مجزرة تكساس الامريكية: العنف عقلية دولة ايضا

الامريكي عدو للامريكي ..السيناريو ذاته يتكرر بين فترة و اخرى.. مدنيون من مختلف الاعمار ضحية الرصاص في البلد الاقوى والاكثر تصنيعا و تصديرا للسلاح في العالم و في مناطق الحروب و النزاعات ..اصابع الاتهام غالبا ما توجه الى مختل في المدارك العقلية او متطرف خارج السرب قبل ان يصدم الراي العام الامريكي مجددا و يستفيق على وقع مجزرة اشد وقعا مما سبق … خلف صور الموت و الدم و الاشلاء هناك ايضا خطاب سياسي مكابرذو مكيالين و خطاب للنخب حاقد وعنصري و خطاب اعلامي سطحي في التعاطي مع الاحداث …

وكل ذلك يشكل ارضية مهيأة لمزيد التطرف و التنافس على امتلاك السلاح و كل ادوات الموت و الدمار و الام يتجاوز الافراد الى الانظمة و الحكومات و كلما استثمرت امريكا في خطاب العزل و العداء و الحصار لاعداءها كلما دفعت بهم الى البحث عن كل السبل لضمان ما يكفي من السلاح ليس لكسب المعرك و الحروب التي لا يقدرون عليها و لكن لازعاج غريمتهم امريكا ..

صادمة و مروعة و مؤلمة الصورالمتواترة عن ضحايا القتل اليومي بالسلاح في امريكا و هي بالتاكيد اشد وقعا عندما يكون الضحايا من الاطفال و التلاميذ في مدارسهم فهل هناك مكان اكثر امانا للطفل من المدرسة و من المعلم ..الاكيد ان في تواتر هذه الحوادث الدموية ما يؤكد أن السبب لا يتوقف عند حدود انتشارالسلاح في هذا البلد واللوبيات الداعمة له و هو أمر يقره الدستور الامريكي و لكن ربما يتنزل الامر في الاسباب الخفية او الاسباب التي لا يراد لها أن تطرح لمواجهة هذه المسألة الخطيرة التي تستنزف المجتمع الامريكي حيث لا يكاد يمر يوم دون تسجيل احداث دموية تكشف عن نزعة خطيرة للعنف و اراقة الدماء التي جد لها في عقلية الكوبوي cow boy او رعاة البقر و افلام الوسترن مبرراتها و دوافعها التي لم تنفع ربما في اقتلاعها الاجراءات القانونية و التشريعات التي تلاحق متفذي هذه العمليات …المثير و المفزع فعلا انه كلما سجلت مجزرة مثل التي عاشت على وقعها مدينة تكساس في الساعات القليلة الماضية و كان مسرحها احد المدارس الابتدائية او التي شهدتها نيويورك قبل عشرة ايام الا و اتضح ان وراءها عقلية سادية عنصرية رافضة للامريكي المختلف عن الامريكي الابيض في لونه او دينه او جذوره و هي عقلية تجلت تداعياتها بوضوح خلال غزوة الكونغرس بعد هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية و خروج انصاره لاقتحام مبنى الكونغرس و استهداف رمز اديموقراطية في امريكا الامر ليستفيق الامريكيون بذلك على وقع مخاطر الانقسام الذي ينخر المجتمع الامريكي …

بعد هجمات 11 سبتمبر كتب الصحفي الامريكي توماس فريدمان مقاله الشهير الذي سرعان ما تحول الى عنوان للخطاب السياسي الرسمي لماذا يكرهوننا و بعد نحو عشرين عاما على تلك الهجمات و ما تلاها من حروب و اجتياحات من افغانستان ال العراق يبقى السوا ذاته قائما و لكن مه قابلية تغيير المقصود فقد بات يتعين على فريدمان ان يشسال لماذا يكره الأمريكي مواطنه الامريكي و هل ان الامريكي اليوم ضحية للخيارات السياسية الامريكية التي اسقطت خيار الاستثمار في خطاب السلام كما في خيار السلام على المستوى الداخلي كما الخارجي فساعدت في تفريخ التطرف و التباغض و الحقد بين الامريكيين .. فرخت كل هذا العنف و الحقد على المستويين الداخلي عبر جرائم القتل بالرصاص التي ينفذها الامريكي ضد مواطنه الامريكي و المستوى الخارجي و التيينساق اليها الجيش الامريكي في مهامه الخارجية و الحروب التي يقودها تحت امرة الادارة الامريكية ..

الارجح ان فصول العنف و الماسي التي تلاحق الامريكيين في الشوارع او الجامعات او المدارس و حتى في الكنائس لا يمكن ان تتوقف باستصدار مزيد القوانين المقيدة لحيازة السلاح صحيح ان الاجراءات القانونية قد تساعد في الحد من الظاهرة و لكنها لن تدفع الى و فالعوائق السياسية و القانونية لمنع حيازة و استخدام السلاح ستظل قائمة لان اللوبيات التي تقتات منها لن تقبل ذلك و لكن و هنا مربط الفرس لان هناك صلب المجتمع الامريكي و صلب القيادات السياسية و مؤسسات صنع القرارمن يعتبر أن القوة والاحساس بالتفوق على الجميع هي التي يجب ان تقود امريكا في تحديد سياساتها في الداخل و الخارج ..

مأساة الامس الدموية في تكساس تزامنت مع جولة بايدن الاسيوية و هي الاولى له منذ انتخابه و هي جولة اتسم معها خطابه بالتهديد والوعيد والقنابل والحروب الكلامية التي وزعها بين بيونغ يانغ وموسكووطهران وبيكين و التي لا يمكن الا ان تكرس عقلية التناحر و التنافس على السلاح بدءا من الداخل الى الخارج ..

اسيا العتروس – تونس

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

مظاهرات الجامعات الأميركية.. مراجعة وعِبَر

يتظاهر طلبة أميركا مطالبين بالحرية لفلسطين، ووقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية واستلاب للحقوق منذ 76 عامًا وتتوسع مظاهراتهم إلى أوروبا وغيرها، ولا تجد لها صدى في بلدان وجامعات المَوات العربي. فإلى أي مدى تفيد تلك المظاهرات في الزمان والمكان في نصرة فلسطين، وتغيير السياسات الإمبريالية الأميركية المنحازة للكيان الصهيوني انحيازًا تامًا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
28 + 13 =