ليبيا.. باشاغا يلخص الصراع: مؤسسة النفط والمصرف المركزي ومؤسسة الاستثمار

الحكومة الليبية الجديدة تؤكد على ضرورة التحلي بضبط النفس وعدم الانجرار وراء التصعيد السياسي والعسكري.

لخص رئيس الحكومة الليبية الجديدة فتحي باشاغا في بيان الأحد أسباب الصراع في ليبيا على أنه مرتبط بثلاث مؤسسات هي: المصرف المركزي ومؤسسة النفط ومؤسسة الاستثمار، داعيا إلى تحييد هذه المؤسسات وإبعادها عن التجاذبات السياسية لتجنب أيّ تصعيد -سواء أكان عسكريا أم سياسيا- أو إيقاف إنتاج النفط وقفل الموانئ النفطية.

وشددت الحكومة الليبية الجديدة والمكلفة من مجلس النواب على ضرورة التحلي بضبط النفس وعدم الانجرار وراء التصعيد السياسي والعسكري.

وأكّدت الحكومة في بيان صدر صباح الأحد على ضرورة إخراج المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار من دائرة الاستقطاب والاستغلال السياسي، والالتزام بدعمها وفق أسس وطنية متجردة.

وتأتي دعوة باشاغا في ظل توقعات متصاعدة بأن يتخذ الجيش خطوات تصعيدية خلال الأيام القادمة بوقف إنتاج النفط لاسيما بعد دعوة ممثليه في لجنة 5+5 لوقف ضخ النفط وإغلاق الطريق الساحلي وتعليق الرحلات الجوية، احتجاجا على عرقلة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة لعملية سحب المرتزقة وقطع الرواتب على القوات التابعة للقيادة العامة للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.

وبدا بيان باشاغا كما لو أنه تبرئة ذمة من أيّ خطوة قد يتخذها الجيش خلال الأيام المقبلة خشية من أن يتخذ الأميركيون موقفا أكثر تشددا من حكومته التي فضلوا التزام الحياد إزاءها شأنها شأن حكومة الدبيبة واكتفوا بدعم الدعوة إلى المحادثات بينهما التي دعت إليها تركيا.

الدبيبة يحاول استفزاز الجيش من خلال وقف رواتب عناصره والهدف هو دفعه لاتخاذ قرار إيقاف تصدير النفط

واتخذ الصراع خلال السنوات الماضية أبعادا وعناوين مختلفة لكن مراقبين يرون أن الصراع الحقيقي هو على الثروة والسيطرة على عائدات النفط.

وفي حين تبدو مؤسسة الاستثمار بعيدة عن دائرة الضوء فإن المصرف المركزي ومؤسسة النفط لطالما اتهما بالانحياز للإسلاميين والحكومات التابعة لهم في طرابلس.

وأوقف الجيش أكثر من مرة إنتاج وتصدير النفط واتهم الحكومات في طرابلس بمحاباة الإسلاميين والميليشيات مطالبا بتوزيع عادل للثروة.

وضغط الجيش في أكثر من مناسبة لتفعيل قرار البرلمان بإقالة الصديق الكبير من منصب محافظ المصرف المركزي لكن ضغوطه قوبلت بالتجاهل.

وأبدى رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله موقفا منحازا لحكومة الوفاق خلال حرب طرابلس التي اندلعت قبل نحو ثلاث سنوات وانتهت بهزيمة الجيش وعودته إلى معاقله شرق البلاد ووسطها.

وقيد صنع الله إمدادات الكيروسين للمنطقة الشرقية خلال الحرب في محاولة لمنع قوات الجيش من استخدامها في معركتها للسيطرة على العاصمة.

وكان من بين مخرجات اتفاق جنيف الذي جاء بحكومة الدبيبة تغيير المناصب السيادية وعلى رأسها رئيس مؤسسة النفط ومحافظ المركزي، وهو ما لم يتم دون أيّ توضيحات من مجلسي النواب والدولة.

ويحاول الغرب وخاصة الولايات المتحدة تجنب سيناريو إيقاف ضخ النفط من ليبيا وهو ما قد يعمق أزمة الأسعار العالمية التي بدأت بعد الحرب الروسية – الأوكرانية وفشل الضغوط الغربية على أوبك لزيادة الإنتاج بهدف كبح الأسعار.

وضغط السفير الأميركي ريتشارد نورلاند خلال الفترة الماضية باتجاه تحييد المصرف المركزي وقال عقب لقائه الصديق الكبير في فبراير الماضي “اتفقنا على أهمية استقلال المؤسسات السيادية ودفع الرواتب والنفقات الأساسية بانتظام لصالح الشعب الليبي”.

وجاء موقف السفير الأميركي ردا على إيقاف الدبيبة صرف رواتب عناصر الجيش وسط اتهامات له باستخدام المال للبقاء في السلطة.

ويقول مراقبون إن الدبيبة يحاول استفزاز الجيش من خلال وقف رواتب عناصره والهدف هو دفعه لاتخاذ قرار إيقاف تصدير النفط حتى يبدو الجيش والبرلمان والحكومة الجديدة كأعداء لمصالح الغرب وهو ما قد يقود إلى اتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه حكومة باشاغا. وكانت ليبيا البلد الوحيد الذي صوّت لصالح قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهي الخطوة التي حظيت بإشادة أوروبية واسعة.

ونفى اللواء أحمد المسماري الناطق باسم الجيش الليبي إصدار حفتر أو الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة باشاغا أوامر بغلق الموانئ والحقول النفطية في البلاد.

وقال المسماري معلقا على تداول أخبار تفيد بإصدار حفتر والحكومة المكلفة من مجلس النواب تعليمات بالبدء في الإغلاق التدريجي لكل الموانئ والحقول النفطية وأنابيب الغاز اعتبارا من الأحد إنها “أخبار مزورة ولا أساس لها من الصحة”.

وتداول ناشطون وصفحات إخبارية على فيسبوك أخبارا بشأن ذلك بعد أن أعلن ممثلو الجيش في اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” السبت تعليق عملهم باللجنة مطالبين حفتر “بإصدار أمر إيقاف تصدير النفط وغلق الطريق الساحلي وإيقاف الرحلات الجوية بين الشرق والغرب”.

ميادين – العرب اللندنية

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

الدين والدولة في المغارب

يخيّل إليّ أن النقاش الفكري والسياسي، الذي خيض في الدول المغاربية منذ فترات الاستقلالات الوطنية الأولى، عن علاقة الدولة الوطنية بالدين الإسلامي، لم ينبن على أي أساس ديمقراطي، بل هو بالأساس تحكّمي تمنطق بالشرعية التي فازت بها القوى السياسية والمسلحة التي كافحت من أجل الاستقلال ومن إملائها، في بعض الحالات، بالقوة التحكّمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
8 + 5 =