ينازعون من أجل لقمة العيش.. العمالة الزراعية في مصر تعاني الإهمال

“لا يبدو أن فيروس كورونا مر من هنا” لا تجد أبلغ من هذا الوصف وأنت تتجول بالأراضي الزراعية على مرمى البصر في القليوبية إحدى المحافظات التي تعتمد على الزراعة مهنة أساسية.

يستفتح الجميع يومه مع التباشير الأولى من الصباح، ليبدأ المزارعون عملهم برعاية الأرض وانتظار موسم الحصاد أو لجني الثمار وقطفها بواسطة العمالة الزراعية الذين يقع عليهم عبء عملية الحصاد وجني الثمار.
الجميع هنا تجده يعمل بلا تباعد اجتماعي ولا كمامات، فهذه المصطلحات ليست مألوفة لدى العمال الباحثين عن قوت يومهم في الريف.
أما عن وتيرة العمل فيسير في صورة مناوبات صباحية ومسائية يكدح خلالها العامل لساعات تتخللها جلسات استراحة يقضيها مع زملائه سويا لتناول مشروب ساخن والتقاط أنفاسهم، لتعود الكرة ويستمرون حتى انتهاء مناوبتهم.

إحصائيات

تعد العمالة الزراعية من أكثر أنواع العمالة انتشارا في مصر، بحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادر منتصف فبراير/شباط من العام الماضي الذي يؤكد وصول عدد المشتغلين في هذا المجال إلى 26.621 مليون شخص مما يجعلها المهنة الرئيسية بالقرى والمحافظات المختلفة.
الأرقام الرسمية من وزارة الزراعة تقدر الاستفادة من تصدير الحاصلات الزراعية بنحو 33 مليار جنيه (نحو 2.1 مليار مليون دولار) قيمة الصادرات الزراعية خلال 2020، ورغم ذلك تحصل العمالة الزراعية على الفتات في ظل ظروف عمل قاسية وصعبة.
واقع ما يمر به المزارعون تجده في حمادة عوض، هو عامل زراعي ثلاثيني يتجه لمقر عمله في حقول البرتقال ليعول نفسه وأسرته المكونة من زوجته وأبنائه الثلاثة، كحال العاملين بالزراعة في المحافظات.

يوم في الريف

يقول حمادة للجزيرة نت “منذ نعومة أظافري وأنا أعمل بمهنة جمع وقطف الموالح كغيري من شباب القرية فنحن لا نعرف مهنة غيرها” مشيرا إلى أن عملية جمع الثمار تبدأ عقب صلاة الفجر وتستمر حتى وقت غروب الشمس، حسب طبيعة اليوم والشحنات المطلوب جمعها، وهو ما يجعله يعود إلى المنزل للنوم مباشرة بسبب مشقة العمل.
وطبيعة وظيفة العمالة الزراعية يومية في المعتاد حيث يتجمع نحو 8 أفراد في الصباح الباكر بالحقول، ويتولى البعض قطف الثمار، والآخرون يقومون بفرزها، ومنهم من يقوم بحمل الصناديق ونقلها من الحقول إلى سيارات النقل تمهيدا لمرورها بمنطقة التصدير التي ستتجه لها.
ويؤكد المواطن الكادح أنه بسبب عدم وجود خيارات متعددة للعمل بفرص عمل أخرى، يعمل شباب القرية في هذه المهنة المرهقة والتي يحصلون فيها على نحو 100 جنيه كأجر يومي.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ يعاني حمادة كغيره من الصعوبات المتصلة بمهنته والمتمثلة في صعوبة جمع الثمار وإمكانية الإصابة بالوجه واليد خلال القطف من فروع الأشجار الحادة، فالأشجار بحاجة للتسلق، والأغصان غير واضحة وحادة مما قد يؤدي لتعرضه وزملائه للسقوط أو إصابة الوجه والقدم.
ويقول حمادة “صاحب المزرعة لا يمكنه تحمل وانتظار العامل لو أصيب لفترة كبيرة من الزمن، مما يجعله عاطلا عن العمل وبلا مصدر دخل خلال فترة الإصابة”.
علاء عيد، عامل زراعي آخر، أكد أن هذه المهنة داخل قريته تعاني من غياب معايير العمل التي تضمن لهم حياة كريمة، حيث يعملون منذ الصباح الباكر وبمقابل ضئيل دون وجود تأمين صحي أو تعيين كعمالة زراعية تعمل باليومية، مما يجعل حياتهم غير مستقرة ماديا في ظل تحديات الحياة المتصلة بالمسؤوليات والمتطلبات الأسرية وما يتداخل مع مخاطر العمل التي قد تعرضهم لإصابات خطرة.
ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن عملهم يتم بصورة يومية في جني وحصاد البرتقال، وإن كان المقابل لا يغطي باقي العام. كما أن انقطاعهم عن العمل يوما واحدا وحصولهم على إجازة بسبب أي ظروف يعني تضررهم وتضرر أسرهم بسبب خلل في الميزانية.
وأوضح أن الموسم في أي زراعة بالقرى والمحافظات يستمر ما بين 3 و4 أشهر فحسب، وباقي العام يظل عاطلا عن العمل كحال غيره من العمالة الزراعية، ويضطر للعمل في أي مهنة حرة أخرى كنقل أثاث المنازل.
وتساهم الصادرات الزراعية بنحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، كما يستوعب القطاع نحو 25% من إجمالي العمالة ونحو 40% من العمالة بطريقة غير مباشرة، وهو رقم ضخم يشي بالحاجة إلى الاهتمام بتلك العمالة داخل المحافظات التي تعد الزراعة الحرفة الأساسية فيها.
وحسب ما أكده الخبير الزراعي أحمد عزت، في تصريحاته للجزيرة نت، أن المزارعين والعاملين بالمهن الزراعية بحاجة إلى نظرة من الدولة لتقنين أوضاعهم لاسيما العمالة اليومية التي تبذل الكثير من الجهد لخروج المنتج الزراعي ومن ثم تصديره للخارج، حيث يحتاجون إلى دخل ثابت ونظام يضمن حقوقهم ويؤمن مستقبلهم.

حسن المصري – القاهرة / الجزيرة

World Opinions | Débats De Société, Questions, Opinions et Tribunes.. La Voix Des Sans-Voix | Alternative Média

تصفح ايضا

معرض السيارات الدولي في ميونيخ.. ساحة “حرب” ضروس بين ألمانيا والصين!.. فيديو

يأتي معرض السيارات الدولي في ميونيخ هذا العام وسط ضغوط هائلة يتعرض لها المصنعون الألمان. فالشركات الصينية تسعى لكسر الهيمنة الألمانية من خلال سياراتها الكهربائية الحديثة، بينما تؤكد الشركات الألمانية أنها لن تستسلم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Solve : *
8 × 3 =