قطاع غزة: تقرير حقوقي يسلط الضوء على معاناة عائلات المهاجرين المفقودين

في تقرير بعنوان “أعجز عن الحصول على لقب أرملة”، يشرح المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان التبعات التي تقع على عائلات المهاجرين الفلسطينيين المفقودين على طريق الهجرة، مسلطاً الضوء على الجوانب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية.

أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريراً مطلع آذار/مارس الجاري، وثق فيه التبعات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي تقع على عائلات في قطاع غزة في فلسطين، ممن حاول أقاربهم الهجرة إلى أوروبا، لكنهم فقدوا خلال الرحلة.

وشرح التقرير الذي يحمل عنوان “أعجز عن الحصول على لقب أرملة”، هذه التبعات التي تبدأ بغياب المعلومات الرسمية بشأن مصير المهاجرين، سواء من قبل سلطات الدول التي فُقد المهاجرون قبالة سواحلها أو على حدودها، أو من قبل السلطة الفلسطينية المسؤولة عن متابعة شؤون رعاياها في الخارج، ناهيك عن التبعات النفسية والاجتماعية التي تقع على عائلات المهاجرين في ظل غياب أي معلومات عن ذويهم.

وحتى في حالة العثور على جثث الغرقى، تعيش العائلات معاناة التحقق من جثث أبنائها ومحاولة إرسالها إلى قطاع غزة، في مهمة تعتبر شبه مستحيلة في أغلب الأحيان.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عام 2006، في تعميق معاناة الشعب على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى الصعوبات المتعلقة بتقييد الحركة وانعدام الأفق والبطالة، وانعدام الاستقرار السياسي والأمني، والتي تساهم جميعها في دفع آلاف الغزيين لمغادرة بلادهم في رحلة تكلفهم مبالغ تتراوح بين 5 و10 آلاف دولار أمريكي.

وأجرت فرق المرصد 50 مقابلة شخصية مع ذوي مهاجرين غادروا غزة وفقد أثرهم، في الفترة بين آب/أغسطس 2014 وشباط/فبراير 2023، قبل أن تحلل نتائج هذه المقابلات وتبني التقرير عليها.

السفر إلى تركيا ثم محاولة دخول أوروبا هي الطريق التي يسكلها معظم المهاجرين الغزيين

وبناء على التقرير، كانت إيطاليا الوجهة الرئيسية للمهاجرين الغزيين في عامي 2013 و2014، انطلاقاً من السواحل الشمالية لمصر، لكن هذا الطريق بات نادراً جداً بعد حادثة غرق سفينة مهاجرين في أيلول/سبتمبر 2014. ومن ذلك الحين، تتمثل الطريق الأكثر شيوعاً في سفر المهاجرين من مصر إلى تركيا عبر الطائرة، ثم محاولة الدخول إلى اليونان براً او بحراً.

أما الهجرة انطلاقاً من سواحل ليبيا، فلا يفضلها هؤلاء المهاجرون “لارتفاع نسبة المخاطرة”، وغرق العديد من المهاجرين الغزيين على ذلك الطريق، كان آخرهم سبعة مهاجرين في تشرين الأول/أكتوبر 2022.

تقصير في الدور الرسمي

وسلط الجزء الأكبر من التقرير الضوء على معاناة أهالي المفقودين، والصعوبات التي يواجهونها للعثور على ذويهم، والتبعات التي تقع عليهم في ظل خصوصية وضع قطاع غزة. كما أشار إلى “تقصير” في الدور الرسمي من قبل السفارات والقنصليات والممثليات والبعثات الدبلوماسية، في تتبع هؤلاء المهاجرين، والعثور على جثثهم، والتأكد من هوياتهم، قبل إرسالهم إلى غزة للدفن والذي لا يحدث دائماً.

وذكرت عائلات ضحايا حادثة الغرق في تشرين الأول/أكتوبر 2022، أن السفارة الفلسطينية في ليبيا أبلغتهم أن أبناءهم بخير وأنهم محتجزون لدى السلطات الليبية، قبل أن يتضح عكس ذلك.

وفي هذه المرحلة، تواجه العائلات المهمة الصعبة جداً والتي تكمن في جلب جثث أبنائها إلى غزة، والتي يعقدها عدم اعتراف أغلب دول العالم بالحكومة المتواجدة في غزة والمتمثلة في حركة حماس، ممدا يدفع العائلات للتواصل مع السلطة الفلسطينية في رام الله للتوسط لدى سلطات هذه الدول.

ووفقاً للتقرير، يضطر كثير من أقارب الضحايا للسفر بأنفسهم لجلب جثث أحبائهم، ما يثقل كاهلهم بأعباء مادية كبيرة، بينما لم يتمكن آخرون من نقل الجثث لأن تكلفة العملية تصل إلى “25 ألف دولار أمريكي”.

البحث عن المهاجرين المفقودين.. الحلقة الأكثر تعقيدا في هذه الأزمة

في ظل صعوبة الحركة من وإلى قطاع غزة، بالإضافة إلى محدودية الإمكانيات التقنية، تواجه العائلات الغزية صعوبات كبيرة في نقل عينات من الحمض النووي لمقارنتها مع تلك الخاصة بالجثث، ويحاول ذوي المفقودين القيام بذلك عبر جهود فردية، وتواصل مباشرة بينهم وبين ما يعرف بـ”مقابر الغرباء”.

وفي بعض الأحيان، تقع هذه العائلات ضحايا لعمليات الابتزاز التي يقوم بها أفراد يستغلون لهفة ذوي المفقودين، ويوهمونهم بامتلاكهم معلومات عن مصير أبنائهم، غالباً ما تكون كاذبة أو مضللة، لقاء مبالغ مالية.

وبحسب التقرير، ترفض الكثير من العائلات إعلان وفاة أبنائها بناء على معلومات مضللة وغير أكيدة تلقوها من أشخاص مجهولين، طالبوا بمبالغ مالية مقابلها. ومن جانب آخر، تعتبر إجراءات إعلان الوفاة من هذا النوع معقدة جداً إدارياً في غزة، ومكلفة مادياً، ولها تبعات اجتماعية على أسر المفقودين خاصة في مجتمع محافظ كالمجتمع الغزي.

وفي ظل هذه الحالة من التردد، تجد زوجات المفقودين أنفسهن في الموقف الأصعب، إذ لا يتمكن من تحولات حالاتهن الاجتماعية من متزوجات إلى أرامل، ما يعلق حياتهن لسنوات، ويتركهن في ثياب الحداد لفترات طويلة.

وختم المرصد التقرير بتوصيات لإسرائيل بإنهاء حصارها على غزة، وللسلطة الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها تجاه رعاياها، وهذا يشمل العثور عليهم احياء أو أمواتا، ونقلهم إلى غزة، بالإضافة إلى حماية أسرهم من الابتزاز. كما دعا لإطلاق مشاريع دعم اجتماعي ونفسي لعائلات المفقودين.

ميادين – مهاجر نيوز

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجيا رفضا لقمع الأصوات المعارضة لإسرائيل.. فيديو

يدعو طلاب الجامعات على غرار طلبة جامعة هارفارد إلى فصل المؤسسات التعليمية عن أي شركات تنشط في مجال تطوير الأسلحة الإسرائيلية وحربها على غزة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
3 × 14 =