لعل أصدق ما قيل حول الهجمات الصاروخية من جنوب لبنان إلى إسرائيل هو تغريدة أفيغدور ليبرمان رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” الذي قال فيها: “رئيس حكومة بنيامين نتنياهو خلال ثلاثة أشهر جرّ إسرائيل إلى وضع مستحيل. إسرائيل لم تشهد مثل هذا الانهيار من الداخل والعزلة من الخارج على الإطلاق”.
لقد دفعت حكومة نتيناهو المتطرفة الأوضاع إلى حافة الهاوية ولم تقتنع هذه الجوقة من المتطرفين بأن للمسجد الأقصى حرمته ولا يجب انتهاكها. ضربوا المصلين أثناء الصلاة، واعتقلوا المصلين وضربوا المحتجين بالرصاص المطاطي ومهدوا الطريق للمتطرفين المستوطنين إلى تخضير أنفسهم لاقتحام المسجد الأقصى في عيد القرابين وغيرها من المناسبات.
لقد تعمد محور المقاومة أن يطلق هذه الرشقات من الصواريخ من الأراضي اللبنانية لتوجيه رسالة واضحة للمحتل بأنّه لا يمكن لأحد أي كان أن يستفرد بالفلسطينيين والجميع في هذا المحور معني بالدفاع عن الفلسطينيين بما في ذلك إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن حتى.
لقد كسر الهجوم الحالي من الأراضي اللبنانية نظرية الردع والردع المتقابل التي أسست في أعقاب حرب 2006، لقد تحولت هذه النظرية اليوم إلى نظرية “توحيد الساحات” ونقصد بتوحيد الساحات بأنه ينظر إلى محور المقاومة ككتلة واحدة. توحيد الساحات يعني بأن سوريا مسؤولة عن أي فلسطيني أو لبناني وحزب الله مسؤول عن اليمنيين وإيران مسؤولة عن العراق ولبنان وسوريا، بعبارة أخرى هناك تشابك في الحماية والدفاع بين محور كامل مستعد للدخول في حرب إذا ما تعرض أي من أعضائه لإعتداء.
من الناحية العسكرية، أطلق 34 صاروخ من نوع كاتيوشا وغراد من منطقة المعلية جنوب مدينة صور إلى الأراضي المحتلة. دوّت صفارات الإنذار في كل مكان في إسرائيل في أول أيام عيد الفصح الذي يحتفل فيه الإسرائيليون. كما فشلت القبة الحديدة بتدمير الصواريخ كاملة بحيث دمرّت 25 من أصل 34 صاروخ.
لأول مرة منذ سنوات عديدة تتريث إسرائيل في الرد على هذه الهجمات وذلك لإن الهجمات المفاجئة وفشل القبة الحديدية بتحييد جميع الصواريخ غير المتطورة والقديمة من طراز غراد وكاتيوشا، أظهرت مدى الضعف الإسرائيلي وفهم إسرائيل بأنها غير قادرة على فتح أي جبهة مواجهة مع أي من أعضاء المحور.
تفرغت القيادات العليا في إسرائيل هذه المرة بتبرئة حزب الله من هذه الهجمات، حيث تصر القيادات الأمنية الإسرائيلية بأن من نفذ هذه الهجمات هي المجموعات الفلسطينية وبشكل محدد حماس. لقد أصبح واضحاً للجميع في إسرائيل بأنّ الصواريخ القديمة دفعت إسرائيل إلى العجز وتخلية البيوت من سكانها فما بالك إذا ما قرر حزب الله الدخول في مواجهة كاملة مباشرة مع العدو وهو يمتلك 150 ألف صاروخ بالستي ذو دقة عالية وهو يمتلك آلاف الطائرات المسيرة التي ستحول إسرائيل إلى جحيم.
أخيراً، إن الخيار الأمثل لإسرائيل بعد الهجمات المفاجئة والمدمرة من قبل الأراضي اللبنانية هو أن ترد إسرائيل باستهداف مناطق خالية في لبنان وهذا هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يحيّد حزب الله من التدخل بشكل مباشر في المواجهة مع إسرائيل وفتح جميع الجبهات (جبهة غزة، جبهة القدس والضفة الغربية، جبهة حزب الله). هذه المعادلة الجديدة غيرت ما كان سائداً فيما بعد حرب 2006 وعليه فقد أصبحت النظرية السائدة في العملية العسكرية بين إسرائيل ومحور المقاومة هي “توحيد الساحات” هذه المعادلة الوحيدة التي ستؤدب إسرائيل وتدفعها لإعادة النظر بجوقة المتطرفين وإسقاطهم بقيادة الدكتاتور نتنياهو.
فاطمة عواد الجبوري – كاتبة وباحثة عراقية
تويتر – @fatimaaljubour