دول الاتحاد الأوروبي تجتذب العمال المهرة بإعفاءات ضريبية

تتزايد الشكاوى من افتقار الاقتصاد الألماني إلى العمال المهرة ذوي الخبرات المطلوبة في البلاد. ومن أجل جذبهم من الخارج تخطط الحكومة الألمانية الآن لتقديم حوافز ضريبية مشجعة. كيف يتم ذلك في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى؟

تعتزم الحكومة الألمانية في إطار “مبادرة النمو” العمل على منح تسهيلات ضريبية للعمال المهرة المهاجرين حديثاً من خلال تقديم إعفاءات بنسبة 30 و20 و10 في المائة من إجمالي أجورهم معفاة من الضرائب في السنوات الثلاث الأولى لوجودهم في ألمانيا. ولهذا سيتم تحديد حد أدنى وأعلى لإجمالي الأجر. ومن الضروري تقييم تأثير هذا الإجراء في خطوة لاحقة بعد خمس سنوات. ولم يقابل هذا المقترح بمعارضة قوية من النقابيين فحسب، فهم يخشون “فرض ضرائب ذات مستويين”، في حين يريد مؤيدو المبادرة جعل سوق العمل الألماني جذاباً للخبرات الأجنبية من الناحية المالية. وفي هذا السياق يقول وزير الاقتصاد روبرت هابيك إن العمال المهرة يفضلون الذهاب إلى بلدان أخرى، مثل الدول الإسكندنافية بسبب الظروف الضريبية الأفضل. ويضيف الوزير الألماني في مقابلة مع صحيفة هاندلسبلات أن “الأمر يستحق محاولة جلب الخبرات الأجنبية إلى ألمانيا”.

في استفسار موجه للحكومة الألمانية في عام 2018، أراد حزب الخضر الذي كان لا يزال في المعارضة آنذاك، معرفة ما إذا كان يتم منح حوافز ضريبية في دول أوروبية أخرى. وفي ذلك الوقت قامت الحكومة الاتحادية بتسمية 15 دولة من دول الاتحاد الأوروبي تُقدم فيها مثل هذه الحوافز. ويشير وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر الآن إلى القواعد الموجودة في اليونان وكرواتيا وقبرص، وكذلك في إيطاليا وإسبانيا والبرتغال من بين دول أخرى عديدة.

إسبانيا

تتمتع إسبانيا المجاورة للبرتغال، أيضاً بمعدل ضرائب مخفض على العمال من الجنسيات الأخرى. و”معدل الضريبة على الأجانب” هنا أعلى حتى مما هو عليه في البرتغال. ويسري في إسبانيا نظام يمكن للعمال المهرة من خلاله أن يدفعوا معدل ضريبة ثابتاً يبلغ نحو 24 بالمائة.

إيطاليا

أما في إيطاليا فالقواعد معقدة للغاية، وتعتمد على العديد من التفاصيل: المدة التي قضاها العامل الماهر في البلد، والمبلغ الذي يكسبه، وكذلك عدد أطفال الأسرة وأعمارهم. وبحسب مدونة إيتاكسا (وهي مدونة إنترنت تروج لاستقطاب العمال المهرة تحت شعار: “قواعد الضرائب الدولية بكلمات بسيطة”) يمكن في ظل الظروف المثالية فقط -في حالات نادرة – أن يحصل العمال المهرة على إعفاءات ضريبية كبيرة قد تشمل نحو 90 في المائة من الدخل.

السويد

كذلك تقدم دول شمال أوروبا إعفاءات ضريبية هي الأخرى. وخلصت دراسة أجراها مركز لايبنيتس للمعلومات الاقتصادية إلى أن هذه الإعفاءات الضريبية فعالة يشكل كبير، ولكن الدراسة تشير أيضاً إلى آثار سلبية على البلدان التي يأتي منها العمال المهرة، لأنها من الممكن أن تشجع على هجرة الأدمغة وسحب العمال المؤهلين.

في السويد، تعفي القوانين 25 بالمائة من الدخل من الضرائب. ووفقاً لمؤسسة إرنست ويونغ فقد زادت البلاد من حوافزها الضريبية في عام 2024. ويتعين الآن على الموظفين المؤهلين من غير السويديين – الذين لا يقل دخلهم عن حوالي 10 آلاف يورو شهرياً – دفع ضريبة عما نسبته 75 بالمائة من دخلهم فقط لمدة سبع سنوات بدلاً من خمس.

الدنمارك

وفي الدنمارك، لا يدفع العمال المؤهلون تأهيلاً عالياً، مثل العلماء، سوى 27 بالمائة فقط من ضريبة الدخل لمدة سبع سنوات، بالإضافة إلى استقطاعات الضمان الاجتماعي. أما الموظفون الآخرون الذين يتقاضون راتباً شهرياً يبلغ 10 آلاف يورو أو أكثر، فيدفعون فقط ضريبة ثابتة بنسبة 32.84 بالمائة. يُذكر أن معدل الضريبة الأعلى في الدنمارك يبلغ عادةً 53 بالمائة.

هولندا

يمكن للعمال المهرة المطلوبين توفير الكثير من الضرائب في هولندا من خلال “قاعدة الـ30 بالمائة” المطبقة هناك. وتنص القاعدة على أن ما يقرب من ثلث الدخل معفي من الضرائب. ورغم أن هذه القاعدة تتمتع بالجاذبية، لكنها مثيرة للجدل أيضاً ويتم تغييرها باستمرار، حسبما يفيد مراسل القناة الأولى في التلفزيون الألماني ARD أندرياس ماير فيست.

وتشكل هذه القاعدة وسيلة لخلق “العدالة الضريبية” الشخصية، ففي هولندا – على عكس ألمانيا – لا توجد فئات ضريبية، ويوجد عوضاً عنها الكثير من الخيارات للتخطيط الضريبي الفردي مع العديد من خيارات الإعفاء.

وكانت الحكومة الهولندية قد خفضت بالفعل فوائد “النظام الضريبي للوافدين” في عام 2023، وتخطط لمزيد من التخفيضات. وهناك تحديدات للحد الأدنى والحد الأقصى للرواتب. ويُدرس الحق في التخفيض المحتمل بناءً على الراتب النهائي الخاضع للضريبة، ويجب أن يكون أكثر بكثير من 40 ألف يورو سنوياً بعد استنفاد الحوافر الضريبية. وبالتي فإن هذا يعني: أن الأجر في الواقع يجب أن يكون أعلى من ذلك بكثير.

وتظهر هذه الضوابط المعقدة أنها لا تقوم على منح ميزات ضريبية مناسبة للجميع – كما أنه ليس “مكافأة” تهدف لسد الفجوات بالقادمين الجدد، وإنما تهدف إلى توسيع نظام مزايا الإعفاءات الضريبية للعمالة الماهرة الوافدة إلى هولندا لفترة زمنية معينة لتسهيل عملية الانتقال بالنسبة إليهم. وهذا هو الفارق الأهم في النقاش الدائر في ألمانيا.

ديرك كاوفمان – DW عربية

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

قاطرة أوروبا في أزمة.. انكماش الاقتصاد الألماني خلال 2023 فما هي الأسباب؟

أعلن مكتب الإحصاء الحكومي الألماني (ديستاتيس) عن انكماش الاقتصاد الألماني بمقدار 0.3% خلال الربع الأخير من العام الماضي وهو ما وضع أكبر اقتصاد في أوروبا ضمن الأسوأ أداءً خلال العام المنصرم مقارنة مع دول مجموعة السبع الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
27 − 3 =