أزمة تيغراي: آلاف اللاجئين الإثيوبيين يعانون ظروفا معيشية صعبة في السودان

في ظل كارثة جديدة تلوح دلائلها في الأفق تمكنت بي بي سي عربي من الوصول إلى الحدود السودانية الإثيوبية وتحديدا في مخيم حمدايت الواقع في منطقة أم راكوبة في ولاية القضارف السودانية حيث تجمع آلاف اللاجئين الإثيوبيين، الذين فروا من وجه القتال الدائر في إقليم تيغراي، بعد رحلة تزودوا فيها بأقل القليل من الزاد والمتاع استغرقت ثلاثة أيام مشيا على الأقدام.

ويشكل كبار السن والنساء والأطفال أغلبية الفارين من إقليم تيغراي، بعد أن اضطروا، تحت نيران القصف، إلى ترك منازلهم وأسرهم ولا يعلمون عنهم إن كانوا أحياء أم أموات حتى الآن.

أوقات عصيبة في رحلة شاقة لمخيمات اللجوء

تصف تحقوسي ايمار، لاجئة إثيوبية، لبي بي سي ما يعانيه الفارون من المعارك إلى السودان، قائلة: “الرحلة صعبة جدا على الأهالي، مشيت ثلاثة أيام متتالية، وأنا أحمل أطفالي معي، لا يوجد معي إلا القليل من الطعام والماء. تركت زوجي وأخوتي ورائي في الإقليم ولا أعلم عن مصيرهم أي شيء”.

وأضافت: “المصيبة في الطريق أن الأطفال الرضع هم الضحية الأولى، فهم لا يتحملون هذه الظروف القاسية، التي يضيق بها الشخص البالغ، فكيف يتحمل الطفل هذه المشقة “.
وتروي ترحاس قبروم، لاجئة إثيوبية أخرى، كيف تركت خلفها أنقاض منزلها الذي سقط جراء القصف، وزوجها الذي لم تكن وقتها تعرف عن مصيره شيئاً.

تقول ترحاس: “سمعت صوت دوي الانفجارات والقصف بقرب من قريتنا (الرويان)، وما هي إلا ساعات حتى رأينا الجموع الغفيرة من الأهالي تصل قريتنا وبعدها وصل القصف، وكان الجميع في حاله خوف وهلع”.
بي وتضيف أنه لم يتسن لها أن تحمل شيئاً سوى طفلها الذي لم يتجاوز عامه الأول برفقة عدد من أهالي القرية، وبقيت طوال أربعة أيام تشرب من مياه البرك ولم يتوفر لها الغذاء، وتابعت رحلة فرارها حتى وصلت مخيم حمدايت وعرفت أن زوجها وصل مع آخرين من أقاربها بعد وصولها بيومين والتأم شمل العائلة بحمدايت كبارقة أمل وسط ظلام كثيف يكتنف الناس والبلاد.

ويتحدث ابو قراي، لاجئ إثيوبي، عن الأوضاع المعيشية داخل مخيم حمدايت قائلا: ” جئنا إلى هذا المعسكر في السودان دون أي شيء، جئنا بأنفسنا ولم نجد ما يكفي من الطعام والماء هنا، السودانيون استقبلونا ونحن نقدّر لهم ذلك، ولكن نطالب الدول والعالم بمساعدتنا”.
وأضاف ابو قراي أن مخيم اللجوء بحاجة إلى إعادة تأهيل حيث لا يوجد فيه بنية تحتية أساسية تتضمن أماكن لقضاء الحاجة أو عيادات طبية أو أي خدمات أخرى يحتاجها اللاجئون خلال مكوثهم في المخيم.
كما أعرب سيد أنور، المدير السوداني التنفيذي لمنطقة حمدايت، لبي بي سي عن خوفه من انتشار الأوبئة والأمراض، بسبب عدم توفر أماكن لقضاء الحاجة بالنسبة للاجئين، فضلا عن الأعداد الكبيرة الموجودة في مخيم حمدايت دون وجود رعاية طبية لهم.
وناشد أنور المجتمع الدولي، ممثلاً بالأمم المتحدة، بالوقوف إلى جانب السودان ومساعدته لتمكينه من تقديم المساعدة للاجئين.

أعرب أمين عام الأمم المتحدة عن قلقه البالغ بشأن عواقب الصراع الإثيوبي على السكان المدنيين

تحذير أممي من كارثة إنسانية

تنتشر القوات الإثيوبة، وفقا لوكالة رويترز للأنباء، على طول حدود إقليم تيغراي مع السودان، حيث تقوم بمنع السكان المحليين الفارين من مغادرة البلاد. وهو ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في عدد الأشخاص الذين يعبرون الحدود إلى السودان خلال الأيام الماضية.
وقال فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خلال زيارة له إلى مخيم “أم راكوبة” في السودان، الذي يضم لاجئين فارين من مناطق القتال في تيغراي، إن السودان يحتاج إلى 150 مليون دولار مساعدات لاستيعاب تدفق اللاجئين على أراضيه.
كما أعرب أمين عام الأمم المتحدة عن قلقه البالغ بشأن عواقب الصراع الإثيوبي على السكان المدنيين، وفي ظل انتشار خطاب الكراهية، وتقارير عن التنميط العرقي، فضلاً عن الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون في مخيمات اللجوء في السودان.

تزايد حدة الأزمة الاقتصادية مع وصول اللاجئين الإثيوبيين

تشير تقارير إلى أن توافد اللاجئين الإثيوبيين بكثافة قد يؤدي إلى خلق أزمة اقتصادية في السودان، الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية نتيجة التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية.
وأكد سليمان علي، والي محافظة القضارف، في أكثر من مناسبة أن عدد اللاجئين أكبر من قدرات المحافظة على استقبالهم، مضيفا أن أي زيادة في الأعداد ستؤدي إلى ضغط إضافي ليس على الولاية فحسب، بل على السودان ككل.
ومنذ بداية الأزمة، كانت استجابة المنظمات غير الحكومية ومنظمات الإغاثة الدولية ضعيفة وهذا لن يساعد السودان في تقديم خدمات أساسية للاجئين.

تشير تقارير إلى أن توافد اللاجئين الإثيوبيين بكثافة قد يؤدي إلى خلق أزمة اقتصادية في السودان

مصير مجهول ينتظر اللاجئين

بعد أن لقى آلاف الأشخاص حتفهم خلال الصراع بين الحكومة الفيدرالية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وفرار أكثر من 40 ألف لاجئ إلى السودان، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد انتهاء العملية العسكرية في إقليم تيغراي شمال البلاد. دون التطرق إلى أوضاع اللاجئين في السودان وتأمين عودتهم للبلاد.
ويبدو أن الصراع لايزال مستمرا، خصوصاً بعد توعد زعيم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، دبرصيون جبرميكائيل، بمحاربة القوات الإثيوبية حتى النهاية، ما قد يعقد الأمور في إقليم تيغراي ويدفع المزيد من السكان المحليين للفرار إلى الدول المجاورة.

بي سي عربي

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

الغلاء ينهش النازحين اللبنانيين: فريسة السوق الموازية وانعدام الرقابة

يواجه النازحون من المناطق اللبنانية المعرضة للعدوان الإسرائيلي، ظروفاً قاسية تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، مع انتشار السوق السوداء للمواد الأساسية التي يحتاجونها في مراكز الإيواء وفي الشقق السكنية الفارغة التي يستأجرونها، خصوصا الفرش والمخدات والأغطية والمواد الغذائية الأساسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
10 + 15 =