بخسائر فادحة للغاية قدرات بملايين ملايين الدولارات.

إن الحرب مع فصائل العزة والمقاومة لم تستمر لأكثر من 11 يوما وتكبدت فيها إسرائيل كل هذه الخسائر فما بالك عزيزي القارئ بحرب طويلة الأمد مع أكبر مُصَنِع أسلحة وصواريخ بعيدة المدى وتحت الأرض (ونحن نقصد هنا إيران). فصائل المقاومة جميعها بلا استثناء شكرت لإيران جهودها في مساعدة المقاومة لوجستياً وماليا وعسكريا وشكرتها على مساعدتها في تطوير صورايخها وإيصالها من سوريا وحزب الله إلى فصائل المقاومة. إن القدرة الصاروخية الإيرانية اليوم قادرة على تدمير أي هدف في العمق الإسرائيلي، وكما يقول الأستاذ عطوان فإن الحرب القادمة ستكون ذات مساحة أكبر وذات أطراف متعددة وقد تكون الأخيرة لإسرائيل في المنقطة.

قبل أشهر قليلة تحدث نائب الموساد عن أن إيران خصبت كميات كبيرة من اليورانيوم وبأن نفوذها في المنطقة يزداد يوماً بعد يوم. فبرأيكم من نصدق من يغادر منصبه ويتحدث كذبا أم من تحدث بواقعية عن الملف الإيراني؟

إيران وبكل قوة وبعد أن اسنحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي أولا، اتجهت إلى التخصيب بمقدار 60 بالمائة وهي في طريقها إلى التخصيب بنسبة تصل إلى 90 بالمائة إذ لم تنفذ القوى الكبرى كل الشروط والرغبات الإيرانية. كما يجب القول بأن الصواريخ الإيرانية وتخصيبها لليورانيوم لا يهدد أي بلد مجاور لها فهي لطالما مدت يد الأخوة والإسلام للجوار، هذه القوة العسكرية ما هي إلا قوة رادعة لعدو واحد لا غير وهو يفهم هذه الرسائل بشكل جيد.

من يدّعي بأنه اخترق قلب إيران، تناسى تصريحات مسؤوليه عن استهداف مصانع الأسلحة في إسرائيل والهجوم ضد مفاعل ديمونا الذي تكتم عليه العدو الصهيوني كما تكتم العدو عن هجمات عديدة ضد السفن الإسرائيلية ناهيك عن الهجمات السيبرانية ضد أغلب المؤسسات الإسرائيلية.

أخيراً، لم تكشف صواريخ المقاومة في غزة عن مدى نجاح قوى المقاومة في تطوير الذات والقدرة على قهر الخرافة الإسرائيلية “إسرائيل لا تقهر” بل أكدت على أن المقاومة ككل انتصرت في حربها الأخيرة، وأن هذا المحور يعمل بشكل جماعي ليحقق الهدف الأسمى. إيران لم تمرّغ أنف إسرائيل في التراب فحسب، بل هدمت مشروع إسرائيل وعملائها من العرب الساعين نحو التطبيع مع العدو وذلك بالوقوف على المبادئ والقضية الأولى والأخيرة. وأما من يتحدث عن شهداء المقاومة في فلسطين وغزة والشهيد سليماني ورفيقه المهندس أو الشهيد فخري زادة.. فنقول لهم هؤلاء ما خُلقوا ليعيشوا … هؤلاء خُلقوا للشهادة في سبيل الله.

فاطمة عواد الجبوري – كاتبة وباحثة عراقية

تويتر @fatimaaljubour

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

مظاهرات الجامعات الأميركية.. مراجعة وعِبَر

يتظاهر طلبة أميركا مطالبين بالحرية لفلسطين، ووقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية واستلاب للحقوق منذ 76 عامًا وتتوسع مظاهراتهم إلى أوروبا وغيرها، ولا تجد لها صدى في بلدان وجامعات المَوات العربي. فإلى أي مدى تفيد تلك المظاهرات في الزمان والمكان في نصرة فلسطين، وتغيير السياسات الإمبريالية الأميركية المنحازة للكيان الصهيوني انحيازًا تامًا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
26 × 14 =